عنوان الفتوى : حيوانات البحر التي تلد والتي تبيض حلال أكلها .

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

أعلم أن جميع المأكولات البحرية حلال ، إلا ان شخصاً ادّعى بأن الحوت لا يجوز أكله ؛ لأنه يلد ، ولا يبيض بخلاف بقية الأسماك، واستدل على ذلك بأن عجل البحر ، والسلحفاة ، وفيل البحر..الخ لا يجوز أكلها ؛ لأنها تلد ولا تبيض . فهل صحيح أنه لا يجوز أكل هذه الحيوانات ، وهل ذُكر في الكتاب أو السنة الصحيحة شيء بخصوص هذه المسألة ؟ أمر أخر، كيف يمكننا تمييز المخلوقات البحرية أهي حلال أم لا ؟ فسمك القرش مثلاً يعيش في البحر، أي أنه حلال على هذا الاعتبار ، لكنه قاتل وجارح ، لذا يصبح حراماً بهذا الاعتبار ، لأن الحيوانات القاتلة والجارحة لا يجوز أكلها ، أرجو التوضيح .

مدة قراءة الإجابة : 5 دقائق

الحمد لله.

أولا :
تقدم أن جميع حيوانات البحر التي لا تعيش إلا في الماء حلال ، حيّها ، وميتها ؛ لعموم قوله تعالى : ( أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ ) المائدة/96.
وقد روى أبو داود (83) عن أبي هُرَيْرَةَ أنّ رَسُولَ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ عَن الْبَحْر : ( هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ مَيْتَتُهُ ) صححه الألباني في "صحيح أبي داود" .
وقال علماء اللجنة : " الأصل في حيوان البحر الذي لا يعيش عادة إلا فيه : الحل " انتهى .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (22 /313).

فالضابط في الحيوانات البحرية أنه لا يحرم أكل شيء منها مما لا يعيش إلا في الماء .

أما البرمائيات فلا تدخل كلها في عموم الحِل .
راجع جواب السؤال رقم : (127963) .

ثانيا :
أكل الحوت حلال ؛ لأنه نوع من أنواع الأسماك .
قال في "لسان العرب" (2/26) :
" الحُوتُ السمك ، وقيل هو ما عظُمَ منه " انتهى .
وقد روى ابن ماجة (3218) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( أُحِلَّتْ لَنَا مَيْتَتَانِ : الْحُوتُ وَالْجَرَادُ ) وصححه الألباني في "صحيح ابن ماجة" .
وقد تقدم أن حيوانات البحر كلها حلال .
وفي صحيح البخاري (4362) ومسلم (1935) أن جَابِرًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال: " غَزَوْنَا جَيْشَ الخَبَطِ ، وَأُمِّرَ أَبُو عُبَيْدَةَ فَجُعْنَا جُوعًا شَدِيدًا، فَأَلْقَى البَحْرُ حُوتًا مَيِّتًا لَمْ نَرَ مِثْلَهُ ، يُقَالُ لَهُ العَنْبَرُ، فَأَكَلْنَا مِنْهُ نِصْفَ شَهْرٍ، فَأَخَذَ أَبُو عُبَيْدَةَ عَظْمًا مِنْ عِظَامِهِ ، فَمَرَّ الرَّاكِبُ تَحْتَهُ فَأَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ ، أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرًا ، يَقُولُ : قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ : كُلُوا فَلَمَّا قَدِمْنَا المَدِينَةَ ذَكَرْنَا ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: ( كُلُوا ، رِزْقًا أَخْرَجَهُ اللَّهُ ، أَطْعِمُونَا إِنْ كَانَ مَعَكُمْ ) فَأَتَاهُ بَعْضُهُمْ فَأَكَلَهُ .

وأما كونها تلد ولا تبيض ، فلا علاقة لذلك بالحكم الشرعي ، ولا تأثير له عليه ، ولم يأت في الشرع أن الذي يلد ولا يبيض من حيوان البحر حرام أكله ، بل عموم الأدلة تدل على الإباحة
مطلقا ، وهذا بيّن لا إشكال فيه .

ثالثا :
سمك القرش حلال لما تقدم ، ولعموم قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أُحِلَّتْ لَكُمْ مَيْتَتَانِ وَدَمَانِ : فَأَمَّا الْمَيْتَتَانِ فَالْحُوتُ وَالْجَرَادُ ، وَأَمَّا الدَّمَانِ فَالْكَبِدُ وَالطِّحَالُ ) رواه ابن ماجة (3314) وصححه الألباني .
وكونه يفترس لا يمنع من ذلك ؛ فإن تحريم كل ذي ناب من السباع إنما هو في سباع البر ، أما سباع البحر فلا ينطبق عليها هذا الحكم .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" ليس ما يحرم في البر يحرم نظيره في البحر ، فالبحر شيء مستقل ، حتى إنه يوجد فيه مما له ناب يفترس به ، مثل القرش ... والحاصل أنه توجد أشياء تقتل ، ومع ذلك فإنها حلال " انتهى باختصار من "الشرح الممتع" (15 /34) .

وسئل علماء اللجنة :
هل سمك القرش حرام أم حلال ؟
فأجابوا : " السمك كله حلال ، سمك القرش وغيره ؛ لعموم قوله تعالى : ( أحل لكم صيد البحر وطعامه ) ، وقوله صلى الله عليه وسلم في البحر : ( هو الطهور ماؤه الحل ميتته ) " .
انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" (22 /320) .
وينظر جواب السؤال رقم : (1919) ، ورقم : (127963) .
والله تعالى أعلم .