عنوان الفتوى : هجر زوجته خمسة أشهر متصلة
ما الحكم لو هجر رجل زوجته لمدة خمسة أشهر متواصلة ؟
الحمد لله
أولا :
لا يجوز للرجل أن يهجر زوجته هذه المدة ، إلا أن تكون ناشزا ، أي عاصية له لا تقوم
بحقه ، فيباح هجرها حينئذ حتى تتوب ، لقوله تعالى : (وَاللاتِي تَخَافُونَ
نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ
فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ
عَلِيًّا كَبِيرًا) النساء/34.
وإذا لم تفلح هذه الوسائل في علاج نشوز الزوجة : اختار الرجل حكما من أهله ، وتختار
هي حكما من أهلها، ليقفا على المشكلة ، ويحكما فيها ، كما قال تعالى: (وَإِنْ
خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ
أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ
كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا) النساء/35 .
وأما مع عدم النشوز فلا يحل
هذا الهجر لأمرين :
الأول : أنه يجب على الزوج أن يعف زوجته ، وأن يطأها بقدر حاجتها ، وقُدرته .
سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : عن الرجل إذا صبر على زوجته الشهر ،
والشهرين ، لا يطؤها ، فهل عليه إثم أم لا ؟ وهل يطالب الزوج بذلك ؟ .
فأجاب : " يجب على الرجل أن يطأ زوجته بالمعروف ، وهو من أوكد حقها عليه ، أعظم من
إطعامها ، والوطء الواجب ، قيل : إنه واجب في كل أربعة أشهر مرة ، وقيل : بقدَر
حاجتها وقُدْرته ، كما يطعمها بقدَر حاجتها وقُدْرته ، وهذا أصح القولين " .
انتهى من " مجموع الفتاوى " ( 32 / 271 ) .
والثاني : أن من امتنع عن وطء امرأته - غير الناشز - أربعة أشهر ، كان في حكم
المولي ، فيؤمر بالوطء أو بالطلاق ، فإن أبى الطلاق طلّق عليه القاضي .
قال علماء اللجنة الدائمة : " مَن هجر زوجته أكثر من ثلاثة أشهر : فإن كان ذلك
لنشوزها ، أي : لمعصيتها لزوجها فيما يجب عليها له من حقوقه الزوجية ، وأصرت على
ذلك بعد وعظه لها وتخويفها من الله تعالى ، وتذكيرها بما يجب عليها من حقوق لزوجها
: فإنه يهجرها في المضجع ما شاء ؛ تأديبا لها حتى تؤدي حقوق زوجها عن رضا منها ،
وقد هجر النبي صلى الله عليه وسلم نساءه ، فلم يدخل عليهن شهراً ، أما في الكلام :
فإنه لا يحل له أن يهجرها أكثر من ثلاثة أيام ؛ لما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم
من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال : ( ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق
ثلاثة أيام ) أخرجه الإمام البخاري ومسلم في صحيحيهما ، وأحمد في مسنده .
أما إن هجر الزوج زوجته في الفراش أكثر من أربعة أشهر إضراراً بها من غير تقصير
منها في حقوق زوجها : فإنه كمُولٍ ، وإن لم يحلف بذلك ، تُضرب له مدة الإيلاء ،
فإذا مضت أربعة أشهر ولم يرجع إلى زوجته ويطأها في القبل مع القدرة على الجماع ، إن
لم تكن في حيض أو نفاس : فإنه يؤمر بالطلاق ، فإن أبى الرجوع لزوجته ، وأبى الطلاق
: طلَّق عليه القاضي ، أو فسخها منه إذا طلبت الزوجة ذلك .
وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم " انتهى .
الشيخ عبد العزيز بن باز , الشيخ عبد العزيز آل الشيخ , الشيخ صالح الفوزان , الشيخ
بكر أبو زيد
انتهى من " فتاوى اللجنة الدائمة " ( 20 / 261 – 263 ) .
ثانيا :
إذا كان الزوج مسافرا ، ولم ترض الزوجة بغيابه أكثر من ستة أشهر ، رفعت أمرها إلى
القاضي ليقوم بمراسلة زوجها وإلزامه بالعودة ، فإن لم يرجع حكم القاضي بما يراه من
الطلاق أو الفسخ .
سواء كان سفر الزوج وغيابه بعذر كحاجته إلى المال وعدم وجود عمل له في بلده ، أو
كان لغير عذر ، ولكن الفرق بين حال العذر وعدمه : أن الزوج في حال العذر لا يلزمه
الرجوع ، ولا يأثم إذا لم يرجع .
أما في حال عدم العذر فيجب عليه العودة ، ويأثم إذا لم يرجع .
وفي الحالتين للمرأة طلب الطلاق ، دفعاً للضرر الواقع عليها ، وقد سبق بيان هذا في
جواب السؤال رقم (102311)
.
والله أعلم .
أسئلة متعلقة أخري |
---|
هجر زوجته خمسة أشهر متصلة |