عنوان الفتوى : يعظم أجر العبادة إذا مازجتها المشقة
إذا كان الأجر على قدر المشقة ، فهل هذا يعني أن من يصوم في السعودية مثلا ( كمنطقة حارة ) له أجر أعظم ممن يصوم في كندا ( كمنطقة باردة ) إذ يشعر بالعطش أكثر في المنطقة الحارة؟؟؟؟؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن العبادة لا يقصد بها المشقة -أصلاً- لذاتها لكن إذا حصلت المشقة كان الأجر أعظم بلا شك، ومما يدل على ذلك قول الله تعالى لأصحاب اليمين:كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ [الحاقة:24].
ونجد ذلك في مختلف العبادات، فأفضل أوقات العبادة والذكر والدعاء والاستغفار هو الثلث الأخير من الليل حيث يشق القيام في ذلك، فقد أخرج الشيخان من حديث أبي هريرة مرفوعاً: ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول: من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له؟.
وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات، قالوا بلى يا رسول الله، قال: إسباغ الوضوء على المكاره...
والمراد هو إتمام الوضوء في وقت البرد الشديد.
وكذلك في الصدقة في جهد المُقِل، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سبق درهم مائة ألف درهم، فقال رجل: وكيف ذلك يا رسول الله؟ قال : رجل له مال كثير أخذ من عرضه مائة ألف درهم فتصدق بها، ورجل ليس له إلا درهمان فأخذ أحدهما فتصدق به. رواه النسائي وابن خزيمة والحاكم.
وهكذا في باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه مرفوعاً: أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر. رواه أبو داود والترمذي.
والحاصل أن العبادة إذا كانت فيها مشقة فإن أجرها يعظم عند الله تعالى، أما إذا قصدت المشقة لذاتها فهذا ليس فيه زيادة أجر بل هو منهي عنه شرعاً، فقد روى البخاري وغيره عن ابن عباس قال: بينما النبي صلى الله عليه وسلم يخطب إذا هو برجل قائم! فسأل عنه، فقالوا: أبو إسرائيل نذر أن يقوم في الشمس ولا يقعد ولا يستظل ولا يتكلم ويصوم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: مروه فليتكلم وليستظل وليقعد وليتم صومه.
والله أعلم.