عنوان الفتوى : قطوف من حال نبينا صلى الله عليه وسلم وسلفنا الصالح في رمضان
أحب الأعمال إلى الله في رمضان بعد الصوم والصلاة وزكاة الفطر حيث إنني أحب أن يرفع عملي كاملا إن شاء الله تعالى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا أردت معرفة أحب الأعمال إلى الله في رمضان، فتأمل في حال الرسول صلى الله عليه وسلم، وحال أصحابه والتابعين في هذا الشهر المبارك، فإنك لن تجد أفضل عند الله تعالى ولا أحب إليه من أعمالهم، فأما حال النبي صلى الله عليه وسلم في رمضان فقد كان يخص رمضان من العبادة بما لا يخص غيره من الشهور، ويكثر فيه من أنواع العبادات فكان جبريل يدارسه القرآن في رمضان، وكان صلى الله عليه وسلم إذا لقيه جبريل يكون أجود بالخير من الريح المرسلة، وكان أجود الناس، وأجود ما يكون في رمضان، يكثر فيه من الصدقة والإحسان وتلاوة القرآن والصلاة والذكر والاعتكاف.
أما السلف الصالح فقد عرفوا قيمة هذا الشهر، فشمروا فيه عن ساعد الجد، واجتهدوا في العمل الصالح، فقاموا الليل إلا قليلاً، وكانوا يحرصون على الزيادة في الإنفاق في هذا الشهر المبارك، فيطعمون الطعام، ويفطرون الصائمين، حتى كان أحدهم يؤثر غيره بفطوره وهو صائم، وكان ابن عمر لا يفطر إلا مع اليتامى والمساكين، وكان الحسن البصري وابن المبارك يطعمان إخوانهما الطعام، ويقومان على خدمتهم، وأما حالهم مع القرآن فكانوا يكثرون من قراءة القرآن في هذا الشهر، وربما تركوا مدارسة العلم ليتفرغوا للقرآن، فكان عثمان يختم القرآن كل يوم مرة، وبعضهم في ثلاث ليال، وبعضهم في كل سبع، وكان للشافعي ستون ختمة يقرؤها في غير الصلاة، وكان الزهري إذا دخل رمضان يترك قراءة الحديث ومجالسة أهل العلم، ويقبل على قراءة القرآن، وكانوا مع ذلك كله أحرص ما يكونون على إخفاء أعمالهم، وتحري الإخلاص فيها، خوفاً على أنفسهم من الرياء.
وبعد هذا نقول لك أيها الأخ السائل: فهذه قطوف وشذرات من حال نبينا صلى الله عليه وسلم وسلفنا الصالح في شهر رمضان، فاحرص على أن تعيش رمضان كما عاش نبيك، وسلف الأمة من بعده، الذين قدروا هذا الشهر حق قدره، واغتنموا أيامه ولياليه فيما يقربهم إلى ربهم.
والله أعلم.