عنوان الفتوى : ضوابط شرعية في حب الأولاد
هل تنطبق الفتوى رقم 114909على حب الأبناء؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا ينطبق ما ورد في الفتوى المذكورة على حب الأولاد, ولكن يحذر في شأن محبة الأولاد من أمرين:
الأول: الإفراط الزائد في محبتهم بحيث يقود إلى معصية الله ويقعد عن طاعته فإذا وصل إلى هذا الحد فهو مذموم، وقد قال الله سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ {التغابن:14}.
جاء في تفسير ابن كثير عند تفسير هذه الآية: يقول تعالى مخبرًا عن الأزواج والأولاد: إن منهم من هو عدو الزوج والوالد، بمعنى: أنه يلتهى به عن العمل الصالح، كقوله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ، ولهذا قال هاهنا: فاحذروهم قال ابن زيد: يعني على دينكم.
وقال مجاهد: إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ قال: يحملُ الرجل على قطيعة الرحم أو معصية ربه، فلا يستطيع الرجل مع حبه إلا أن يطيعه. انتهى.
وجاء في تفسير الألوسي وقال غير واحد: إن عداوتهم من حيث إنهم يحولون بينهم وبين الطاعات والأمور النافعة لهم في آخرتهم، وقد يحملونهم على السعي في اكتساب الحرام وارتكاب الآثام لمنفعة أنفسهم كما روي عنه صلى الله عليه وسلم: يأتي زمان على أمتي يكون فيه هلاك الرجل على يد زوجه وولده يعيرانه بالفقر فيركب مراكب السوء فيهلك.
ومن الناس من يحمله حبهم والشفقة عليهم على أن يكونوا في عيش رغد في حياته وبعد مماته فيرتكب المحظورات لتحصيل ما يكون سبباً لذلك وإن لم يطلبوه منه فيهلك، وسبب النزول أوفق بهذا القول. انتهى.
وأيضا فقد قال سبحانه: قُلْ إِنْ كَانَ آَبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ {التوبة:24}.
الثاني: أن يتحول هذا الحب الفطري الجبلي للأولاد إلى حب شهوة والعياذ بالله حينئذ يخرج الأمر من باب المشروع إلى الممنوع ومن الطاعة إلى الفسوق والعصيان.
والله أعلم.