أرشيف المقالات

من الأدب التركي الحديث

مدة قراءة المادة : 3 دقائق .
8 الجزيرة الكبرى في الليل للكاتبة التركية الآنسة معزز أونكان .

في ليلة جميلة من ليالي آذار: (نسمات الربيع تتلألأ حتى تذوب على سطح البحر البراق المشتعل باللمعات الفضية التي قبسها من سنا الأزهار.

والنجوم المنثورة على السماء الزرقاء تخفق قلوبها ابتهاجاً وسروراً لقدوم الربيع.

والبحر في هذه الليلة متقبع بملابسه الخضراء.

وظلام النجوم تغسل أبد الدهر بمياه هذا البحر.

والقمر في عليائه كأنه تاج فضيّ على رأس الليل.

أو زهرة ناضرة على صدر الكون.
)
خلال هذا المنظر الفاتن ترى الجزيرة الكبرى من بُعد كأنها إحدى بلاد الجان في عزلتها وهدوئها وجاذبيتها، وجمالها وسحرها.

وفي وسط تلك الجزيرة وبين أشجار الأرز الكثيفة في نقطة مرتفعة أضواء مشعشعة كبيرة، يخيل إلى الناظر إليها من بُعد أن نجمة كبيرة هبطت من السماء على تلك البقعة.
أو أن تلك الأضواء التي تغمر الأرز باحمرارٍ رهيب هي نار حريق اندلعت ألسنته هنالك.
اجمل قصور الجزيرة مغمور بالكهرباء، كأنما خرج ليباري أضواء النجوم والقمر؛ وأزهار هذا القصر الفخم وأشجاره قد تعودت كأهله هذه الحفلات.

فهي سكرى تتمايل على هدأة الليل. وحينما ترفع أجمل النغمات العذاب إلى علياء السماء تنصت الريح إجلالاً وإكباراً، والبحر يضم هذه النغمات إلى صدره كما يضم الطفل الحالم أغنية أمّه إلى صدره الصغير.
والعنادل تردد اجمل ألحانها على أغصان الأرز ثم تصمت حزينة آيسة، حينما تسمع هذه النغمات الشجية الرائعة - نغمات الليل - وحينما تدرك عجزها عن أن تأتي بمثلها.
والقمر الذي يطل من كل مساء من فرج الأشجار المرتفعة، والنجوم التي تطل من السماء بغبطة وحسد.
كل هؤلاء كان يعرف أن هذه الجزيرة محل الأنس والطرب، لا يمكن للشقاء والبؤس أن يعيش فيها.
الحياة هنالك سعادة دائمة وهناء متواصل. (بغداد) نجدة فتحي فيردار

شارك الخبر

ساهم - قرآن ٢