عنوان الفتوى : الجالس للذكر في مصلاه إذا غير مكانه أو كلم أحدا فهل ينقطع أجره
من جلس في مصلاه يذكر الله ويسبحه تستغفر له الملائكة حتى يحدث أو يقوم. هل ينقطع استغفار الملائكة إذا قام من مكانه الذي صلى فيه إلى أحد سواري المسجد أو المساند ليستند عليها؟ وهل ينقطع الأجر كذلك إذا تكلم مع أحد المصلين بجواره بسلام وكلام آخر مباح؟ أعظم الله لكم الأجر ونفع بعلمكم.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن تحول الجالس عن مصلاه إلى مكان آخر في المسجد لا يقطع الأجر المترتب على الجلوس في المسجد لذكر الله تعالى المذكور في قوله صلى الله عليه وسلم : الملائكة تصلي على أحدكم مادام في مصلاه الذي صلى فيه مالم يحدث، تقول اللهم اغفر له اللهم ارحمه. متفق عليه وهذا لفظ البخاري.
فقد ذكر العلماء أن المراد بمصلاه الذي صلى فيه هو عموم المسجد لا المكان الخاص الذي أدى فيه الصلاة، بل إن في بعض روايات الحديث ما دام في المسجد؛ كما في رواية الترمذي وغيره.
قال في عون المعبود شرح سنن أبي داود عند كلامه على قوله صلى الله عليه وسلم: والملائكة يصلون على أحدكم ما دام في مجلسه الذي صلى فيه يقولون: اللهم اغفر له، اللهم ارحمه، اللهم تب عليه، ما لم يؤذ فيه أو يحدث فيه. وفي رواية البخاري: ما دام في مصلاه.
قال الحافظ: أي في المكان الذي أوقع فيه الصلاة من المسجد، وكأنه خرج مخرج الغالب وإلا فلو قام إلى بقعة أخرى من المسجد مستمراً على نية انتظار الصلاة كان كذلك. انتهى.
وإذا تكلم من جلس يذكر الله تعالى في مباح أو عرض عارض يستدعي قطع الذكر فلا يضر إن شاء الله تعالى، بل قد يجب أو يستحب قطع الذكر في أحوال، منها رد السلام وتشميت العاطس وإجابة المؤذن.
قال النووي رحمه الله في الأذكار: فصل: في أحوال تعرض للذاكر يستحب له قطع الذكر بسببها ثم يعود إليه بعد زوالها منها: إذا سلم عليه رد السلام ثم عاد إلى الذكر، وكذا إذا عطس عنده عاطس شمته ثم عاد إلى الذكر، وكذا إذا سمع الخطيب، وكذا إذا سمع المؤذن أجابه في كلمات الأذان والإقامة ثم عاد إلى الذكر، وكذا إذا رأى منكرًا أزاله، أو معروفًا أرشد إليه، أو مسترشدًا أجابه ثم عاد إلى الذكر، وكذا إذا غلبه النعاس أو نحوه. وما أشبه هذا كلها .انتهى.
والله أعلم.