عنوان الفتوى : هل الرجل الصالح لا يتزوج إلا امرأة صالحة ؟

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

سمعت أن كل إنسان يأخذ من يستحق ( زوج أو زوجة ) فإن كان صالحاً كان زوجه صالحاً ولم أجد أي حديث عن هذا الموضوع فما قولكم في ذلك ؟ سمعت أيضاً أنه إذا زنى المرء فإنه يعاقب بأن إحدى نساء قرابته ترتكب الزنا فهل هذا صحيح ؟ كثير من الشباب المسلم يبحث عن شريك في الحرام فهل أخبرهم أن التقي ينال تقياً إلا إذا ابتلاه الله .

مدة قراءة الإجابة : 5 دقائق

الحمد لله

أولاً :

ما سمعتَه من أن الإنسان يتزوج من يستحق ويشابهه في الصلاح والفساد غير صحيح ، ويدل على ذلك :

1-ما حكاه الله تعالى عن نبيين كريمين من أنبيائه وهما نوح ولوط عليهما السلام أن زوجتيهما كانتا كافرتين، قال الله تعالى : (ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا لِلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَاِمْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنْ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ ) التحريم/10 .

2-أن الشرع نهى عن تزويج الزاني من العفيفة ، ونهى العفيف عن التزوج من زانية ، وهو يدل على إمكان وقوع ذلك ، بل قد وقع مثل هذا كثيراً .

قال الله تعالى : الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُهَا إِلا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ النور / 3 .

3-إخبار النبي صلى الله عليه وسلم أن المرأة قد تُزوج لمالها ولجمالها ولحسبها ولدينها ، وترغيبه صلى الله عليه وسلم بالتزوج من ذات الدين يدل أنه قد يقع غيره ، فيتزوج الرجل ممن لا يماثله .

عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " تُنكح المرأة لأربع : لمالها ، ولحسبها ، وجمالها ، ولدينها ، فاظفر بذات الدين تربت يداك " .

رواه البخاري ( 4802 ) ومسلم ( 1466 ) .

4-أمر النبي صلى الله عليه وسلم الأولياء بتزويج مولياتهم من أهل الدين يدل على أنه قد يقع خلافه .

عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض " .

رواه الترمذي ( 1084 ) وابن ماجه ( 1967 ) . وصححه الألباني في "السلسلة الصحيحة" ( 1022 ).

فعلى من يبحث عن زوجة أن يبحث عن صاحبة الدين والخلق ، وكذلك على أولياء المرأة أن لا يزوجوها إلا من صاحب الدين . فإن الإنسان يكتسب من أخلاق من يصاحبه ، لا سيما مع طول الصحبة . وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم عليه وسلم : (الرَّجُلُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلُ) رواه الترمذي (2378) وحسنه الألباني في صحيح الترمذي (1937) .

( الرَّجُلُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ ) أَيْ عَلَى عَادَةِ صَاحِبِهِ وَطَرِيقَتِهِ وَسِيرَتِهِ (فَلْيُنْظَرْ) أَيْ فَلْيَتَأَمَّلْ وَلْيَتَدَبَّرْ (مَنْ يُخَالِلْ) مِنْ الْمُخَالَّةِ وَهِيَ الْمُصَادَقَةُ وَالإِخَاءُ , فَمَنْ رَضِيَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ خَالَلَهُ وَمَنْ لا تَجَنُّبُهُ , فَإِنَّ الطِّبَاعَ سَرَّاقَةٌ وَالصُّحْبَةُ مُؤَثِّرَةٌ فِي إِصْلاحِ الْحَالِ وَإِفْسَادِهِ . قَالَ الْغَزَالِيُّ : مُجَالَسَةُ الْحَرِيصِ وَمُخَالَطَتُهُ تُحَرِّكُ الْحِرْصَ وَمُجَالَسَةُ الزَّاهِدِ وَمُخَالَلَتُهُ تُزْهِدُ فِي الدُّنْيَا ; لأَنَّ الطِّبَاعَ مَجْبُولَةٌ عَلَى التَّشَبُّهِ وَالاقْتِدَاءِ بَلْ الطَّبْعُ يَسْرِقُ مِنْ الطَّبْعِ مِنْ حَيْثُ لا يَدْرِي اهـ من تحفة ألأحوذي .

ثانياً :

أما بالنسبة للزاني فإنه قد يعاقب في أهله ، وقد روي في ذلك حديث لكنه موضوع ، وقد يصح معناه ، وقد ذكرناه مع التعليق عليه في جواب السؤال رقم ( 22769 ) فليراجع .

 والله أعلم.