عنوان الفتوى : تجارة الأسلحة...رؤية فقهية
هل تجارة الأسلحة حرام أم حلال؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الإسلام حث على التجارة عموماً وجعلها من أصول الحلال بل سماها القرآن الكريم فضل الله، فقال تعالى:وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ [المزمل:20]. وقال تعالى:لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ [البقرة:198]. وقال تعالى:فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ [الجمعة:10].
وعن رفاعة بن رافع رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم: سئل: أي الكسب أطيب؟ قال: عمل الرجل بيده، وكل بيع مبرور. رواه البزار وصححه الحاكم. انظر بلوغ المرام.
وقال العلماء: والبيع المبرور: هو ما لم يكن فيه غش أو يمين فاجرة، وتوفرت فيه الشروط وانتفت عنه الموانع.
ويجب على من يشتغل بالتجارة أن يعلم أحكام البيع والشراء. وكان عمر رضي الله عنه يطوف في السوق ويقول: لا يبع في سوقنا إلا من يفقه، وإلا أكل الربا شاء أم أبى. والأصل في جواز التجارة هو قول الله تبارك وتعالى:ا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا [البقرة:275].
وقد مارس كثير من الصحابة التجارة؛ بل إن نبينا صلى الله عليه وسلم تاجر في مال خديجة رضي الله عنها قبل البعثة، وكان بعض الصحابة تاجر سلاح مثل صفوان بن أمية رضي الله عنه، وكان خباب بن الأرتّ رضي الله عنه يصنع السلاح ويبيعه.
ومع هذا فقد حذر الإسلام من الغش في التجارة وترويجها بالكذب والأيمان الفاجرة، ففي مسند الإمام أحمد وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن التجار هم الفجار، فقيل يا رسول الله أليس قد أحل الله البيع ؟ قال: نعم، ولكنهم يحلفون فيأثمون ويحدثون فيكذبون. وكل ما كان طاهر العين وجاز الانتفاع به جاز الاتجار فيه إلا إذا كان يستعمل فيما يخالف الشرع، كبيع السلاح في الفتنة أو لقطاع الطرق، وكبيع العنب لمن يتخذه خمراً.
والخلاصة: أن تجارة الأسلحة وصناعتها جائزة لا حرج فيها إذا ضبطت بالضوابط الشرعية، بل يجب على المسلمين وجوبا كفائيا أن يصنعوا الأسلحة حتى يحصل لهم الاكتفاء عن غيرهم لئلا يتحكموا في أمنهم.
ولا يجوز للمسلم أن يبيع السلاح للمسلمين وقت الفتنة، وأحرى أن يبيعه للكفار يتقووا به على المسلمين.
والله أعلم.