عنوان الفتوى : الخلع لا يعتبر طلاقا ولو كان بلفظ الطلاق

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

سؤالي يتعلق بالخلع ، فقد خلعت نفسي من زوجي أمام احد الشيوخ وشاهدين ، ثم بعد ستة أشهر قررنا أن نعود إلى بعض وبعقد نكاح جديد. ثم بعد سنتين من ذلك طلبت الخلع مجددا وحصلت عليه فعلاً . بعد أخذ ورد وعدني أنه سيحسن معاملتي وانه يجب أن نعود إلى بعض من أجل الطفل الذي بيننا . سؤالي : هل يعتبر الخلع طلاقاً ، وهل يعني ذلك انه بقي لي طلقة واحدة فقط ؟ وهل يجوز لنا أن نعود إلى بعض من جديد؟ وكيف نرجع إلى بعض ، هل بعقد نكاح جديد؟ أرجوا النصح والتوجيه ، وفي حال أردتم أن تعرفوا أي شيء آخر ارجوا إعلامي .

مدة قراءة الإجابة : 6 دقائق

الحمد لله

الخلع لا يعتبر طلاقا ، ولو كان بلفظ الطلاق ، على الراجح .

وبيان ذلك كما يلي :

1- الخلع إذا لم يكن بلفظ الطلاق ، ولم ينو به الطلاق ، فهو فسخ عند جماعة من أهل العلم ، وهو قول الشافعي في مذهبه القديم ، والمذهب عند الحنابلة ، ويترتب على كونه فسخا أنه لا يحسب من الطلاق ، فمن خالع زوجته مرتين ، فله أن يرجع إليها بعقد جديد ، ولا يحسب عليه شيء من الطلاق .

ومثال ذلك : أن يقول الزوج : خالعت زوجتي على كذا من المال ، أو فسخت نكاحها على كذا .

 2- وأما إذا كان الخلع بلفظ الطلاق ، كقوله : طلقت زوجتي على مال قدره كذا ، فإنه يكون طلاقا في قول جماهير أهل العلم . وينظر : "الموسوعة الفقهية" (19/237).

وذهب بعضهم إلى أنه يكون فسخاً أيضاً ، ولا يحسب من الطلاق ولو كان بلفظ الطلاق ، وهو مروي عن ابن عباس رضي الله عنهما ، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية ، وقال : إنه المنصوص عن الإمام أحمد وقدماء أصحابه .

وينظر : "الإنصاف" (8/393).

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " ولكن القول الراجح : أنه [يعني : الخلع] ليس بطلاق وإن وقع بلفظ [الطلاق] الصريح ، ويدل لهذا القرآن الكريم ، قال الله عز وجل : ( الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ ) البقرة/229، أي : في المرتين ، إما أن تمسك وإما أن تسرح ، فالأمر بيدك ( وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آَتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ ) البقرة/229 ، إذاً هذا فراق يعتبر فداء ، ثم قال الله عز وجل : ( فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ ) البقرة/230، فلو أننا حسبنا الخلع طلاقا لكان قوله : ( فَإِنْ طَلَّقَهَا ) هي الطلقة الرابعة ، وهذا خلاف الإجماع ، فقوله : ( فَإِنْ طَلَّقَهَا ) أي : الثالثة ( فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ ) والدلالة في الآية واضحة ، ولهذا ذهب ابن عباس رضي الله عنهما إلى أن كل فراق فيه عوض فهو خلع وليس بطلاق ، حتى لو وقع بلفظ الطلاق ، وهذا هو القول الراجح " انتهى من "الشرح الممتع" (12/467- 470).

وقال رحمه الله : " فكل لفظ يدل على الفراق بالعوض فهو خلع ، حتى لو وقع بلفظ الطلاق ، بأن قال مثلا : طلقت زوجتي على عوض قدره ألف ريال ، فنقول : هذا خلع ، وهذا هو المروي عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما : أن كل ما دخل فيه العوض فليس بطلاق ، قال عبد الله ابن الإمام أحمد : كان أبي يرى في الخلع ما يراه عبد الله بن عباس رضي الله عنهما ، أي : أنه فسخٌ بأي لفظ كان ، ولا يحسب من الطلاق .

ويترتب على هذا مسألة مهمة ، لو طلق الإنسان زوجته مرتين متفرقتين ، ثم حصل الخلع بلفظ الطلاق ، فعلى قول من يرى أن الخلع بلفظ الطلاق طلاق تكون بانت منه ، لا تحل له إلا بعد أن تنكح زوجا غيره ، وعلى قول من يرى أن الخلع فسخ ولو بلفظ الطلاق ، تحل له بعقد جديد حتى في العدة ، وهذا القول هو الراجح . لكن مع ذلك ننصح من يكتبون المخالعة أن لا يقولوا طلق زوجته على عوض قدره كذا وكذا ، بل يقولوا : خالع زوجته على عوض قدره كذا وكذا ؛ لأن أكثر الحكام (القضاة) عندنا وأظن حتى عند غيرنا يرون أن الخلع إذا وقع بلفظ الطلاق صار طلاقا ، ويكون في هذا ضرر على المرأة ، فإن كانت الطلقة الأخيرة فقد بانت ، وإن كانت غير الأخيرة حسبت عليه " انتهى من الشرح الممتع (12/450).

 وبناء على ذلك ؛ فإن أردت الرجوع إلى زوجك ، فلابد من عقد جديد ، ولا يحسب عليكما شيء من الطلاق .

والله أعلم .

أسئلة متعلقة أخري
لا يوجود محتوي حاليا مرتبط مع هذا المحتوي...