عنوان الفتوى : تشك في التزام أخيها بإقامة الصلاة : فهل تحتجب عنه وتقاطعه ؟
أخي في فترة المراهقة ، ولا يلتزم بالصلاة ، وينام عنها ، وأحيانا كثيرة يتركها بالكلية ، إلا عندما يزجره أبي ، مما يضطرني كثيرا لمقاطعته ، وعدم الحديث معه ، بل قررت أن لا أكشف وجهي أمامه ، وفعلت ذلك عدة أيام ، وعندما رأيته بدأ يصلي ، كشفت وجهي أمامه ، وعدت أحادثه ، لكني لست واثقة من جديته في الصلاة ، والتزامه بها ، وأشعر بالريبة والقلق ، وأرغب ألا أنام قي نفس غرفته التي ينام فيها ؛ فهل إذا شككت في عدم التزامه بالصلاة ، أعود لتغطية وجهي أمامه ، ومقاطعته ؟ وهل أحرض أهلي علي عدم مؤاكلتهم له ، وعدم محادثته ؟ علما بأني جربت معه النصح كثيرا ، ولم يفلح ، فلا أجد الآن سوى المقاطعة .
الحمد لله
أولا :
المشروع : أن يحتاط لأمر العورات بين الإخوة والمحارم ، خاصة من كان منهم في سن
المراهقة ؛ فإن التساهل في مثل ذلك : قد جلب كثيرا من الشرور والمفاسد ؛ فإذا أمكن
أن يكون للبنات غرف مستقلة للنوم ، لا يختلطن فيها مع إخوتهم من البنين : فلا شك أن
هذا أمر مطلوب ، ينبغي الحرص عليه ، فإن النائم لا يأمن من انكشاف عورته أثناء نومه
، فإذا كان أحدهما مستقيظا ، وانكشفت عورة الآخر : أمكن أن يجر ذلك من الفتن أو
المفاسد ، ما هو معروف في مثل ذلك .
ويتأكد الأمر : إذا كانت الغرفة لفردين فقط : أخا وأختا ، فإن إمكان المفسدة في مثل
ذلك : أكثر ورودا .
ويزداد الأمر أكثر وأكثر : إذا كان الوازع الديني أو الخلقي عند الطرفين ، أو عند
أحدهما ضعيفا ، ولم تكن هناك رقابة فاعلة من ولي أمرهما .
لكن إذا تعذر ذلك الفصل في
الغرف ، لضيق البيت ، فلا حرج أن يكون فراش الأولاد في نفس الغرفة التي يوجد فيها
فراش البنات ، لكن مع زيادة الاحتياط في أمر العورات ، وظهور صلاح الحال منهما ،
وشعورهما بحضور الأسرة دائما ، ومتابعة ولي أمرهما .
وحيث تخشى المفسدة ، أو تظهر بوادر ضعف الخلق ، أو الدين : فالواجب الاحتياط التام
في مثل ذلك .
وينظر : الفتوى رقم : (78833) .
ثانيا :
المشروع أن يحرص كل من الإخوة والأخوات على مصالح بعضهم البعض ، وليكونوا إخوة
متحابين ، متناصحين ، متآلفين ، بل هذا هو حق أخوة المؤمنين العامة ، فضلا عن أخوة
النسب ، التي تتأكد بها الحقوق ، وتزداد عن حقوق الأخوة العامة ، كما هو معلوم .
فإذا وجد الأخ أخاه ، أو أخته ، أو جدت الأخت أختها أو أخاها ، على غير هدى :
فالمشروع : نصحه ، والصبر عليه ، وبذل الجهد معه لاستصلاحه ، وإقامة أمره على مقتضى
الشريعة ، مع الصبر على ذلك ، واحتساب الجهد والأجر في ذلك عند الله ؛ قال الله
تعالى : ( يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ
الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ )
لقمان/17 .
ويتأكد ذلك : إذا كان المطلوب نصحه ووعظه : صغير السن مراهقا ؛ فإن هذه الفترة من
أصعب الفترات وأحرجها في حياة الولد أو البنت ، ولا ينبغي لمجرد النكوص أو الإعراض
: أن تظهر العداوات وتنشأ المشاحنات ، ولكن ليعطف الكبير على الصغير ، وليداره ،
وليصبر عليه ، وليبذل ما في وسعه لنصحه وإرشاده .
فننصح الأخت السائلة أن تتبع
مع أخيها أسلوب الترغيب والترهيب ، والحوار المقنع ، والكلام اللين النابع من قلب
محب مشفق ، وأخت قلقة على أخيها ، مع كثرة الدعاء له بالهداية والصلاح ، والاستعانة
بمن يمكن الاستعانة به لنصحه ، وخاصة بشأن الصلاة ، التي هي عمود الدين ، والمحافظة
عليها عنوان الفلاح ، والتهاون بها وبحقها علامة الخسران .
وتراجع إجابة السؤال رقم : (46876) .
وينظر جواب السؤال رقم : (50591) لمعرفة
كيف تنصح مقصراً في الصلاة ؟
ثالثا :
إذا بذلت معه كل المجهود ، وبالغت في النصح والإرشاد ، فلم ينصلح حاله ، وكان يغلب
على الظن أن في هجره والاحتجاب عنه ، وعدم الانكاشف أمامه : صلاح حاله ، فلا بأس
بذلك ، ويشرع حينئذ التوسل إلى تأديبه بما ينفع غالبا .
وإن كان لا يجدي ذلك نفعا ، كما هو الغالب على حال كثير من الناس في هذا الزمان :
فلا حاجة إليه ، وخاصة أن بعض الشباب إذا رأى من أخته أنها تحتجب منه ، قد يزيد في
العناد ويبالغ في المخالفة ، فمثل هذا لا ينبغي أن نصل إليه .
ومثل ذلك يقال في عدم
مؤاكلته ومجالسته ونحو ذلك ، سواء منك أو من أحد من أهل البيت : فمتى غلب على الظن
، وظهر من قرائن الأحوال : تأثره بمثل ذلك ، ورجوعه عما عليه ، شرع ذلك معه .
وأما إذا كان ذلك يزيده فسادا ، لم يشرع ذلك ، بل يمنع منه .
وإذا كان لا يزيد ، ولا ينقص
، ولا يتأثر حاله بمثل ذلك ، لا سلبا ولا إيجابا ، فهذا يكون بحسب الحال ، وقد
يترجح أحيانا هجره ، وقد يترجح أحيانا عدهم هجره .
وتنظر إجابة السؤال رقم : (146828) .
والله أعلم .