عنوان الفتوى : هل ثبت شيء في " الملائكة الكروبيون " ؟

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

من هم الملائكة الكروبيون ؟ حيث إن الشيخ الألباني رحمه الله أنكر هذا الاسم في فتاوى " جدة " الشريط رقم 17 ( 01:03:42)

مدة قراءة الإجابة : 6 دقائق

الحمد لله

أولاً:

الإيمان بالملائكة من أركان ديننا الحنيف ، قال تعالى : ( آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ ) البقرة/ 285 ، وقد ذكرنا كثيراً من المسائل المتعلقة بالملائكة ، من حيث خلقهم ، وصفاتهم ، ووظائفهم ، وذلك في جوابي السؤالين : (14610) و (843) .

ثانياً:

ما يُطلق عليه " الملائكة الكَروبيُّون " ليس له أصل في الأحاديث النبوية الصحيحة ـ فيما نعلم ـ ، وغاية ما جاء ذِكرهم فيه : أحاديث ضعيفة جدّاً ، وموضوعة ، وآثار عن السلف ، وطائفة من المفسرين ، وقد ذكر بعض العلماء أن الكروبيين هم :

من يكونون حول عرش الرحمن ، أو هم حملة العرش أنفسهم .

وقال آخرون : هم سادة الملائكة وعظماؤهم .

وقال فريق ثالث : هم ملائكة العذاب .

ومثل هذا الأمر هو من الغيب الذي لا يجوز إثباته إلا بوحي من الله ، ولم يثبت في ذلك شيء.

أ. ما ورد فيهم من أحاديث غير صحيحة :

1. عن جابر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إن لله ملائكة وهم الكروبيون من شحمة أذن أحدهم إلى ترقوته مسيرة خمسمائة عام للطائر السريع في انحطاط).

والحديث حكم عليه الشيخ الألباني بأنه ضعيف جدّاً ، وقال :

رواه ابن عساكر ( 12 / 231 / 2 ) عن محمد بن أبي السري : أخبرنا عمرو بن أبي سلمة عن صدقة بن عبد الله القرشي عن موسى بن عقبة عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله مرفوعا وقال : " روى إبراهيم بن طهمان عن

موسى بن عقبة شيئا من هذا " . قلت : وهذا سند واهٍ جدّاً ، وله علتان :

الأولى : محمد بن أبي السري ، وهو متهم .

والأخرى : صدقة هذا وهو الدمشقي السمين وهو ضعيف ، ووقع في السند " القرشي ، ولم ترد هذه النسبة في ترجمته من " التهذيب " ، فلعله تحرف على الناسخ نسبته " الدمشقي " بالقرشي ، والله أعلم .

وقد خالفه إبراهيم بن طهمان عن موسى بن عقبة به بلفظ : (أذن لي أن أحدث عن ملك من ملائكة الله تعالى من حملة العرش ، ما بين شحمة أذنه إلى عاتقه مسيرة سبعمائة سنة) . وهو بهذا اللفظ صحيح كما قد بينته في " الأحاديث الصحيحة " رقم ( 151 ) .

" سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة " ( 2 / 323 ، حديث 923 ) .

2. وذكر ابن الجوزي في " بستان الواعظين ورياض السامعين " ( ص 20 ) حديثاً طويلاً ، وفيه موت الملائكة ، ومنه :

( وتموت ملائكة السبع سموات ، والحجب ، والسرادقات ، والصادقون ، والمسبحون ، وحملة العرش ، والكرسي ، وأهل سرادقات المجد ، والكروبيون ، ويبقى جبريل ، وميكائيل ، وإسرافيل ، وملك الموت عليه السلام ... . ) انتهى .

والحديث ليس له إسناد ، والكتاب مظنة الضعيف ، والموضوع .

ب. ما جاء ذِكرهم فيه من كلام السلف ومن بعدهم :

1. قال الخطابي - رحمه الله - :

الملائكة الكَرُوبيّون ، وهم : المُقَرّبون ، وقال بعضهم : إنما سُمُّوا : " كَرُوبيين " لأنهم يُدْخِلون الكَرْب على الكفار ، وليس هذا بشيء .

" غريب الحديث " ( 1 / 440 ) .

2. وقال ابن الأثير - رحمه الله - :

في حديث أبي العالية : ( الكروبيون سادة الملائكة ) هم المقربون ، ويقال لكل حيوانٍ وَثِيْقِ المفاصل : إنه لمُكْرَب الخَلْق ، إذا كان شديد القُوَى .

والأول أشبه .

" النهاية في غريب الحديث والأثر " ( 4 / 161 ) .

والخلاصة :

لم يصح شيء من الأحاديث المرفوعة عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يسمى " الملائكة الكروبيون " ، والواجب الوقوف في مسائل الغيب عند إثبات الوحي لها .

والله أعلم.