أرشيف الاستشارات
عنوان الاستشارة : أتعرض لعنف أسري، فما توجيهكم لي؟
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أتمنى منكم مساعدتي لأني أعاني من مرض نفسي ولا أعلم هل هو شديد، لا أدري! لكن ضاقت بي الدنيا، مشاكل مع الأم بسبب وبدون سبب - حسبي الله عليها -، ومشاكل مع الأب وحياة لا يحب أن يعيشها الحيوان وهو حيوان.
أنا على هذا الحال من 20 سنة إلى الآن، وحتى عندما أتألم لا أذهب إلى الطبيب، لأن أبي يمنعني، ولا أعامل معاملة حسنة من الوالدين، كأني غريبة، وكأني لست من أهل البيت، وقبل هذا وعندما كنت صغيرة أبي تحرش بي جنسياً والسبب زوجته التي لا تعطيه حقه بإرضائه، وهي مهملة بكل النواحي، وأيضاً عندما يراني أبي ينهال عليّ ضرباً.
أيضاً عندما ينفق علينا أنا وأخواتي لا يعطيني حقي برضاً منه، يحسسني كأني آخذ الشيء عنوة، مثل شراء الملابس عندما أنزل السوق، وعندما أطلب منه كأني آخذه من قلبه، كأنني آخذه غصباً عنه، وبعض الأحيان يحسسني كأني عالة عليه، تمنيت أن أنتحر، لكن هناك شيئاً يمنعني ألا وهو حديث شريف بأن الله حرم قتل النفس، ففكرت بأن آخذ بيتاً وسيارة وأعيش حياتي، لكن لا أستطيع حتى الخروج من غرفتي، وأعاني الكثير من الأوجاع، أوجاع بالمفاصل، وأوجاع بالأسنان، وأوجاع بالأذنين لدرجة النزيف، وأيضاً نزيف من الأنف، لو عددت أوجاعي فلن أستطيع أن أشرحها جميعها.
الخروج إلى المستشفى من المستحيلات، لكن إحدى زميلاتي تستطيع مساعدتي، تستطيع أن تأتيني بأي شيء أريده، بعض الأحيان أطلب منها أن تأتيني بأدوية لأوجاع الأسنان والأذنين فتأتيني بها ولا تقصر معي، لكني أحس أن الألم مثل ما هو، ولكن الحمد لله على كل حال، أنا معروف عني أني اجتماعية ومرحة، وأحب الخروج والسفر، لكن آخر اثنين من المستحيلات مع الأب.
المهم كل هذا اختفى، صرت انطوائية وعندي خوف ورعب من كل شيء حولي، فبعض الأحيان عندما مثلاً لا أكون قاصدة أن أعمل شيئاً أكرر الكلمة أكثر من مرة، مثلاٍ عندما أقول والله لم أقصد أن أعمل هذا .. والله، ولكن لا أدري كيف صارت والله لم أقصد، كان قصدي سليم والله ..إلخ، لدرجة أن المتواجدين معي يقولون طيب كفى (خلاص)، ولكن ألاحظ نفسي أكررها كأني أريد أن أقنعه بهذا الشيء، أو لا أدري كيف!
باختصار أنا أتعرض لعنف أسري منذ أن كنت صغيرة إلى الآن، ونفسيتي انعدمت، وأعرف أني محتاجة لطبيب نفساني حتى يساعدني، لكن لا أستطيع، أو بمعنى آخر من المستحيلات.
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ الدمعة دموع حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإن التعرض للعنف الأسري يجب ألا يكون هناك صمتٌ عليه أبداً، نحن نرفض تمامًا السكوت على العنف الأسري، لأن في ذلك نوع من التمكين لما هو خطأ، والحمد لله تعالى الآن توجد في معظم الدول أماكن ومختصين يتعاملون بسرية كاملة مع حالات العنف الأسري، والذي أنصحك به هو أن تتواصلي - عن طريق التليفون - مع أحد هذه المراكز.
الاستشارات العائلية موجودة في معظم الدول، وبها مختصين، ومعظم هذه المراكز –أو كلها – تتعامل مع الأمر بسرية كاملة، والشخص المسترشد لا يُطالب حتى بالتعريف بنفسه بصورة كاملة.
هذا هو الذي أنصحك به كمبدأ أساسي، ولا تعتقدي أن ما أقوله لك صعب، أو أنني اخترت الطريق القصير والسهل بالنسبة لي، لا، السكوت على العنف الأسري مرفوض رفضًا باتًا.
الجانب الآخر من الأمر هو: إذا كان بالإمكان أن تقومي أنت بمعالجات هذا الموضوع فهذا خير.
المعالجات:
أولاً: لا بد أن يكون هناك ضمان تام أنه لا يوجد تحرش جنسي عليك، أو أي نوع من الامتهان الجنسي.
والأمر الثاني هو: أن تحاولي بقدر المستطاع إرضاء والديك.
اجلسي مع نفسك جلسة صادقة، قيمي فيها الأمور بحيادية وموضوعية شديدة، وتذكري شيء واحد: أن أمك لا يمكن أن تكرهك، وبشيء من التودد والتقرب لها سوف تبدأ هي أيضًا في مبادرات إيجابية نحوك، وإن كان هذا الأمر تجدين فيه صعوبة تواصلي مع أحد قريباتك، أو مع أحد صديقاتك، فالأخوة في الله أيضًا أمر عظيم، ورُبَّ أخٍ لك لم تلده أمك – كما يقولون – يمكن أن تجدي من تتناصحي معها، ويمكن أن تجدي من تحكي لها آلامك وتجدي منها الاسترشاد، وربما تكون سببًا في تحسين التواصل بينك وبين أسرتك.
أنت وصفت شخصيتك بأنها شخصية اجتماعية، وهذه ميزة عظيمة جدًّا، فمن خلال هذه السمة الجيدة يمكن أن تفتحي آفاق جديدة لنفسك. واعرفي دائمًا أن الصعوبات مهما كانت هي خبرات وتجارب، يأتي - إن شاء الله – بعدها الفرج، وتنقشع هذه السوداوية.
من جانبك: لا بد أن تأخذي خطوات إيجابية ومبادرات إيجابية، حتى إن كان هذا ثقيلاً على نفسك، وعليك بالدعاء والإصرار عليه والإلحاح فيه، والتيقن بأنه مُجاب - بإذن الله تعالى -.
بر الوالدين قيمة عظيمة، وأنا أقدر التمزق النفسي الذي تعانينه نسبة لما حدث لك من امتهان، لكن في ذات الوقت إن استطعت أن تتنازلي وأن تكظمي غيظك فهذا - إن شاء الله – فيه خير كبير وكثير لك.
إذن الحل أن تختاري أحد الطريقين، الطريق الأول واضح، وهو التواصل مع جهة استرشادية أو رسمية، والطريق الثاني: تدارك الأمر بنفسك وبشيء من الحلم والصبر والروية، والاستعانة بعد الله تعالى بمن حولك، وأن تعرفي أن مثل هذه الظروف عابرة - إن شاء الله تعالى – مهما طال الزمن، وأقول لك أن الزمن لصالحك لأن مهاراتك سوف تزداد، وشكيمتك سوف تقوى، ومقدرتك على مقابلة الأهوال سوف تكون أفضل بكثير مما سبق، وإن شاء الله تعالى يتبدل الحال مما عليه الآن إلى ما هو أطيب.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا ونشكرك على التواصل مع إسلام ويب.
أسئلة متعلقة أخري | شوهد | التاريخ |
---|---|---|
حياتي متوقفة منذ سنوات، وأعاني من ألم نفسي شديد! | 1878 | الخميس 30-04-2020 07:11 صـ |
كيف أنسى إساءة الوالدين لي وأتعايش معهم من جديد؟ | 2140 | الأحد 26-04-2020 03:56 صـ |
سئمت من الرفض بدون سبب والمقارنة | 1456 | الثلاثاء 31-03-2020 03:02 صـ |
تعبت من تفريق أهلي بيني وبين إخوتي، فماذا أفعل؟ | 2470 | الأحد 16-02-2020 11:41 مـ |
أصبحت أكره أهلي لكثرة مشاكلهم وانتقاداتهم لي! | 7969 | الاثنين 14-10-2019 01:02 صـ |