عنوان الفتوى : يعاني من القلق وعدم الثقة بالنفس، ويريد التصدر للدعوة ليعالج هذه المشكلة .
أعاني من قلق شديد يمنعني العبادة بصورة أفضل ، ويمنعني من الزواج بسبب عدم ثقتي في نفس بالتالي عدم قدرتي على التعامل مع الناس . فهل لو وقفت أمام الناس في المسجد وأدعوهم بغرض معالجة نفسي من القلق ، فهذا القلق يمنعني من أي شئ أفعله ، هل يعتبر الوقوف في المسجد أمام الجمهور لدعوتهم حرام أم حلال لأن نيتي العلاج وليس الدعوة إلى الله ؟
الحمد لله
نسأل الله أن يرزقك الزوجة الصالحة التي تعينك على أمر دينك ودنياك .
ولا شك أن ما يصيب المسلم في هذه الدنيا من آفات ومحن ما هو إلا محض ابتلاء من الله
، فمن صبر واحتسب فله الأجر العظيم من الله سبحانه وتعالى .
وقد قال صلى الله عليه وسلم : ( مَا يُصِيبُ الْمُؤْمِنَ مِنْ شَوْكَةٍ فَمَا
فَوْقَهَا إِلَّا رَفَعَهُ اللَّهُ بِهَا دَرَجَةً ، أَوْ حَطَّ عَنْهُ بِهَا
خَطِيئَةً ). رواه البخاري (5641) ، ومسلم (2573).
فلا ينبغي لك أن تستسلم لهذا القلق ولا أن ترضى به ، بل فتش عن أسبابه واجتهد في
علاجه ، ولعل مما يعينك على ذلك أن تعلم أن المخلوق لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا ،
بل لو اجتمعت الأمة على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك ، ولو
اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك ، رفعت الأقلام
وجفت الصحف .
فالأمر كله بيد الله تعالى ، وهو الأحق بخوفك ورجائك ، ورغبك ورهبك ، ومن استقام
على أمر الله تعالى واعتصم به فهو أعز الناس ؛ فإن الله تعالى كتب العزة لعباده
المؤمنين ، كما قال تعالى : ( وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ
وَلِلْمُؤْمِنِينَ ) المنافقون / 8 .
وإذا رأيت أن مواجهة الناس بالدعوة إلى الله سيكون سببا في ذهاب هذا القلق فلا
بأس أن تفعل ذلك إذا كنت أهلا له ، ولكن ننصحك بإصلاح نيتك بأن تكون دعوتك لله عز
وجل لا من أجل شيء آخر ، والله عز وجل هو الشافي ، فإذا صدقت في اللجوء إليه وفعل
ما أمرك به سيشفيك .
ولا يشترط أن تكون مواجهتك للناس في صورة خطبة ، أو موعظة ، بل عود نفسك على
التعامل ، والمخالطة الصالحة ، خاصة مع الناصحين والصالحين منهم .
ومما ننصحك به :
أولاً : حسن الظن بالله والثقة به ، واللجوء إليه والتوكل عليه ؛ فإنه يبعد القلق
ويزيل الاضطراب ، كما قال تعالى : ( وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ
)التغابن /11.
قال ابن القيم : " من وَطَّنَ قلبَه عند ربه سكن واستراح ، ومن أرسله في الناس
اضطرب واشتد به القلق " انتهى من الفوائد (1/98) .
وعليك بالدعاء فهو سلاح المؤمن، وهو من أنفع الأدوية ، وهو عدو البلاء ، يدافعه
ويعالجه ويمنع نزوله ، ويرفعه ، أو يخففه إذا نزل .
كما قال ابن القيم في " الجواب الكافي" صـ 4.
" ومَن أقبل على الله بصدقٍ ، وألَحَّ عليه بالدعاء ، وأَكثَرَ من سؤالِه أجاب الله
دعاءَه ، وحقَّق رجاءَه ، وأعطاه سُؤْلَه ، وفتح له أبوابَ الخير والسعادة في
الدنيا والآخرة " .
وتحرى في دعائك أوقات الإجابة : كالثلث الأخير من الليل ، وبعد العصر من يوم الجمعة
، وبين الأذان والإقامة ، وحال السجود .
ثانيا : كن على ثقة من أن هذه الأمور التي ذكرتها قابلة للعلاج والتحسين
والتغيير ، لكن ذلك يتوقف على رغبتك الحقيقية في التغيير ، واتخاذك الأسباب المعينة
على ذلك
ثالثا : لا حرج عليك في الاستعانة ببعض الكتب التربوية والإدارية التي تُعنى
بتعليم مهارات التنظيم والترتيب ، وفن اتخاذ القرار والسيطرة على مشاعر القلق
والخجل ، وفن التعامل مع الناس بصفة عامة .
رابعاً : ننصحك بأن تعرض نفسك على طبيب نفسي مختص في الصحة النفسية ، والعلاج
السلوكي ، خاصة أهل الصلاح والدين منهم ، فمثل هذا يرجى أن ينفعك الله به ، ولعله
أن ينصحك بما فيه الخير لك ، وصلاح أمرك .
والله أعلم .
أسئلة متعلقة أخري | ||
---|---|---|
لا يوجود محتوي حاليا مرتبط مع هذا المحتوي... |