عنوان الفتوى : حكم إجابة الممتحن على نحو ما درس مما يخالف الشرع
في البداية أشكركم على هذا الموقع المتميز. أطلب منكم أن تعرضوا أسئلتي على الشيخ، كما أطلب منكم أن تسامحوني على الإطالة وأن تجيبوا عن أسئلتي كاملة فإنني أعاني من الوسواس معاناة شديدة. شيخنا، درسنا في المرحلة الإعدادية والثانوية أشياء كثيرة متنافية مع الدين وقد نسأل في الامتحان أسئلة من نوع : ما هي مظاهر العدل أو المساواة بين الجنسين ؟ فنجيب منع تعدد الزوجات و قد لا يعرف أحد أصدقائي الإجابة المطلوبة فأقولها له. هل هذا كفر علما أنني غير مقتنع بما كنت أكتبه وأحيانا أكون مقتنعا لأنني أجهل أنه يتنافى مع الدين؟ وهل أظل كافرا حتى أخبر صديقي أن ماقلته له خطأ؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فبداية ننبه على أن مثل هذه المواد الدراسية التي تتناقض مع الشريعة لا يجوز دراستها لمن لم يكن مضطرا للدراسة، أو كانت الدراسة لمبرر سائغ ومصلحة معتبرة، كبيان ما فيها من الأخطاء والمفاسد، وإظهار فضيلة أحكام الشريعة عليها، مع الاستفادة مما قد يكون فيها مما لا يخالف الشرع المطهر.
هذا مع وجوب إنكار ما فيها من المنكرات بحسب القدرة، ولا يخفى أن ذلك يحتاج إلى قدرة على تمييز الحق من الباطل.
ولذلك جاء في (فتاوى اللجنة الدائمة للإفتاء): لا يجوز لمسلم أن يدرس الفلسفة والقوانين الوضعية ونحوهما، إذا كان لا يقوى على تمييز حقها من باطلها خشية الفتنة والانحراف عن الصراط المستقيم، ويجوز لمن يهضمها ويقوى على فهمها بعد دراسة الكتاب والسنة، ليميز خبيثها من طيبها، وليحق الحق ويبطل الباطل ما لم يشغله ذلك عما هو أوجب منه شرعاً .. اهـ.
وبالنسبة لمسألة الاختبار، فإنه لا يخفى أن المرء لا يُسأل فيه عن اعتقاده وقناعته وإنما يُسأل عن المنهج الذي يدرَّس له. ومن المعلوم أن أوراق الإجابات لا يترتب عليها نشر شر ولا إحقاق باطل، وإنما مصيرها الإعدام والإتلاف. وعلى ذلك فلا حرج إن شاء الله أن يجيب الممتحَن على نحو ما درس.
وأما إخبار الزملاء بإجابة الأسئلة المخالفة للشريعة، فهذا مع ما فيه من الغش، فإنه إن كان مع من لا يميز الحق من الباطل، ففيه إعانة على نشر الباطل وتضييع حق. وهذا وإن كان حراما إلا إنه لا يصل بصاحبه لدرجة الكفر، طالما أنه لا يعتقد ذلك، أو كان معذورا بجهل أو تأويل. وقد سبق لنا بيان أن القول بحرمة تعدد الزوجات يكون كفرا إذا لم يكن صاحبه جاهلا أو متأولا، فإن كان كذلك فإنه آثم فحسب، فراجع الفتوى رقم: 99194.
وبهذا يعرف السائل أن قوله: (هل أظل كافرا حتى أخبر صديقي ..) ليس صوابا، وأن الكفر لا مدخل له في حالته. وغاية ما يتوجه إنما هو السؤال عن وجوب ذلك عليه وتعلقه بذمته، وأما الكفر فلا.
وبالنسبة لهذا الصديق، فإنه إن لم يكن يعرف الحق من الباطل في هذه المسألة، فيجب عليك نصحه وتعليمه وبيان الحق له، حتى ولو لم تكن أجبته عن مثل هذا السؤال.
فإن الدين النصيحة، وهذا نوع من إنكار المنكر الذي أمرنا به، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه. رواه مسلم.
والله أعلم.