عنوان الفتوى : معنى التشبه بالكفار، وهل للعلماء لبس البنطال وربطة العنق
ما هو موقفي تجاه الأئمة والشيوخ الذين يتشبهون بالكفار في لباسهم مثل لبس ربطة العنقوكذلك إسبال الثياب ( البنطال) والذين يشاركونفي البرامج التلفزيونية التي تقدمها النساء غير المتسترات بحجة تقديم الفائدة والمعلومةالدينية والفتاوى لمشاهدي هذه البرامج؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقبل الإجابة عن هذا السؤال نرى أنه لا بد من التعريف بالمقصود من التشبه مع ذكر بعض القواعد المهمة في هذا الموضوع وإليك بيان ذلك:
أولاً تعريف التشبه: قال الإمام محمد الغزي الشافعي: (التشبه عبارة عن محاولة الإنسان أن يكون شبه المتشبه به، وعلى هيئته وحليته ونعته، وصفته، وهو عبارة تكلف ذلك وتقصده وتعلمه). وقال الأستاذ جميل اللويحق: (ويمكن القول في تعريف التشبه بعبارة موجزة أنه: "تكلف الإنسان مشابهة غيره في كل ما يتصف به غيره أو بعضه" ثم شرح هذا التعريف فقال: (فقوله: (تكلف الإنسان) أي أن يقصد ذلك ويتعمده، فيخرج بذلك ما يقع بدون قصد، كمشابهة الرجل للمرأة في الحركة والصوت بطبيعة الخلقة بدون نية، كما يخرج كذلك ما يقع من التشبه على سبيل الاضطرار، أو لدفع مفسدة عظمى، وذلك كالمكره، وكتشبه المسلم المقيم في بلاد الكفار المحاربة بالكفار في صفاتهم الظاهرة، ليسلم من أذاهم. وقوله: (مشابهة غيره) يدخل فيه جميع الأجناس المتشبه بها، سواء كان التشبه بها مباحاً أو غير مباح، وسواء كانت مما يعقل من الناس كالكفار والأعاجم والمبتدعة.. ومما لا يعقل كالحيوانات. وقوله: (في كل ما يتصف به غيره أو بعضه) أي في صفاته المعنوية، والحسية جميعها فيما يعرف ويرى، أو في بعض الصفات دون بعض. وأكثر إطلاق التشبه على الأمور الظاهرة من أقوالٍ وأفعالٍ دون الأمور الباطنة.) انظر: (التشبه المنهي عنه في الفقه الإسلامي) تأليف جميل اللويحق، رسالة ماجستير.
ثانياً: ذكر بعض القواعد المهمة في مسألة التشبه: نص العلماء على أنه: (لا يكون التشبه بالكفار إلا بفعل ما اختصوا به من دينهم أو عاداتهم) ومعنى ذلك أن التشبه لا يقع ابتداء إلا إذا فعل المسلم ما يتميز به الكفار عن المسلمين حتى يكون من شعاراتهم، سواء كان من أفعالهم الدينية أو كان من عاداتهم الدنيوية، أما المشترك الذي لا يختصون به فلا يقع التشبه بفعله، وإن شرع لنا نوع مخالفة في وصفه.. إلخ. التشبه المنهي عنه ص:104
ومما يدل على هذه القاعدة:
1- ما رواه مسلم من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: حين رأى عليه ثوبين معصفرين: "إن هذه ثياب الكفار فلا تلبسها" فتعليله صلى الله عليه وسلم للنهي بأن هذه الثياب من ثياب الكفار يقتضي المنع من كل ما كان من خواص الكفار.
2- ما رواه أبو داود بإسناد صحيح من حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا كان لأحدكم ثوبان فليصل فيهما، فإن لم يكن له إلا ثوب فليتزر به، ولا يشتمل اشتمال اليهود" فالاشتمال الممنوع هو الاشتمال الخاص باليهود. كما نص العلماء على قاعدة أخرى لا تقل أهمية عن الأولى وهي: (ما زال عن كونه شعاراً جاز فعله، ما لم يكن محرماً لعينه) ومعنى ذلك: أن حكم المنع من الفعل بسبب اختصاص الكفار به يزول بزوال سببه، فإذا شاع الأمر وعمَّ ولم يعد خاصاً بالكفار جاز فعله، إلا إذا كان محرماً لعينه كلباس الحرير… إلخ وبعد هذه المقدمة ننصح السائل وأمثاله بعدم التعجل في إطلاق الأحكام على الناس سلباً أو إيجاباً وألا يحكم إلا عن دليل وبينة. وبخصوص ربطة العنق فقد تقدم الكلام عنها في الفتوى رقم:
579 فلا داعي لتكراره. وأما البنطال فيرى بعض العلماء المعاصرين أنه مما عم وشاع لبسه حتى زال اختصاص الكفار به، فأصبح مباحاً. وهذا القول هو الصواب، انظر التشبه المنهي عنه في الفقه الإسلامي ص: 111 لكن لا يجوز للمسلم أن يلبس البنطال الضيق الذي يصف العورة. أما البنطال الواسع الفضفاض غير الشفاف فلا حرج في لبسه، والصلاة به صحيحة -إن شاء الله- كما أنه لا يجوز تتبع الموضة السائدة في الغرب والحرص على تطبيقها في ربطة العنق أو البنطال، أو غير ذلك.
وبناء على ما تقدم نقول: إذا كان هؤلاء المشايخ والأئمة المشار إليهم في السؤال يلبسون ربطة العنق والبنطال بدون إسبال، وكان ما يلبسونه غير محدد للعورة وغير شفاف، ولا يقصدون به موافقة الكفار ولا مشابهتهم، فلا يعدون من المتشبهين بالكفار في هذا، وإن كان الأولى تركه.
وأما الإسبال في اللباس فلا يجوز. وقد تقدم الكلام عنه، وعن البنطال في الأجوبة رقم: 1633 10005 6140 4186
والله أعلم.