عنوان الفتوى : لماذا لم تلبس النساء النقاب أمام الرسول صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث؟
روى البخاري ومسلم من حديث عمر رضي الله عنه حينما استأذن على النبي صلى الله عليه وسلم وعنده بعض النساء يسألنه ، فلما استأذن عمر قمن يبتدرن الحجاب ، إلى آخر الحديث ، فهل تدل هذه الحادثة أن النقاب كان معروفاً لدى النساء حينها ، ولكنه لم يكن فرضاً عليهن فلم ترتديه أمام الرسول صلى الله عليه وسلم ؟
الحمد لله
روى البخاري ( 3120 ) ومسلم ( 2396 ) عن سَعْد بْن أَبِي وَقَّاصٍ رضي الله عنه
قَالَ : ( اسْتَأْذَنَ عُمَرُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ وَعِنْدَهُ نِسَاءٌ مِنْ قُرَيْشٍ يُكَلِّمْنَهُ وَيَسْتَكْثِرْنَهُ ،
عَالِيَةً أَصْوَاتُهُنَّ ، فَلَمَّا اسْتَأْذَنَ عُمَرُ قُمْنَ يَبْتَدِرْنَ
الْحِجَابَ ، فَأَذِنَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ،
وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَضْحَكُ ، فَقَالَ عُمَرُ :
أَضْحَكَ اللَّهُ سِنَّكَ ، يَا رَسُولَ اللَّهِ ، قَالَ : عَجِبْتُ مِنْ هَؤُلَاءِ
اللَّاتِي كُنَّ عِنْدِي ، فَلَمَّا سَمِعْنَ صَوْتَكَ ابْتَدَرْنَ الْحِجَابَ ،
قَالَ عُمَرُ : فَأَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، كُنْتَ أَحَقَّ أَنْ يَهَبْنَ ،
ثُمَّ قَالَ أَيْ : عَدُوَّاتِ أَنْفُسِهِنَّ أَتَهَبْنَنِي وَلَا تَهَبْنَ رَسُولَ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ! قُلْنَ : نَعَمْ ، أَنْتَ أَفَظُّ
وَأَغْلَظُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) .
وليس في هذا الحديث ما يدل على جواز كشف المرأة وجهها أمام الرجال الأجانب عنها .
1. لأن هؤلاء النسوة اللاتي كن عند النبي صلى الله عليه وسلم هن بعض أمهات المؤمنين
، بدليل قوله : (يستكثرنه) ، أي : يسأله زيادة النفقة .
قال الحافظ ابن حجر في " فتح الباري " ( 7 / 47 ) : "( وعنده نسوة من قريش ) هنَّ
مِن أزواجه ، ويحتمل أن يكون معهنَّ من غيرهن ، لكن قرينة قوله : ( يستكثرنه ) يؤيد
الأول" انتهى .
2. على فرض أنه كان مع أمهات المؤمنين غيرهن من النساء ، فليس في الحديث أن هذا كان
بعد فرض الحجاب ، فيحتمل أنه كان قبل ذلك .
قال السندي في حاشيته على صحيح البخاري " ( 4 / 21 ) : " لا يخفى أن المبادرة إلى
الحجاب لازمة عند دخول الأجنبي سواء كان عمر أو لا ، فما وجه التعجب ؟ .
فلعلَّ الواقعة كانت قبل آية الحجاب ، أو لعل فيهن من يجوز لها الكشف عند عمر كحفصة
مثلاً ، فالتعجب بالنظر إلى قيامها ، أو لعل التعجب من إسراعهن قبل أن يعلمن أن
النبي صلى الله تعالى عليه وسلم يأذن له أم لا ؟ وهذا أقرب إلى لفظ الحديث ، والله
تعالى أعلم " انتهى .
ثم لا يصح أن يقال : إن كشفهم وجوههن أمام النبي صلى الله عليه وسلم يدل على جواز
كشف المرأة وجهها أمام الرجال الأجانب عنها ؛ وذلك لأن من خصوصيات النبي صلى الله
عليه وسلم ـ كما اختاره الحافظ ابن حجر رحمه الله في "فتح الباري" ـ أنه يجوز له
النظر إلى وجه المرأة ، وأن يخلو بها ، كما جاز له أن يتزوج أكثر من أربع ، وأن
يتزوج بلا ولي .
وللفائدة ينظر جواب السؤال رقم (45696)
.
والله أعلم .