عنوان الفتوى : عقد عليها وخلا بها ثم طلبت الطلاق فهل له أن يسترد كل ما أعطاها ؟

مدة قراءة السؤال : 3 دقائق

• خطبت لابني ابنة أحد أبناء عمومتي. • أخبرناهم بأن مقر عمل الخاطب وسكنه سيكون في الجبيل. • بعد سؤالهم عن الخاطب تمت الموافقة على ذلك . • تمت الملكة في شهر رمضان 1433هـ ، وقمنا بتقديم المهر في عربية تحتوي على كل ما هو معترف عليه في منطقة الحجاز . • وتم الاتفاق على أن يكون الزواج في يوم الأربعاء 15/12/ 1433هـ ، وأن تكون تكاليف الزواج مناصفة بين الطرفين . • وفيما بين الملكة والزواج كان الزوج يزور زوجته ويقدم لها بعض الهدايا. • وتم الزواج في الموعد المحدد ولله الحمد ، ويعلم الله ما هي التكاليف التي تحملها الطرفان في سبيل اتمام هذا الزواج . • بقيت الزوجة مع زوجها لليلتين في أحد فنادق جدة . • وقضوا الليلة الثالثة في أحد فنادق الدمام . • وفي يوم السبت 18/12/1433هـ وصلت أم الزوجة وخالتها وأم الزوج إلى مطار الدمام ثم توجهوا إلى الجبيل مكان الإقامة المتفق عليه سلفاً. • وفي يوم الأحد 19/12/1433هـ فوجئ الزوج بعدم رغبة الزوجة البقاء معه في الجبيل , حتى بعد محاولات والدتها وخالتها ووالدة زوجها وزوجها وأبيها عن طريق الجوال ، وأصرت على العودة إلى جدة رغم رفض الزوج لذلك , ومن ثم وافق على ذلك بعد أن أقنعه والدها بذلك. • في يوم الاثنين 20/12/1433هـ اتصلت بوالدها للاستفسار عن الموضوع , فطلب مني مهلة لإقناع الزوجة على العودة مع زوجها. • في يوم الخميس 23/12/1433هـ اتصل بي والد الزوجة وأخبرني أن هذه رغبة الزوجة النهائية وهي تطلب الطلاق للأسف . • تم الترتيب مع والد الزوجة على أن يأخذوا جهاز ابنتهم يوم الثلاثاء 28/12/1433هـ. • علماً بأن الزوجة لا زالت بكراً. • علماً بأن الزوج ليس به أي عيب شرعي يدعو الزوجة لطلب الطلاق . السؤال: من الناحية الشرعية ما هي الأشياء التي يحق للزوج المطالبة بها ؟ علماً بأنه دفع المهر وتوابعه كما أوضحت سابقاً وهدايا وإقامة في الفنادق وتذاكر طيران وتكاليف ليلة الزواج .

مدة قراءة الإجابة : 7 دقائق


الحمد لله
أولاً :
لا يجوز للمرأة طلب الطلاق من غير حاجة إليه ؛ لما روى أبو داود (2226) والترمذي (1187) وابن ماجه (2055) عَنْ ثَوْبَانَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَيُّمَا امْرَأَةٍ سَأَلَتْ زَوْجَهَا طَلاقًا فِي غَيْرِ مَا بَأْسٍ فَحَرَامٌ عَلَيْهَا رَائِحَةُ الْجَنَّة ) صححه الألباني في " صحيح أبي داود " .
وللاستزادة ينظر جواب سؤال رقم : (169847) .
ثانياً :
إذا طلق الرجل زوجته بعد الخلوة ، تقرر الصداق كاملاً ولو لم يدخل بها.
قال الشيخ ابن عثيمين : " أكثر أهل العلم على هذا الرأي ، وحكي إجماع الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ على ذلك ، أنه إذا خلا بها فلها المهر كاملاً ، فجعلوا الخلوة كالجماع ، وقد ذكر عن الإمام أحمد رواية ينبغي أن تكون قاعدة ، قال: لأنه استحل منها ما لا يحل لغيره ، ولهذا قالوا: لو مسَّها بشهوة ، أو نظر إلى شيء لا ينظر إليه إلا الزوج كالفرج ، فإنها تستحق المهر كاملاً ؛ لأنه استحل منها ما لا يحل لغيره ، وهذه الرواية هي المذهب ، وهي أنه إذا استحل الزوج من امرأته ما لا يحل لغيره من جماع ، أو خلوة ، أو لمس، أو تقبيل، أو نظر إلى ما لا ينظر إليه سواه، كالفرج، فإن المهر يتقرر كاملاً..." انتهى من "الشرح الممتع" (12/392) .
ثالثاً :
إذا تأكدت رغبة المرأة في الطلاق ، من غير سبب شرعي يدعو لذلك ، ولا تضييق من الزوج عليها : فللزوج أن يمتنع من طلاقها ، حتى ترد عليه مهره ، وما في معناه ، مما تكلفه لها ؛ لما روى البخاري في صحيحه ( 4867 ) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ : " أَنَّ امْرَأَةَ ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ أَتَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ مَا أَعْتِبُ عَلَيْهِ فِي خُلُقٍ وَلا دِينٍ وَلَكِنِّي أَكْرَهُ الْكُفْرَ فِي الْإِسْلَامِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَتَرُدِّينَ عَلَيْهِ حَدِيقَتَهُ ؟ ) قَالَتْ : نَعَمْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( اقْبَلْ الْحَدِيقَةَ وَطَلِّقْهَا تَطْلِيقَةً ) .
رابعاً :
لا حرج على الزوج أن يطالب بمهره كاملاً للحديث السابق ، بل وله أن يطالب بأكثر مما قد أعطاها إياه .
جاء في " الموسوعة الفقهية " (19/243) : " ذهب المالكية والشافعية إلى جواز أخذ الزوج عوضاً من امرأته في مقابل فراقه لها ، سواء كان العوض مساوياً لما أعطاها ، أو أقل ، أو أكثر منه ، ما دام الطرفان قد تراضيا على ذلك ، وسواء كان العوض منها أو من غيرها ، وسواء كان العوض نفس الصداق أو مالاً آخر غيره أكثر أو أقل منه .
وذهب الحنابلة إلى أن الزوج لا يستحب له أن يأخذ منها أكثر مما أعطاها..." انتهى .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
قوله: " ويكره بأكثر مما أعطاها " أي: يكره الخلع بأكثر مما أعطاها، وظاهر كلامه صحته بأكثر مما أعطاها ، وهذه المسألة مما اختلف فيه العلماء ، فقال بعض العلماء: إنه يجوز بالمال قل أو كثر، واستدلوا لجواز الزيادة بعموم قوله تعالى : ( فلا جناح عليهما فيما افتدت به ) [ البقرة: 229 ] ، " وما " اسم موصول تفيد العموم من قليل وكثير، فهو عام لما تفتدي به نوعا، وجنسا، وكمية، وكيفية .
وقال آخرون: لا يزيد على ما أعطاها؛ لأن قوله : ( فيما افتدت به ) عائد على ما سبق ؛ لأنه قال: ( ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به ) أي: مما آتيتموهن فقط ، ولأن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى ثابت بن قيس ـ رضي الله عنه ـ أن يزيد في خلعه فقال له : ( خذ الحديقة ولا تزدد ).
ولأن هذا الزائد عما أعطاها أكل للمال بالباطل ؛ لأنه ليس في مقابلة شيء ، نعم ما أخذ منه له أن يسترجعه ، لكن ما زاد ففي أي مقابل ؟!
وأجاب القائلون بالجواز عن الحديث بأنه ضعيف ، والحديث الضعيف لا تقوم به حجة كما هو معلوم ، وعلى فرض صحته فهو من باب الإرشاد والتوجيه ؛ لأنه لا شك أن كون الزوج يطلب أكثر مما أعطاها أمر غير مستساغ ، فالرجل استحل فرجها واستمتع بها وشغلها، ثم في النهاية يقول: أريد أكثر من المهر ، فالمروءة لا تسوغ هذا.
وأجابوا عن قولهم بأن أخذه أكثر مما أعطى أخذ بغير حق ، قالوا: بل هو أخذ بحق؛ لأن هذا الرجل يملك هذه المرأة إلى الموت فهو حق له ، ثم إنه قد يقول : أنا إن تركتها فمتى أجد امرأة؟
ثم قد يكون ـ أيضاً ـ أعطاها المهر في وقت رخص ، والآن المهور زائدة مرتفعة ، فهذا الذي أخذ منها يمكن أن يأتي له بزوجة ، ويمكن ألا يأتي.
والأرجح أن له أن يأخذ أكثر مما أعطى، إلا إذا صح الحديث ، ولكن الحديث لا يصح ، فإن وجد له شواهد ، وإلا فهو بسنده المعروف ضعيف ، لكن المروءة تقتضي ألا يأخذ منها أكثر مما أعطاها " انتهى من "الشرح الممتع"(12/478).

والحاصل : أن للزوج ــ عند تعذر الاستمرار في الحياة الزوجية ـ أن يطالب بمهره ، وما تكلفه من مصاريف ، فإن أجابوه ، فبها ونعمت ، وتنتهي المشكلة ، وإن لم يجيبوه ، رجعا إلى القضاء الشرعي ليفصل بينهما .
والله أعلم .