عنوان الفتوى : كيف أتخلص من الكسل وأتفوق في الجامعة ؟

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

أنا شاب في بداية دخوله للجامعة ، لكني كسول خمول غير منضبط ، ولا أهتم بالوقت ، وأريد تحصيل المرتبة الأولى في القسم ، والسبب أن هُناك تخصصا في السنة الثانية يُقبل فيه صاحب المرتبة الأولى من كل قسم ، وأرغب حقًا في الالتحاق بهذا التخصص ، فأرجو تقديم خطوات تساعدني على تحقيق ذلك ؟

مدة قراءة الإجابة : 8 دقائق


الحمد لله
أخي الكريم
الكسل من أكبر العوائق التي تعيق الإنسان عن النجاح والفوز في الدنيا والآخرة ، ومن أفتك الأمراض التي تصيب النفس وتضعف العزم وتعيق عن الإقدام على النافع من الأعمال ، ولذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر من التعوذ منه .
عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ : ( اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الكَسَلِ وَالهَرَمِ ، وَالمَأْثَمِ وَالمَغْرَمِ ، وَمِنْ فِتْنَةِ القَبْرِ وَعَذَابِ القَبْرِ ، وَمِنْ فِتْنَةِ النَّارِ وَعَذَابِ النَّارِ ، وَمِنْ شَرِّ فِتْنَةِ الغِنَى ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الفَقْرِ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ المَسِيحِ الدَّجَّالِ ... ) رواه البخاري ( 6368 ) ، ومسلم ( 589 ) .
وعن أَنَس بْن مَالِكٍ ، قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي طَلْحَةَ : " ( التَمِسْ غُلاَمًا مِنْ غِلْمَانِكُمْ يَخْدُمُنِي ) ، فَخَرَجَ بِي أَبُو طَلْحَةَ يُرْدِفُنِي وَرَاءَهُ ، فَكُنْتُ أَخْدُمُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلَّمَا نَزَلَ ، فَكُنْتُ أَسْمَعُهُ يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ : ( اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الهَمِّ وَالحَزَنِ ، وَالعَجْزِ وَالكَسَلِ ، وَالبُخْلِ وَالجُبْنِ ، وَضَلَعِ الدَّيْنِ ، وَغَلَبَةِ الرِّجَالِ ) رواه البخاري ( 5425 ) ،
وعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ ، قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، إِذَا أَمْسَى قَالَ: ( أَمْسَيْنَا وَأَمْسَى الْمُلْكُ لِلَّهِ ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ) ، قَالَ الْحَسَنُ : فَحَدَّثَنِي الزُّبَيْدُ أَنَّهُ حَفِظَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ فِي هَذَا : ( لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ، اللهُمَّ ! أَسْأَلُكَ خَيْرَ هَذِهِ اللَّيْلَةِ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ هَذِهِ اللَّيْلَةِ ، وَشَرِّ مَا بَعْدَهَا ، اللهُمَّ ! إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْكَسَلِ وَسُوءِ الْكِبَرِ ، اللهُمَّ ! إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابٍ فِي النَّارِ وَعَذَابٍ فِي الْقَبْرِ ) رواه مسلم ( 2723 ).
والذي ننصحك به أخي الكريم للنجاة من هذه العلة الخطيرة ، اتباع الآتي :
أولا :
يجب عليك أن تعتقد أن الأمر كله بيد الله تعالى ، فعليك باللجوء إليه والإكثار من الدعاء والإلحاح فيه خاصة في أوقات الإجابة ، ولمعرفة هذه الأوقات راجع الفتوى رقم : ( 22438 )
ثانيا :
عليك بالإكثار من تذكير نفسك بأن فترة الدراسة الجامعية هي فترة قصيرة سريعا ما تنقضي ويذهب تعبها وراحتها ، وحزنها وفرحها ، ولا يبقى منها إلا نتائجها وآثار العمل فيها ، فعليك دائما أن تصور لنفسك فرح المجتهد ورضاه عن نفسه وهو يخرج في آخر السنة راجعا إلى بيته بنتائج نشاطه ، وحسرة المفرط ورجوعه إلى أهله مكسور الخاطر حزينا .
وتصّور العواقب من أكبر المحفزات على النشاط والعمل وترك الخمول والكسل ، ولهذه الحكمة نرى في الكتاب والسنة كثرة النصوص التي تتحدث عن أحوال ومنازل الصالحين في الجنة وأحوال ومنازل العصاة في النار.
ثالثا :
عليك ألا تغرق في اللحظة الحاضرة فيطول أملك ، فلا تنظر إلى حالك في هذه اللحظة وترى أن في الأمر سعة وسوف تذاكر غدا أو بعد غد أو قرب الامتحانات ؛ فطول الأمل هذا هو سبب الكسل والتسويف بأعمال الدنيا والآخرة .
قال ابن حجر رحمه الله تعالى :
" ويتولد من طول الأمل الكسل عن الطاعة والتسويف بالتوبة " .
انتهى من " فتح الباري " ( 11 / 237 ) .
ففكر دائما إذا لاح لك وقت مناسب للمذاكرة أنه ربما لا يتكرر كثيرا فقد تهجم عليك من الأشغال أو العوائق مالا تستطيع أن تذاكر معه ، فيجب استغلال كل فرصة مناسبة للمذاكرة .
رابعا :
تجنب كثرة مجالسة ومصاحبة من يكثر من الهزل واللعب ، والزم مصاحبة أهل الجد والاجتهاد من الطلاب الصالحين ، ومصاحبة أهل الاجتهاد تفيدك إن شاء الله تعالى من عدة جهات ، منها ؛ أنك تتشبه بهم في اجتهادهم ، وتستفيد منهم طرق المذاكرة وخبرتهم فيها ، كما تستفيد من علمهم وتحصيلهم .
خامسا :
أحيانا يكون الكسل والخمول علامة لبعض العلل والأمراض ، فيمكن أن تعمل تحليلا طبيا شاملا للتأكد من هذا .
سادسا:
حافظ على نظافة جسمك ، وداوم على الاغتسال والتطيب فهذا مما ينشط النفس .
قال ابن القيم رحمه الله تعالى :
" لما كانت الرائحة الطيبة غذاء الروح ، والروح مطية القوى ، والقوى تزداد بالطيب ، وهو ينفع الدماغ والقلب ، وسائر الأعضاء الباطنية ، ويفرح القلب ، ويسر النفس ويبسط الروح ، وهو أصدق شيء للروح ، وأشده ملاءمة لها ، وبينه وبين الروح الطيبة نسبة قريبة . كان أحد المحبوبين من الدنيا إلى أطيب الطيبين صلوات الله عليه وسلامه .
وفي " صحيح البخاري " أنه صلى الله عليه وسلم ( كان لا يرد الطيب ) .
وفي " صحيح مسلم " عنه صلى الله عليه وسلم : ( من عرض عليه ريحان ، فلا يرده فإنه طيب الريح ، خفيف المحمل ) ... " انتهى من " زاد المعاد " ( 4 / 256 ) .
سابعا :
واظب على الرياضة ، فنفعها في دفع الكسل بإذن الله تعالى من الأمور الثابتة والمجربة .
ثامنا :
ننصحك بمطالعة الكتب التي تهتم بهذا الموضوع ، ومن ذلك كتاب " الحرب على الكسل " ومؤلفه خالد أبو شادي ، "عجز الثقات" لمحمد موسى الشريف ، "الحور بعد الكور" للدويش ، "الفتور" ، ناصر العمر .

وكذلك واظب على قراءة سير العلماء والصالحين ففيها تذكرة بقيمة الوقت وتجد فيها القدوة الصالحة في الاجتهاد ، وللاطلاع على نماذج من ذلك طالع كتاب " قيمة الزمن عند العلماء " لعبد الفتاح أبي غدة رحمه الله تعالى .
ولمزيد الفائدة ننصحك بمطالعة الفتاوى رقم : ( 85362 ) ، ورقم : ( 138389 ) ، ورقم : ( 38594 ).

والله أعلم .