عنوان الفتوى : كيف تحافظ على الروابط الأسرية بدون الاختلاط
قرأت العديد من الفتاوى على موقعكم بخصوص الاختلاط وأعتقد أن هناك بعض التناقض فيها، وقد أكون مخطئة في اعتقادي هذا.. فعلى سبيل المثال في الفتوى رقم 75945 ذكرتم أنه لا يجوز للرجل أن يدّرس الفتيات إلا من وراء حجاب. ثم ذكرتم في الفتوى رقم 113431 أنه يجوز للفتاة أن تدرس في جامعة مختلطة إذا كان وضعها الاجتماعي يفرض عليها ذلك.. فأنا أعيش في المغرب حيث يُعد الاختلاط مظهر من مظاهر الحياة اليومية، سواءً بين الأسرة والأقارب أو مع الناس في الشارع، ولا أحد يستنكر هذا، حتى أئمة المساجد أنفسهم يقولون أن ذلك جائز، ولا يبيّنون ما هي الضوابط لهذا الإختلاط.. وهذا أمر لا اتفق معهم عليه على كل حال. الآن تساؤلي هو: هناك بعض الناس يسألون ويقولون: كيف يمكن للشخص المحافظة على الروابط الأسرية إذا لم يكن هناك لقاء بينهم في بيئة مختلطة؟ وأيهما مُقدم في الأولوية، المحافظة على الروابط الأسرية أم تحاشي الاختلاط؟ ... صحيح أنه قد يمكننا أن نتجنب الاختلاط عندما ندعو الأقارب إلى بيتنا لكن ماذا عندما نذهب إلى بيوتهم..؟ إنه لا يمكن تجنب الاختلاط في هذه الحالة، والفتن لا بد سيكون لها تواجد ، فما العمل إذاً؟ هل نرفض دعوتهم؟ ومن هم على وجه التحديد أفراد الأسرة الذين يجب على الشخص المحافظة على الروابط معهم؟ هل أبناء العم والخال يُعدّون منهم؟ لا أعرف كيف يمكن للشخص أن يتجنب كل هذه المشاكل المتعلقة بالاختلاط ولكني أؤمن أنه من واجبنا ان نبذل ما بوسعنا لتحاشي ذلك.. أرجو التوجيه في كل ما سبق وجزاكم الله خيراً
الحمد لله
من الجيد ـ أيتها السائلة الكريمة ـ أنك تؤمنين بأنه من واجبنا أن نبذل ما بوسعنا
لتحاشي ذلك الاختلاط المحرم ، واسمحي لنا أن نقول لك : إننا لا نوافق على المحافظة
على الروابط الأسرية فقط ، بل نحن ندعو إلى ذلك ، ونشجع عليه ، لأن ذلك من صلة
الأرحام التي أمرنا الله ورسوله بها .
لكن من الأهم من ذلك أن يعلم السائل أنه لا تعارض بين الأمرين البتة ؛ فبإمكانه أن
يبتعد عن الاختلاط المحرم ، وبإمكانه أيضا أن يصل رحمه ، والشرع قد جاء بالأمرين ،
فلا يمكن أن يكون بينهما تعارض .
وحينئذ ، فتصرفكم في بلادكم ، هو تصرف عامة المحافظة على الأمرين في عامة البلدان
التي يشيع فيها الاختلاط ، كما يشيع في بلادكم ، ومع ذلك تمكن الحريصون من تجاوز
ذلك ، وممارسة حياتهم بصورة طبيعية .
لكن المهم أن يكون عند الشخص العزيمة الكافية على ذلك ، والحرص عليه .
فإذا قدر أنكم زرتم أقاربكم ـ مثلا ـ فما تفعلونه في بيتكم من تخصيص مكان لجلوس
النساء ، ومكان آخر لجلوس الرجال ، وحرصكم على ذلك ، سوف يكون من السهل تطبيقه إذا
زرتم بيتا لغيركم ، إذا علم منكم الحرص على ذلك ، مهما كان البيت ضيقا .
وأما اللقاء العارض في الطريق ، وفي مدخل البيت إن كان له مدخل واحد ، ونحو ذلك ،
فهذا مما لم يرد الشرع بمنعه ، ولا التشديد فيه ، لكن ورد بالاحتياط في أمره حتى لا
يتحول إلى وضع أصلي ، ولا أن يتعمده الإنسان إذا أمكنه تجنبه .
واعلمي أخيرا ـ يا أمة الله ـ أن الجنة تحتاج إلى بذل جهد ، وتعب ، وجد ؛ فقد حفت
الجنة بالمكاره ، يعني : بالأمور الصعبة التي تكرهها النفس ؛ لكن المرء يحتاج إلى
صبر في طاعته لربه ، وهو أعظم أنواع الصبر ، وحرص على الخير حتى يوفقه الله له ،
وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إِنَّمَا الْعِلْمُ بِالتَّعَلُّمِ،
وَإِنَّمَا الْحِلْمُ بِالتَّحَلُّمِ، وَمَنْ يَتَحَرَّ الْخَيْرَ يُعْطَهُ، وَمَنْ
يَتَّقِ الشَّرَّ يُوقَهُ رواه الطبراني في الأوسط (2663) وحسنه الألباني .
وينظر جواب السؤال رقم (12838)
والله أعلم .
أسئلة متعلقة أخري | ||
---|---|---|
لا يوجود محتوي حاليا مرتبط مع هذا المحتوي... |