عنوان الفتوى : هل ترفض الخاطب لعدم قدرة والدها على تجهيزها

مدة قراءة السؤال : دقيقتان

تمت خطبتي لشاب ظننت فى البدايه أنه حافظ لكتاب الله ، وعلى خلق ، لكن أبى رفضه لأنه لا يستطيع تحمل تكاليف تجهيزي أنا وأختي في نفس الوقت ، ثم تقدم لى مرة ثانيه فوافق أبى ، لكن اتضح أنه حافظ 13 جزءا من القرآن ، فأبى وجد حجه لكى يرفضه بها ، لأن أبى لا يمتلك مالا لتجهيزى ، وإنى أحب هذا الشاب لدينه وخلقه وهو يحبنى ، وحاول عدة مرات استرضاء أبى ، لكن أبى عليه ديون ومريض بسبب ديونه ، وترك لى أمري : إن وافقت فلن أعترض ، لكن أنا لا أريد أن أرهق أبي فى جهازي ، مع العلم أني أشتري الأساسيات ولا أغالي ؛ فهل أترك خطيبى ؟ أخشى على نفسي الفتنة ، ورزقنى الله جمالا ، ويطمع فيّ الكثير ، لكنى أخشى عقوق أبى إن أرهقته بتكاليف الجهاز ، وأختى تطلب الكثير فى جهازها ، فلا أريد أن أشق عليهم !! بالله عليكم أجيبونى بسرعه بالله عليكم .

مدة قراءة الإجابة : 4 دقائق


الحمد لله
قد علق الله تعالى الأمر في اختيار الزوج ، أو الزوجة ، على الدين المرضي ، والاستقامة وصلاح الحال ، قال الله تعالى : ( وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ) النور/32
قال الشيخ السعدي رحمه الله :
" يأمر تعالى الأولياء والأسياد، بإنكاح من تحت ولايتهم من الأيامى وهم: من لا أزواج لهم، من رجال ونساء ، ثيب وأبكار، فيجب على القريب وولي اليتيم، أن يزوج من يحتاج للزواج، ممن تجب نفقته عليه، وإذا كانوا مأمورين بإنكاح من تحت أيديهم، كان أمرهم بالنكاح بأنفسهم من باب أولى.
وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ يحتمل أن المراد بالصالحين، صلاح الدين، وأن الصالح من العبيد والإماء -وهو الذي لا يكون فاجرا زانيا- مأمور سيده بإنكاحه، جزاء له على صلاحه، وترغيبا له فيه، ولأن الفاسد بالزنا، منهي عن تزوجه، فيكون مؤيدا للمذكور في أول السورة، أن نكاح الزاني والزانية محرم حتى يتوب، ويكون التخصيص بالصلاح في العبيد والإماء دون الأحرار، لكثرة وجود ذلك في العبيد عادة .
ويحتمل أن المراد بالصالحين الصالحون للتزوج ، المحتاجون إليه من العبيد والإماء، يؤيد هذا المعنى، أن السيد غير مأمور بتزويج مملوكه، قبل حاجته إلى الزواج. ولا يبعد إرادة المعنيين كليهما، والله أعلم . " انتهى . "تفسير السعدي" (567) .
فتبين بذلك أن ولي المرأة مأمور بتزويجا ، متى كانت صالحة لذلك ، محتاجة إليه ، وأن الزوج الذي ينبغي اختياره هو الصالح في دينه ، الصالح للقيام بأمر الزواج .
وأما أن هذا الشاب لا يحفظ القرآن كاملا ، فهذا ليس بعيب يرد به صاحبه ، ولا نقص في دينه ، بل حسبه أن يضبط ما يحفظه ، ويصلي به ، وقد كان أكثر أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لا يحفظون القرآن ، والذين جمعوا القرآن الكريم كله في صدورهم ، قبل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ، إنما هم نفر قليل .
وأما شأن التجهيزات ، وحال الوالد المادية ، فهذا من الممكن التفاهم بشأنه مع الشاب ؛ فلتقتصري أنت ـ أولا ـ على الأساسيات التي لا يمكنك الاستغناء عليها ، ومن الممكن التفاهم مع الشاب الخاطب في ذلك الشأن ، ليتعاون هو في ذلك ، ويتحمل العب الأكبر في تجهيز بيته ، وهو واجب عليه هو بالأساس ، لولا الأعراف الفاسدة التي انتشرت في كثير من البلدان ، وينبغي ألا يستعجل هو ـ أيضا ـ في إتمام الزواج بما يرهق والدك وأسرتك .
فإذا اتقيت الله في والدك ، ولم ترهقيه بالأمور الشكلية ، وما لا حاجة إليه ، وحرصت على نكاح الرجل الصالح ، وطلبت العفاف لنفسك ، وصلاح دينك ، فأبشروا بعون الله تعالى لكم وتيسيره : ( فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا ) الشرح/5-6 .
وينظر جواب السؤال رقم (136076 ).
فإذا لم تجدي من الشاب صبرا ، وتجاوبا مع ظروف والدك ، وأسرتك ، أو وجدت أن أباك عاجز عن الحد الأدنى المقبول : فالواجب عليك أن تصبري ، وتستعفي حتى ييسر الله لك أمرك ، قال الله تعالى : ( وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ ) النور/33 .
والله أعلم .