عنوان الفتوى: إثبات صفة اليدين لله وجواز الدعاء بصفة من صفات الله
أبدأ دعائي بتعظيم الله عز وجل وأقول : " يا رب ! يا من بيديه كل القوة والجبروت "، والآن لدي وسواس بأن دعائي بهذا الشكل يمكن أن يكون تحديدا لله عز وجل ، مع أن نيتي هي أني أقصد أنه لا قوة إلا لله ، ولا سلطان إلا له وحده . شيخنا الكريم أرجو منكم التوضيح إن كان في كلامي كفر والعياذ بالله ؛ لأني أشعر بخوف شديد تجاه هذا الأمر .
الحمد لله
أولا :
لا حرج في ثناء المسلم على ربه عز وجل بقوله : يا من بيده القوة والجبروت ، وليس في
ذلك تحديد أو تجسيم ، فهو سبحانه له القوة والعظمة ، وبيده الملك ، كما قال سبحانه
: ( تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ )
الملك/1 ، وقال عز وجل : ( إِنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا ) البقرة/165، وقال :
( إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ ) الذاريات/58، وكان
من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم في ركوعه : ( سُبْحَانَ ذِي الْجَبَرُوتِ
وَالْمَلَكُوتِ وَالْكِبْرِيَاءِ وَالْعَظَمَةِ ) رواه أبو داود (83) وصححه
الألباني في صحيح أبي داود .
وهذا الثناء يتضمن إثبات صفة اليد لله سبحانه ، وهي صفة ثابتة بالكتاب والسنة
والإجماع ، ومن ذلك : قوله تعالى : ( قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ
تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ ) ص/75 ، وقوله : ( وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ
اللهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ
مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ ) المائدة/ 64 .
ومن السنة : قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ
يَبْسُطُ يَدَهُ بِاللَّيْلِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ وَيَبْسُطُ يَدَهُ
بِالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيْلِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ
مَغْرِبِهَا ) رواه مسلم (2759 ) .
وقوله صلى الله عليه وسلم في حديث الشفاعة : ( ... فيأتونه فيقولون : يا آدم! أنت
أبو البشر ؛ خلقك الله بيده ، ونفخ فيك من روحه ) رواه : البخاري (3340) ، ومسلم
(194) .
إلى غير ذلك من الأدلة المستفيضة .
قال أبو الحسن الأشعري رحمه الله في "رسالته إلى أهل الثغر" ص (225): " وأجمعوا على
أنه عَزَّ وجَلَّ يسمع ويرى ، وأنَّ له تعالى يدين مبسوطتين " انتهى .
فما ثبت بالكتاب والسنة
وأجمع عليه أهل العلم كيف يكون في قلبك حرج منه ؟!
والواجب على العبد أن يذعن للنصوص ، ويسلّم لها ، ويعتقد أنها الحق ، ولا يعارضها
بقياس أو معقول .
ثانيا :
الوسواس لا يأتي بخير ، بل يصيب القلب بالاضطراب ، والنفس بالقلق ، ويقعد عن العمل
، ويحيل الحياة إلى مشقة وعنت ، فالواجب الحذر منه ، والتمسك بالكتاب والسنة ،
والإيمان بأن ما وصف الله به نفسه أو وصفه به رسوله حق ، دون تكلف أو تعمق ، أو
تشبيه أو تأويل .
نسأل الله لنا ولك التوفيق والثبات .
والله أعلم .
أسئلة متعلقة أخري | ||
---|---|---|
لا يوجود محتوي حاليا مرتبط مع هذا المحتوي... |