عنوان الفتوى : العمل في بنك ربوي عند الضرورة حتى يوجد البديل الحلال
فضيلة الشيخ لا يغيب عنكم واقعنا في فلسطين وتحديدا في غزة وحصارها. والحمدلله على كل حال. سؤالي هو ما حكم العمل في شركات الوساطة للأوراق المالية والبنوك الربوية في حال انعدام الوظائف في الشركات الخاصة والحكومية وازدياد عدد العاطلين عن العمل والفقر واشتداد الحصار على البلاد من قبل العدو والأصدقاء من الدول كافة العربية والأجنبية مع العلم أن هذه الشركات تعمل في بيع وشراء أسهم شركات كالبنوك وغيرها. وأسألك شيخي الفاضل أن توضح الحلول لهذا الإشكال في ظل انعدام الأمل لمساعدتنا من قبل إخوتنا المسلمين من حولنا إلا بالنزر اليسير والذي يتحكم به عدونا في رقابنا بمباركة إخوتنا في الدين. وسكوت الأمة جمعاء عما يصيب المسلمين هنا من ضر وبأساء واحتجاجهم باقتتالنا مع بعضنا البعض والله يعلم حقيقة الأمر. وسكوت علماء المسلمين كافة إلا من رحم ربي عن الخوض والتنديد وتسيير المسيرات والاحتجاجات في بلاد المسلمين لما يصيبنا في غزة. أرجو منكم إبداء الرأي والمشورة والنصيحة ولكم جزيل الشكر.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإنه لا يخفى على السائل الكريم أن العمل في البنوك الربوية حرام لما فيه من الإعانة على الربا الذي حرمه الله تعالى، وأما العمل في شركات الوساطة المالية فجائز في المجال المباح من أعمالها، وليس من أعمالها المباحة شراء أسهم البنوك الربوية، وراجع في ضوابط العمل في الأسهم الفتوى رقم: 3099.
فإذا تقرر ذلك وتبين حكم العمل في هذه الجهات فإن للضرورة أحكاما أيضا، ومن أحكام الضرورة أنها تبيح المحظور، فإذا اضطر الشخص إلى العمل في هذه الأعمال المحرمة فلا مانع من العمل فيها إلى حين وجود البديل الحلال، فالضرورة تقدر بقدرها، قال تعالى: فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ. {سورة البقرة 173}.
وينبغي أن تعلم أن حد الضرورة المبيحة للحرام هو ما يغلب على الظن وقوع المرء بسببه في الهلكة، أو أن تلحقه بسببه مشقة لا تحتمل، أو أن لا يتمكن من تحقيق الحد الأدنى من ضروريات الحياة من مأكل ومشرب ومسكن ولو بالإيجار.
والله أعلم.