عنوان الفتوى : البشارات بالنبي محمد في أناجيل (متى ولوقا ويوحنا)
أتمنى منكم أن تعطوني الدليل من الأناجيل (متي ولوقا ويوحنا) على أنها بشرت بخاتم الأنبياء والمرسلين. ملاحظة:أتمنى أن تعطوني أدلة من الأناجيل التي ذكرتها وليس من الأناجيل القديمة مثل برنابا وغيرها التي كنتم قد تحدثتم عنها في بعض الفتاوى السابقة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد ذكر الدكتور منذر السقار في كتابه هل بشر الكتاب المقدس بمحمد صلى الله عليه وسلم: بشارة من إنجيل متى، وفيها يقول المسيح: الحق الحق أقول لكم: لم يقم بين المولودين من النساء أعظم من يوحنا المعمدان، ولكن الأصغر في ملكوت السماوات أعظم منه.. لأن جميع الأنبياء والناموس إلى يوحنا تنبؤوا، وإن أردتم أن تقبلوا فهذا هو إيليا المزمع أن يأتي، من له أذنان للسمع فليسمع. (متى 11/11 - 15).
* قال د. منذر: فالأصغر في ملكوت السماوات هو إيلياء المزمع أن يأتي، الذي تنبأ به الأنبياء، نبياً تلو نبي، وكان آخرهم يوحنا المعمدان. فمن هو إيليّا الأصغر في ملكوت السماوات؟ إنه محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي صغر بتأخره في الزمان عن سائر الأنبياء، لكنه فاقهم جميعاً باكتمال رسالته ورضا الله بدينه ديناً خاتماً إلى قيام الساعة، فإن لم يكن محمداً - صلى الله عليه وسلم - فمن ذا يكون؟ ولا يمكن لنصراني أن يدعي بأن عيسى هو آخر الرسل والأنبياء لإيمانهم برسالة تلاميذه بل وغيرهم كبولس، كما لم تكمل رسالته عليه السلام بدليل التعديل والنسخ الذي أجراه الحواريون عليها في المجمع الأورشليمي الأول بزعم التيسير على المتنصرين، فأبطلوا الختان، وأحلوا بعض محرمات التوراة... وهذا الأصغر إنما يأتي في ملكوت السماوات التي لم تكن قد قامت يوم ذاك، وهو مزمع أن يأتي ولما يأت بعد، إنه محمد صلى الله عليه وسلم. اهـ.
* وهذه البشارة جاءت أيضا في إنجيل لوقا: بل ماذا خرجتم لتنظروا، أنبياً؟ نعم أقول لكم: وأفضل من نبي، هذا هو الذي كتب عنه: ها أنا أرسل أمام وجهك ملاكي الذي يهيئ طريقك قدامك، لأني أقول لكم: إنه بين المولودين من النساء ليس نبي أعظم من يوحنا المعمدان، ولكن الأصغر في ملكوت الله أعظم منه. (لوقا 7/26).
وذكر د. منذر بشارة أخرى من إنجيل يوحنا فقال: ينفرد يوحنا في إنجيله بذكر هذه البشارات المتوالية من المسيح بهذا النبي المنتظر، حيث يقول المسيح موصياً تلاميذه: إن كنتم تحبونني فاحفظوا وصاياي، وأنا أطلب من الآب فيعطيكم معزياً آخر، ليمكث معكم إلى الأبد، روح الحق الذي لا يستطيع العالم أن يقبله، لأنه لا يراه ولا يعرفه، وأما أنتم فتعرفونه لأنه ماكث معكم، ويكون فيكم... إن أحبني أحد يحفظ كلامي، ويحبه أبي وإليه نأتي، وعنده نصنع منزلاً. الذي لا يحبني لا يحفظ كلامي، والكلام الذي تسمعونه ليس لي، بل للآب الذي أرسلني، بهذا كلمتكم وأنا عندكم، وأما المعزي الروح القدس الذي سيرسله الآب باسمي فهو يعلمكم كل شيء، ويذكركم بكل ما قلته لكم …. قلت لكم الآن قبل أن يكون، حتى متى كان تؤمنون، لا أتكلم أيضاً معكم كثيراً، لأن رئيس هذا العالم يأتي، وليس له فيّ شيء. (يوحنا 14/15 - 30).
وفي الإصحاح الذي يليه يعظ المسيح عليه السلام تلاميذه طالباً منهم حفظ وصاياه، ثم يقول: متى جاء المعزي الذي سأرسله أنا إليكم من الآب، روح الحق الذي من عند الآب ينبثق، فهو يشهد لي، وتشهدون أنتم أيضاً لأنكم معي في الابتداء. قد كلمتكم بهذا لكي لا تعثروا، سيخرجونكم من المجامع، بل تأتي ساعة فيها يظن كل من يقتلكم أنه يقدم خدمة لله... قد ملأ الحزن قلوبكم، لكني أقول لكم الحق: إنه خير لكم أن أنطلق، لأنه إن لم أنطلق لا يأتيكم المعزي، ولكن إن ذهبت أرسله إليكم. ومتى جاء ذاك يبكت العالم على خطية وعلى بر وعلى دينونة، أما على خطية فلأنهم لا يؤمنون بي، وأما على بر فلأني ذاهب إلى أبي ولا ترونني أيضاً، وأما على دينونة فلأن رئيس هذا العالم قد دين. إن لي أموراً كثيرة أيضاً لأقول لكم، ولكن لا تستطيعون أن تحتملوا الآن، وأما متى جاء ذاك، روح الحق، فهو يرشدكم إلى جميع الحق، لأنه لا يتكلم من نفسه بل كل ما يسمع يتكلم به، ويخبركم بأمور آتية، ذاك يمجدني، لأنه يأخذ مما لي ويخبركم. (يوحنا 15/26 - 16/14).
قال: ففي هذه النصوص يتحدث المسيح عليه السلام عن صفات الآتي بعده، فمن هو هذا الآتي؟
ويعتقد المسلمون أن ما جاء في يوحنا عن المعزي رئيس هذا العالم الآتي، إنما هو بشارة من المسيح بنبينا - صلى الله عليه وسلم - وذلك يظهر من أمور، منها أن لفظة " المعزي " لفظة حديثة استبدلتها التراجم الجديدة للعهد الجديد، فيما كانت التراجم العربية القديمة (1820م، 1831م، 1844م) تضع الكلمة اليونانية (البارقليط) كما هي، وهو ما تصنعه كثير من التراجم العالمية وفي تفسير كلمة " بارقليط " اليوناني نقول: إن هذا اللفظ اليوناني الأصل، لا يخلو من أحد حالين، الأول أنه "باراكلي توس". فيكون حسب قول النصارى بمعنى: المعزي والمعين والوكيل. والثاني أنه " بيروكلوتوس "، فيكون قريباً من معنى: محمد وأحمد. اهـ.
ثم فصَّل الدكتور منذر الكلام في هذا المعنى.
وراجع كتاب هداية الحيارى لابن القيم وكتاب البشارات بمحمد في الكتب السماوية السابقة للشيخ الزنداني.
والله أعلم.