عنوان الفتوى : حكم الوظيفة وراتبها لمن توصل إليها برشوة
أنا عسكري، وقد درست وأنا على رأس العمل في المعهد الصحي، ولكن في نهاية المطاف يوجد اختبار من هيئة التخصصات الصحية، فاختبرت مرتين ولم أستطع اجتيازه وكنت قريبا من الاجتياز، وفي المرة الأخيرة دفعت رشوة واجتزت، وبعد ذلك نقلت من عملي إلى قطاع عسكري صحي بسبب الشهادة، علماً بأنني درست وكافحت وأنا نادم على ما فعلت، فأرجو منكم إفادتي.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
الرشوة هي إعطاء مال لإحقاق باطل، أو إبطال حق، وهي محرمة شرعا، فقد جاء لعن الراشي والمرتشي والوسيط بينهما على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعن عبد الله بن عمرو ـ رضي الله عنهما ـ قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي. رواه الترمذي وقال: حسن صحيح.
أما ما أعطي لإحقاق حق، أو إبطال باطل فليس برشوة بالنسبة للدافع، وإن كان رشوة بالنسبة للآخذ، لأنه من أكل أموال الناس بالباطل، وقد قال الله تعالى: وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ {البقرة:188}
فإذا كنت دفعت هذا المال من أجل الحصول على هذه الشهادة وأنت لا تستحقها على وجه التمام، فهذا من الرشوة المحرمة، وندمك وحسرتك على ما فرط منك نجاتك من ذنبك، فاعزم على عدم العودة إلى مثل هذا الفعل واستغفر الله منه وتقرب إليه بالأعمال الصالحة، فالحسنات يذهبن السيئات، قال تعالى: إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ {هود:114}.
أما العمل بهذه الشهادة: فإن كنت تعرف عملك وتؤديه على أتم وجه فلا حرج عليك في البقاء فيه والانتفاع بما تأخذه عليه من أجر ولا يلزمك ترك العمل، وقد سئل الشيخ ابن باز ـ رحمه الله تعالى ـ عن رجل يعمل بشهادة علمية وقد غش في امتحانات هذه الشهادة وهو الآن يحسن هذا العمل بشهادة مرؤوسيه، فما حكم راتبه وهل هو حلال أم حرام؟ فأجاب: لا حرج ـ إن شاء الله ـ عليه التوبة إلى الله مما جرى من الغش، وهو إذا كان قائماً بالعمل كما ينبغي فلا حرج عليه من جهة كسبه، لكنه أخطأ في الغش السابق، وعليه التوبة إلى الله من ذلك.
والله أعلم.