عنوان الفتوى : مدى مشروعية طلب الخلع والإجابة إليه
أنا شاب من عائلة متوسطة الحال _ تربينا على مخافة الله وحب رسوله _ يشهد لي الأباعد قبل الأقارب بنظافة اليد وحسن الخُلق والخَلق وطيب المَعشر ( وله رب العالمين الفضل والمنة ) _ عقدت على فتاة من غير دخول لفترة تزيد على 6 أشهر لم أعاملها خلال تلك الفترة إلا بما يرضي الله بشهادة والدها وبعض أقاربهم وأحسنت إليها وإلى أهلها واعتبرت نفسي واحدا منهم بفرحهم وحزنهم رغم سوء خلق والدة الفتاة وكرهها لي لأنها تفضل بعض أقاربها وكانت تتمنى تزويجه من ابنتها _ طلبت مني أن أقبل بوظيفة كانت قد تقدمت لها سابقا- فرفضت بعد أن استعلمت عن عملها الذي ستؤديه هناك من باب سد الذرائع علما" أني لم أبخل عليها يوما" بالمال أو العاطفة أو الاهتمام _ فقامت بعد 4 أيام تماما بطلب الخلع مني فكما دخلنا بالمعروف نخرج بالمعروف دون أن تقدم لي أي عذر شرعي أو غير شرعي إلا قولها أننا مختلفون بوجهات النظر علما أنها تعرفني حق المعرفة من قبل الخطوبة وهي من ألح علي بموضوع الخطوبة والزواج منها لفترة طويلة، شكوتها لوالدها الذي طلب مشاورتها ومشاورة والدتها لاستبيان الأمر فعاد علي بنفس الطلب بحجة أنه لا يستطيع الوقوف بوجه رفض ابنته وأن ابنته رغبت عن الزواج بي وانتهى الموضوع _ وبسبب الإلحاح الكبير من قبلهم عرضت الأمر على أحد المحامين الشرعيين العالمين بالله وبالشريعة السمحاء واجتمعنا عنده لفض هذا الزواج فرفض المحامي الخلع إلا بعد استكمال مهلة شرعية لمناصحة الفتاة ( تنتهي تلك المهلة بعد 8 أيام ) _ سؤالي أيها السادة ما هو الحكم الشرعي في الزوجة غير المدخول بها ووالدها ووالدتها لرفضهم لي مع عدم وجود أعذار وهل هناك إثم علي بقبول الخلع في حال إصرارهم، أرجو منكم الإفادة فأخوكم بالله في حزن شديد وكرب أشد جراء تلك الواقعة بسبب حبي الشديد للفتاة ولهفتي عليها وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان..
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا يباح للزوجة طلب الطلاق أو الخلع من غير سبب مشروع، ولا ينبغي لوالديها إعانتها على ذلك، فعن ثوبان عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: أَيُّمَا امْرَأَةٍ سَأَلَتْ زَوْجَهَا الطَّلَاقَ مِنْ غَيْرِ مَا بَأْسٍ فَحَرَامٌ عَلَيْهَا رَائِحَةُ الْجَنَّةِ رواه أحمد.
وعنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الْمُخْتَلِعَاتُ هُنَّ الْمُنَافِقَاتُ. رواه الترمذي.
أما إذا كان الطلاق أو الخلع لسبب مشروع كأن يكون زوجها ظالماً لها، أو تكون كارهة له بحيث لا تستطيع أن تقوم بحقه فلا حرج على الزوجة فيه، ولا حرج على والديها في إعانتها عليه.
أما عن قبولك للخلع فهو جائز ولا إثم عليك -إن شاء الله- في ذلك، بل إنّ قبولك للخلع مندوب إذا كانت زوجتك مبغضة لك.
قال ابن مفلح في الفروع وتصحيح الفروع: يباح الخلع لسوء عشرة بين الزوجين، وتستحب الإجابة إليه .
ولعل الله يعوضك خيراً منها، قال تعالى: وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلّاً مِنْ سَعَتِهِ {النساء:130}، قال القرطبي: أي وإن لم يصطلحا بل تفرقا فليحسنا ظنهما بالله، فقد يقيض للرجل امرأة تقر بها عينه، وللمرأة من يوسع عليها .
واعلم أنّ ما فيه الخير لك يعلمه الله وحده، وأنك إذا توكلت على الله فسوف يكفيك كل ما يهمك، قال تعالى: وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ {الطلاق:4 }.
والله أعلم.