عنوان الفتوى : الجهل المقبول عذراً وغير المقبول
-ما هو الفرق بين القيام بالمعصية+العلم بها أ وبدون العلم بها؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد دلت الأدلة الصحيحة على أن الجهل عذر يرفع المؤاخذة في الجملة، ومن ذلك قوله تعالى: (وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به، ولكن ما تعمدت قلوبكم)[الأحزاب:5] وقوله: (وما كان الله ليضل قوماً بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون)[التوبة:115] وقوله: (وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا)[الإسراء:15] وكما في حديث المسيء صلاته وحديث معاوية بن الحكم في كلامه في الصلاة جهلاً، وحديث بول الأعرابي في المسجد، وغير ذلك من النصوص الدالة على عذر الجاهل، ورفع المؤاخذة عنه.
إلا أن هذا مقيد عند أهل العلم بمن جهل أمراً خفياً لم ينتشر علمه وبيانه، أو كان جهله بسبب حداثة إسلامه، أو نشوئه في مكان لا يتوفر فيه العلم.
أما من عاش بين المسلمين في بلد ينتشر فيه العلم، وارتكب معصية قد شاع وذاع أمر تحريمها، فهذا لا يقبل منه دعوى الجهل.
بل لو قدر كونه جاهلاً، فهذا آثم لتفريطه في أمر التعلم، والقاعدة أن الإثم لا يبرر الإثم.
وينبغي التنبه إلى أن الجهل إنما يكون عذراً في أحكام التكليف، أما ما كان من باب أحكام الوضع فلا تأثير للجهل فيه، كمن أتلف مال غيره جاهلاً، فإنه يلزمه قضاؤه، وإن رُفع الإثم عنه لجهله.
والله أعلم.