عنوان الفتوى : وجوب إخراج الزكاة في مال الصبي

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

أنا سيدة عربية متزوجة، جئت أزور بريطانيا وأولد فيها طفلي الأول، ولكن القدر فرض أن أعيش هنا الآن لي تقريبا سبع سنوات، وأستلم نقودا حق الأولاد من الحكومة، وأوفر منها ولم أزك عنها .. ولكن أزكي زكاة الفطر وعيد الأضحى، أو لو أحد مسافر أعطيه مبلغا ليوزع في بلدي؛ لأنه يوجد فقراء كثير، ولكن هنا لا يوجد. في خاطري حاجات خيرية كثيرة، ولا أدري كيف أفعل في موضوع زكاة المال التي هنا؛ لأن ضميري ليس مرتاحا وخصوصا أنا أرى أني مرتاحة وغيري لا. وكيف أقدر وأساعد ناسا في هذه البلاد أو في بلدي (الصدقة ) أو في بناء مساجد أو أي شيء فيه الخير، علما بأن ظروفي لا تسمح بزيارة بلدي الآن. أفيدوني؟

مدة قراءة الإجابة : 4 دقائق

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالواجبُ عليكِ إخراج الزكاة في مال أولادك، الذي ذكرتِ أنه يُصرف لهم إذا كان هذا المال نصاباً، ويجبُ عليكِ إخراجه عما مضى من السنين، فإن الزكاة لا تسقط بالتقادم. وقد بينا مقدار النصاب وكيفية إخراج الزكاة عن أكثر من سنةٍ مضت في الفتوى رقم: 93502.

والقول بوجوب إخراج الزكاة في مال الصبي، هو قول الجمهور. قال ابن قدامة في المغني: الزكاة تجب في مال الصبي والمجنون . . . روي ذلك عن عمر وعلي وابن عمر وعائشة والحسن بن علي وجابر رضي الله عنهم. وبه قال مالك والشافعي وأحمد. انتهى.

وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة: والذي يدل على وجوبها في أموالهم عموم أدلة إيجابها من الكتاب والسنة، ولـمَّا بعث النبي صلى الله عليه وسلم معاذاً إلى اليمن وبين له ما يقول لهم كان مما قال له: أعلمهم أن عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم. رواه الجماعة، ولفظة: (الأغنياء) تشمل: الصغير والمجنون، كما شملهما لفظ الفقراء، وروى الشافعي في مسنده عن يوسف بن ماهك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ابتغوا في أموال اليتامى، لا تذهبها أو لا تستهلكها الصدقة. وهو مرسل. وروى مالك في الموطأ أنه بلغه أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: اتجروا في أموال اليتامى لا تأكلها الزكاة، وقد قال ذلك عمر للناس وأمرهم، وهذا يدل على أنه كان من الحكم المعمول به والمتفق على إجازته، وروى مالك في الموطأ عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه أنه قال : كانت عائشة تليني وأخا لي يتيمين في حجرها، فكانت تخرج من أموالنا الزكاة. انتهى. وانظري الفتوى رقم: 6407.

وأما ما كنتِ تدفعينه إلى المسافرين ليخرجوه في بلادهم، فإن كنتِ تدفعينه إليهم بنية الزكاة، وكانوا يصرفونه في مصارفها، فإنه يجزئ عنكِ، فتخصمين هذا القدر الذي زكيته مما وجب عليكِ، وتبادرين بإخراج ما بقي.

ومصارف الزكاة قد بينها الله في قوله: إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ {التوبة:60}.، فلا يجوز لكِ دفع الزكاة في بناء المساجد، وغيرها مما ليسَ من مصارف الزكاة، وإذا لم تستطيعي إخراج الزكاة في البلد التي أنت فيه لعدم وجود المستحقين لها، أو لعدم علمكِ بهم جاز لك توكيل من يخرجها في غير بلدك، فإن نقل الزكاة جائزٌ للحاجةِ، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 12533.

وأما ما تريدين فعله من أعمال الخير، فنسأل الله أن يعينكِ ويوفقك، وباب الصدقة واسع، ومهما اجتهدتِ في أفعال البر فأنتِ مأجورة، قال تعالى: وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ وَمَا تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ {البقرة:272}، لكن ننبهكِ على أن صدقتكِ لا بد وأن تكون من مالكِ أنت، ولا يجوز لكِ أن تتصرفي في مال أولادك إلا بما فيه المصلحة، فلا تخرجي منه إلا الحق الواجب وهو الزكاة سواءٌ في ذلك زكاة المال، وزكاة الفطر.

واعلمي أنه ليس لعيد الأضحى زكاة، أو صدقة مخصوصة، وإنما المشروع فيه التقرب إلى الله بذبح الأضاحي.

والله أعلم.