عنوان الفتوى : مكونات عملية السحر والوقاية منه
أريد مـنكم أن تــجعلوا لـي مـخرجـا مـن هــذه الشبهة وقال الله تعالى (فسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون ) ولا نعلم شبكة نالت ثقة وشهرة مثل هذه الشبكة وما شاء الله تبارك الله،
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالسحر عقد وكلام يتكلم به أو يكتبه الساحر أو يعمل شيئا يؤثر بتقدير الله تعالى في بدن المسحور أو قلبه أو عقله، وله حقيقة كما سبق بيانه في الفتويين: 5856، 502.
والسحر وإن كان له حقيقة كما هو مذهب أهل السنة وعليه عامة العلماء، فالذي عليه جمهور العلماء منهم أنه لا يحيل الحقائق وإنما يغير المزاج فيكون نوعا من الأمراض، وقد سبق أيضا بيان ذلك في الفتوى رقم: 18942.
وأما خادم السحر فهم يعنون به الجني أو الشيطان المكلف بحراسة السحر، ويذكر أن عملية السحر تتكون من ساحر وعمل وخادم للسحر، فبعد أن يبيح الساحر دينه للشياطين يحصل على عدد ما من خدام السحر من الجن، ولا يستطيع الساحر تكليف خادم السحر إلا من خلال عمل، وهذا العمل مرشوش أو مخطى أو مأكول أو مشروب أو مدفون ويبدأ الساحر عمله بأن يطلب ممن جاءه لعمل السحر لشخص ما أن يحضر له شيئا من أثره فيقوم بعدها الساحر بالنفث بالعقد؛ كما قال تعالى: وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي العُقَدِ {الفلق:4} أو بأعمال أخرى يقوم الجان الخادم للسحر من خلالها بالتعرف على المسحور والتسلط عليه، ويذكرون أيضا أشياء عن حقيقة العلاقة بين الساحر وبين الشياطين وخدام السحر.
وهذا كله لا نعلم له أصلا في الشريعة يمكن أن يعتمد عليه نفيا أو إثباتا إلا عمومات لا تفيد هذه التفاصيل ونحوها؛ كقوله تعالى: وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى المَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ المَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآَخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ {البقرة:102} فهذه الآية تفيد وجود العلاقة بين الذي يتعاطى السحر وبين الشياطين ولكن لا نعرف منها كيفية حصول ذلك وكيفية تأثيره، فينبغي أن نقف في الغيبيات على النص ولا نتجاوز دلالتها فنكذب حقا أو نصدق باطلا.
وبقية ما ورد في السؤال من هذا القبيل الذي لا يثبت في كتاب الله ولا في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في ما نعلم.
والذي ينبغي للمسلم هو أن يتحصن بالقرآن وما ثبت من الأذكار مع يقينه التام أن النفع والضر بيد الله وحده فهو الضار النافع، ومن قدر الله عليه الإصابة بشيء من السحر أو غيره فليفزع إلى الله تعالى وحده وليأخذ بالأسباب الشرعية وليبتعد كل البعد عن السحر والدجل والشعوذة فإن ذلك لن يزيده إلا خبالا.
وللفائدة راجع الفتوى رقم: 104384 وما أحيل عليه فيها.
والله أعلم.