عنوان الفتوى : امض في دعوتك إلى الله واصبر ولا تيأس من الإصلاح
أنا إمام في قرية منذ سبع سنوات، ولكن أهل القرية التي أعمل فيها إماما يسمعون الخطب والدروس ويستمتعون ولا يطبقون منها إلا اليسير، يعطلون الكثير من الأحكام الشرعية، وينتمون إلى أحزاب علمانية، أذكرهم كثيرا ولكن بلا فائدة، حتى سميت هذه البلدة الطائف، وأهانوني وضربوني لأني أحدثهم عن خطورة الانتماء إلى الأحزاب العلمانية، علما بأنكم لو أتيتم إلى المسجد لوجدتم العشرات منهم يصلون... ولا أريد أن أطيل في شرح الموقف ولكن أصابني منهم ملل وأحيانا أخطب بدون نفس وأدرس بملل لأني أعلم أن هذا العلم لا يطبق وإنما شعار الناس: سمعنا واستمتعنا.. فأرجو منكم أن تقولوا لي كلاما يطيب خاطري ويثبتني على دعوتي، علما بأني فكرت في الرحيل من عندهم مرارا.........
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فهذه يا أخي هي طبيعة الطريق إلى الله عز وجل، فإياكَ أن تظن أن طريق الدعوةِ مفروشة بالورود، بل هي طريقٌ مليئة بالعقبات والعثار، وقد ابتلي أنبياء الله من لدن نوحٍ عليه السلام إلى نبينا محمد صلي الله عليه وسلم فثبتوا وصبروا، وثمن الجنة غال لا بد أن تبذله إذا كنت طالباً لها على الحقيقة، قال تعالى: أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ. {البقرة: 214}.
ثم إن الثمرة والنتيجة ليست عليك بل الهدي هدي الله، ووظيفتك أنت هي التبليغ والنصح وبذل الوسع في ذلك والله يهدي من يشاء ويضل من يشاء، فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ، لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ، وقد صبر نوحٌ على قومه ألف سنةٍ إلا خمسين عاماً فما تكون السبع سنين التي قضيتها في قريتك بالنسبة إلى هذه المدة ؟، وأهل بلدتك منتسبون إلى الإسلام وإن وجُدتْ عندهم أخطاءٌ ومعاص أو حتى إصرارٌ على بعض الكبائر، فكونهم يحضرون ويستمتعون – على حد قولك – بشير خير، ونرجو إن شاء الله أن يكون الانتفاع عقب الاستمتاع، وحتى إذا لم يستجيبوا أما يكفيك أن تكون قد أرضيت ربك وأديت ما عليك؟، ولكَ في أنبياء الله أُسوة، وفي الصحيحين: فيأتي النبي ومعه الرهط، ويأتي النبي ومعه الرجل والرجلان، ويأتي النبي وليس معه أحد.
فاستمر في طريقك يا أخي الحبيب ولا تترك النصح والتذكير، وتحمس لدعوتك، فأنت على الحق ولا يصيبنك الملل فليس هذا من شأن المخلصين، وفقنا الله وإياك لما فيه صلاح الدنيا والدين............
والله أعلم.