عنوان الفتوى : حكم تأخير صلاة الجمعة إلى قبيل وقت العصر بقليل.

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

نصلي الجمعة في الساعة 1:15 مساء ثم تبدأ صلاة العصر الساعة 1:35 مساء , أحيانا تنتهي صلاة الجمعة و لم يبق إلا دقائق قليلة على صلاة العصر ... السؤال , هل من الصواب أن تضيع منا السنة البعدية للجمعة ؟ و هل هذا هو الوقت الصحيح لصلاة الجمعة ؟

مدة قراءة الإجابة : 6 دقائق

الحمد لله.

وقت صلاة الجمعة هو وقت صلاة الظهر عند جماهير أهل العلم من السلف والخلف  ، وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال (114859) .

والأولى المبادرة بأدائها في أول وقتها ، لعموم النصوص الشرعية الحاثة على التبكير في أداء الصلاة .

وهذا هو هدي النبي صلى الله عليه وسلم في أدائها .

فروى البخاري (904) عن أنس بن مالك رضي الله عنه : (أَنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كَانَ يُصَلِّى الْجُمُعَةَ حِينَ تَمِيلُ الشَّمْسُ) .

ومعنى تميل الشمس أي : تزول عن وسط السماء ، وذلك أول وقت صلاة الظهر . ينظر: "فتح الباري" لابن رجب (5/414) .

قال ابن حجر : "فِيهِ إِشْعَار بِمُوَاظَبَتِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى صَلَاة الْجُمُعَة إِذَا زَالَتْ الشَّمْس" . انتهى "فتح الباري" (2/388) .

وبوَّب عليه الإمام البخاري رحمه الله بقوله : " بَاب وَقْتُ الْجُمُعَةِ إِذَا زَالَتْ الشَّمْسُ ، وَكَذَلِكَ يُرْوَى عَنْ عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَالنُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ، وَعَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ ".

وعن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال : ( كُنَّا نُجَمِّعُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا زَالَتْ الشَّمْسُ ثُمَّ نَرْجِعُ نَتَتَبَّعُ الْفَيْءَ ) رواه مسلم (860).

والفيء: هو الظل بعد الزوال.

قال ابن قدامة المقدسي : "الْمُسْتَحَبُّ إقَامَةُ الْجُمُعَةِ بَعْدَ الزَّوَالِ ; لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ . .. وَلَا فَرْقَ فِي اسْتِحْبَابِ إقَامَتِهَا عَقِيبَ الزَّوَالِ بَيْنَ شِدَّةِ الْحَرِّ , وَبَيْنَ غَيْرِهِ ; فَإِنَّ الْجُمُعَةَ يَجْتَمِعُ لَهَا النَّاسُ , فَلَوْ انْتَظَرُوا الْإِبْرَادَ شَقَّ عَلَيْهِمْ , وَكَذَلِكَ كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَفْعَلُهَا إذَا زَالَتْ الشَّمْسُ فِي الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ عَلَى مِيقَاتٍ وَاحِدٍ". انتهى "المغني" (3/159).

ولكن إذا وجدت الحاجة أو المصلحة إلى تأخيرها ، فلا بأس بذلك ، كما لو كان الناس في أعمالهم ولا يستطيعون الذهاب لصلاة الجمعة في أول وقتها ، على أن يتم الفراغ من الصلاة قبل دخول وقت العصر .

قال الإمام الشافعي: " وقت الجمعة ما بين أن تزول الشمس إلى أن يكون آخر وقت الظهر قبل أن يخرج الإمام من صلاة الجمعة ، فمن صلاها بعد الزوال إلى أن يكون سلامه منها قبل آخر وقت الظهر ، فقد صلاها في وقتها ، وهى له جمعة ". انتهى من "الأم" (1/223).

وقال : " فإن خرج من الصلاة قبل دخول العصر فهي مجزئة عنه ، وإن لم يخرج منها حتى يدخل أول وقت العصر أتمها ظهرا أربعا ". انتهى من " الأم " (1/223).

وقال البهوتي: " آخِرِ وَقْتِ الْجُمُعَةِ آخِرُ وَقْتِ صَلَاةِ الظُّهْرِ بِغَيْرِ خِلَافٍ" انتهى من كشاف القناع (2/26) .

وقد سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء : عمن يدرسون بالولايات المتحدة ، وبرنامج الدراسة ليس فيه وقت للصلاة ، وأداء صلاة الجمعة بالنسبة لوقت الولايات المتحدة الساعة الواحدة والنصف ، ويضطرون إلى تأخيرها إلى الساعة الرابعة لظروف برنامج الدراسة ، فهل يجوز تأخير الصلاة إلى ذلك الوقت ؟

فأجابوا :" الصلوات الخمس لها أوقات معينة من الشارع الحكيم ، لا يجوز تأخيرها عنها ، فإذا كان تأخير الصلاة لعذر لا يفوت وقتها الذي فرضت فيه جاز التأخير ، وإذا كان يفوته حرم ، وإذا كان الاستمرار في الدراسة يخرج الصلاة عن وقتها لم يجز للدارس فعل ذلك ، ووجب عليه أن يصليها في وقتها ، والجمعة آخر وقتها هو آخر وقت الظهر ، فلا يجوز أن تؤخر عنه بحال ". انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" ( 8 / 197).

وعلى الخطيب أن يراعي عند تأخير إقامتها ، تقصير الخطبة حتى يفرغ من الصلاة قبل دخول وقت صلاة العصر ، وحتى يتمكن الناس من أداء السنة البعدية لصلاة الجمعة .

فإن ضاق الوقت ولم يتمكنوا من أداء السنة البعدية ، فلا حرج من قضائها بعد صلاة العصر.

ولمزيد الفائدة ينظر جواب السؤال رقم : (114233) .

والله أعلم