عنوان الفتوى : حكم الصيام لمريض الكلى الذي يقوم بغسلها نهارا
والدي لديه فشل كلوي، ويقوم بغسل الكلى عن طريق الغسيل البريتوني، وهو عبارة عن إدخال محلول الماء إلى البطن وإخراجه أيضاً من البطن عبر قسطرة تم عملها للمريض في البطن، وقد قام والدي بسؤال الطبيب هل يستطيع أن يصوم رمضان؟ فقال له لا مانع طبياً، فالصيام لن يضره، فهل شرعاً يستطيع والدي الصيام، وهو يقوم بغسل الكلى بهذه الطريقة؛ خصوصا أن الماء يدخل إلى الجسم عن طريق قسطرة في البطن، ويجب أن يغسل في اليوم أربع مرات ـ أي يجب أن يغسل بعض المرات وهو صائم؟ أم أن عملية غسل الكلى بهذه الطريقة تفطره فهو لا يستطيع أن يتوقف عن الغسيل، لأن ذلك يضر به؟ وماذا يفعل؟ وهل يصوم لأن الصيام طبياً لا يؤثر على صحته؟ أم أن ذلك مفطر فلا يصوم رمضان، ويقوم بإخراج فدية عن الشهر كله؟.
الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فقد علمنا من بعض الأطباء المختصين في علاج الكلى أن الغسيل البريتوني يصحبه إدخال محاليل تمتص المعدة شيئا منها، وتحصل بها تغذية للجسم، ومادام الأمر كذلك فإنه يعتبر مفطرا يفسد به الصيام، فإن استطاع المريض تأجيل الغسيل إلى ما بعد الغروب من غير ضرر عليه تعين عليه ذلك حتى يحفظ صيامه، سئل الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله تعالى ـ هل غسيل الكلى يفسد الصوم؟ فأجاب بقوله: أولاً: بارك الله فيك الذي يحتاج إلى الغسيل هل يمكن أن يغسل في الليل أم لا؟ السائل: لكنهم يغسلون في النهار، الشيخ: أسألك: هل يمكن أن يقول للأطباء: سأكون أغسل في الليل، إذا كان يمكن فلا يجوز في رمضان أن يغسلها في النهار، وإذا كان لا يمكن فإنه يفطر في النهار، لأنه مريض، ويقضي فيما بعد.... اهــ.
وقال أيضا عن غسيل الكلى: أخشى أن يكون في هذا الغسيل مواد مغذيه تغني عن الأكل والشرب، فإن كان الأمر كذلك فإنها تفطر، وحينئذ إذا كان الإنسان مبتلىً بذلك أبد الدهر يكون ممن مرِضَ مرضاً لا يُرجى برؤه فيطعم عن كل يوم مسكيناً، وأما إذا كان ذلك في وقت دون آخر فيفطر في وقت الغسيل ويقضي بعد ذلك. اهــ.
وفي كتاب ثمرات التدوين مِن ْمَسَائِل ابنِ عُثَيْمِيْن: سألت شيخنا رحمه الله: هل الغسيل البريتوني لمريض الكلى يفسد صومه؟ فأجاب: إذا كان لا يتغذى به، ولا تصل مادته المعدة فليس بمفطر. انتهى.
وعلى هذا، إن تعذر الغسيل ليلا لخشية الضرر أو عدم وجود مواعيد في ذلك الوقت جاز له أن يغسل الكلى ويقضي مكان اليوم يوما آخر، وإن تعذر عليه القضاء لاستمرار مرضه فهو ممن لا يرجى يرؤه فيسقط عنه الصيام وينتقل إلى البدل وهو إطعام مسكين عن كل يوم، وانظر الفتوى رقم: 238375، عن الإطعام وقدره.
ونسأل الله أن يعجل لوالدك بالشفاء.
والله أعلم.