عنوان الفتوى : تزوجت بعد غلبة الظن بموت زوجها وحملت منه ثم ظهر زوجها
بعد الأحداث التي حدثت في ليبيا هناك أسر كثيرة لم تجد أبناءها وهناك بعد الأسر أتوا لهم بجثامين محروقة وقالوا لهم هؤلاء أبناؤكم، وهناك أسرة أتوا لها بجثمان محروق وقالوا هذا ابنكم فدفنوه وكان متزوجا وزوجته حامل، وبعد إنجاب المولود جاءها أخو الزوج وطلب زواجها حتى يحفظ ابن أخيه فوافقت وحملت منه، وبعد فترة من الزمان اتصل ابنهم وقال إنني في الجزائر فلما جاء وجد أخاه متزوجا زوجته، فما رأي الدين في هذا، أرجوكم استعجلوا بالرد، لأن الزوجة حائرة والزوج الأول يريد حكم الله أرجوكم لا تتأخروا في الرد.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان الواقع ما ذكر من أن هذا الرجل قد تزوج هذه المرأة بعد غلبة الظن بموت زوجها وبعد تمام عدتها من الوفاة فلا إثم عليه ولا عليها في ذلك، وأما هذا النكاح فيجب فسخه وترجع إلى زوجها الأول بعد تمام عدتها من الثاني وذلك بوضع حملها، لقوله تعالى: وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا {الطلاق:4}.
قال المواق في التاج والإكليل عند قول خليل: وأما إن نعي لها... إلخ: أما مسألة إن نعي لها، فقال المتيطي: أما المنعي لها زوجها تتزوج ثم يقدم، فإن دخل بها الثاني استبرأت منه بثلاث حيض أو وضع حمل أو ثلاثة أشهر إن كانت صغيرة أو يائسة ثم ترد للأول على كل حال، وإن ولدت الأولاد، بخلاف المفقود، لأن امرأة المفقود فرق بينهما بحكم ظاهر وهذه لم يرجع أمرها للإمام. اهـ.
ولذلك يمنع الأول من وطئها حتى تنقضي عدتها احتياطا للنسب، ولكنه لا يمنع من الدخول عليها والخلوة بها والنظر إليها ونحو ذلك؛ بخلاف الثاني فإنه يمنع من ذلك كله، لأنه أجنبي عنها، ولكن الولد ينسب إليه ـ نعني الثاني ـ للشبهة، جاء في مواهب الجليل للحطاب قوله: وإذا ردت إلى الأول فلا يقربها حتى تحيض أو تضع حملها إن كانت حاملا وتعتد في بيتها الذي كانت تسكن فيه مع الآخر ويحال بينه وبين الدخول عليها، عياض: ولا إشكال في منع الثاني من النظر إليها والدخول عليه، لأنه أجنبي، وأما الأول فلا إشكال في منعه الوطء لاحتياط الأنساب، وأما ما عداه من الاستمتاع فمباح، لأنها زوجة، وإنما حبست لأجل اختلاط النسب كما لو استبرأها من زنا. اهـ.
والله أعلم.