عنوان الفتوى : نسبة النبي صلى الله عليه وسلم إلى عدنان والعرب المستعربة لا ينفي عنه أنه عربي
نشكركم على هذا الموقع المفيد وجعله الله في ميزان حسناتكم: أردت أن أسأل عن أصل الرسول صلى الله عليه وسلم، أعلم أنه عربي، لكنني سمعت أنه عربي مستعرب، دخلت يوم أمس على النت ورأيت أن القبيلة التي ينتمي إليها أصلها عدناني، فأصبحت أشك إلى درجة أنني أنظر إلى نفسي في المرآة هل أبدو أعجمية؟ فما معنى عدنانيين أو مستعربين)؟ وهل يعني أنهم ليسوا عربا؟ أحسست أنني غريبة عن بلدي ولست عربية بعد سماع هذا، لأنني أحب أن أكون عربية، قد يكون الأمر بالنسبة لكم مضحكا، فهل أصل رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام أعجمي، ولا نعتبر من العرب في الأصل؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبداية نشكر السائلة الكريمة، ونقول لها: هوني على نفسك فالأمر سهل وليس كما تتصورين، فالناس كلهم لآدم وآدم من تراب، والإسلام لا ينظر إلى الأنساب ولا يعلق عليها الأحكام ولا يرتب عليها الأعمال، وأكرم الناس عند الله أتقاهم لله، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ {الحجرات :13}.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى: لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ آيَةٌ وَاحِدَةٌ يَمْدَحُ فِيهَا أَحَدًا بِنَسَبِهِ، وَلَا يَذُمُّ أَحَدًا بِنَسَبِهِ، وَإِنَّمَا يَمْدَحُ الْإِيمَانَ وَالتَّقْوَى وَيَذُمُّ بِالْكُفْرِ وَالْفُسُوقِ وَالْعِصْيَانِ. اهـ
أما نبينا صلى الله عليه وسلم: فلا شك أنه عربي، ولسانه عربي، وقومه عرب، والقرآن الكريم نزل بلغتهم، كما قال تعالى: إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ {يوسف:2}.
وجاء في حديث ضعفه أهل العلم: أحبوا العرب لثلاث: لأني عربي، والقرآن عربي، وكلام أهل الجنة عربي. أخرجه الحاكم في المستدرك، والطبراني في الكبير والأوسط، والبيهقي في شعب الأيمان.
وكون عدنان من العرب المستعربة لا ينفي أنهم عرب، فإن العربية اللسان، وهؤلاء هم أفصح من نطق بلغة الضاد، وقد نزل القرآن بلغتهم، وانظري الفتويين رقم:: 7868، ورقم: 59272.
والعرب العدنانيون هم عرب الحجاز وما حولها المنتسبون إلى عدنان جد النبي صلى الله عليه وسلم، وهو من ذرية إسماعيل بن إبراهيم ـ عليهم السلام ـ فالنسابون يقسمون العرب إلى قسمين: عرب عاربة وهم القحطانيون وجدهم قحطان، وعرب مستعربة وهم العدنانيون وجدهم عدنان، جاء في كتاب نهاية الأرب في معرفة أنساب العرب للقلقشندي: وأما أنواع العرب: فقد اتفقوا على تنويعهم إلى نوعين عاربة ومستعربة، فالعاربة هم العرب الأولى الذي فهمهم الله اللغة العربية ابتداء فتكلموا بها فقيل لهم عاربة. والمستعربة هم الداخلون في العروبية من بعد العجمة.. ثم اختلفوا في العاربة والمستعربة، فذهب ابن اسحاق والطبري إلى أن العاربة هم عاد وثمود وطسم وجديس.. والمستعربة بنو قحطان بن عابر وبنو إسماعيل عليه السلام، لأن لغة عابر وإسماعيل ـ عليه السلام ـ كانت عجمية.. وذهب آخرون منهم صاحب تأريخ حماة إلى أن بني قحطان هم العاربة وأن المستعربة هم بنو إسماعيل فقط، والذي رجحه صاحب العبر: الرأي الأول. اهـ
وعلى كل حال، فالكل ـ من العاربة والمستعربة والعجم ـ قادم على ربه سبحانه وتعالى ليجزي الذين أساؤوا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى، قال الله تعالى: فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ {المؤمنون:101}.
والله أعلم.