تفسير: (هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا وقدره منازل)
مدة
قراءة المادة :
3 دقائق
.
♦ الآية: ﴿ هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ﴾.
♦ السورة ورقم الآية: يونس (5).
♦ الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي: ﴿ هو الذي جعل الشمس ضياءً ﴾ ذات ضياءٍ ﴿ والقمر نورًا ﴾ ذا نورٍ ﴿ وقدَّره ﴾ وقدَّر له ﴿ منازل ﴾ على عدد أيام الشَّهر ﴿ ما خلق الله ذلك ﴾ يعني: ما تقدَّم ذكره ﴿ إلاَّ بالحق ﴾ بالعدل أَيْ: هو عادلٌ في خلقه لم يخلقه ظلما ولا باطلًا ﴿ يفصِّل الآيات ﴾ يُبيِّنها ﴿ لقوم يعلمون ﴾ يستدلُّون بها على قدرة الله.
♦ تفسير البغوي "معالم التنزيل": هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِياءً، بِالنَّهَارِ، وَالْقَمَرَ نُورًا، بِاللَّيْلِ.
وَقِيلَ: جَعَلَ الشَّمْسَ ذَاتَ ضِيَاءٍ، وَالْقَمَرَ ذَا نُورٍ، وَقَدَّرَهُ مَنازِلَ، أَيْ: قَدَّرَ لَهُ يَعْنِي هَيَّأَ لَهُ مَنَازِلَ لَا يُجَاوِزُهَا وَلَا يَقْصُرُ دُونَهَا، وَلَمْ يَقُلْ: قَدَّرَهُمَا.
قِيلَ: تَقْدِيرُ الْمَنَازِلِ يَنْصَرِفُ إِلَيْهِمَا غَيْرَ أَنَّهُ اكْتَفَى بِذِكْرِ أَحَدِهِمَا، كَمَا قَالَ: وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ [التَّوْبَةِ: 62].
وَقِيلَ: هُوَ يَنْصَرِفُ إلى القمر خاصة لأن بالقمر يعرف انْقِضَاءُ الشُّهُورِ وَالسِّنِينَ لَا بِالشَّمْسِ، وَمَنَازِلُ الْقَمَرِ ثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ مَنْزِلًا وأسماؤها: الشرطين والبطين والثريا وَالدُّبْرَانُ، وَالْهَقْعَةُ وَالْهَنْعَةُ وَالذِّرَاعُ وَالنِّسْرُ، والطرف وَالْجَبْهَةُ وَالزُّبْرَةُ وَالصِّرْفَةُ وَالْعُوَاءُ، وَالسِّمَاكُ وَالْغَفْرُ وَالزِّبَانِيُّ وَالْإِكْلِيلُ وَالْقَلْبُ، وَالشَّوْلَةُ والنعائم وَالْبَلْدَةُ وَسَعْدُ الذَّابِحِ وَسَعْدُ بَلْعٍ، وَسَعْدُ السُّعُودِ وَسَعْدُ الْأَخْبِيَةِ، وَفَرْعُ الدَّلْوِ الْمُقَدَّمِ وَفَرْعُ الدَّلْوِ الْمُؤَخَّرِ، وَبَطْنُ الْحُوتِ، وَهَذِهِ الْمَنَازِلُ مَقْسُومَةٌ على الْبُرُوجِ، وَهِيَ اثْنَا عَشَرَ بُرْجًا: الْحَمَلُ وَالثَّوْرُ وَالْجَوْزَاءُ، وَالسَّرَطَانُ وَالْأَسَدُ وَالسُّنْبُلَةُ، وَالْمِيزَانُ وَالْعَقْرَبُ وَالْقَوْسُ، وَالْجَدْيُ والدلو والحوت، فلكل بُرْجٍ مَنْزِلَانِ وَثُلْثُ مَنْزِلٍ، فَيَنْزِلُ الْقَمَرُ كُلَّ لَيْلَة مَنْزِلًا مِنْهَا، وَيَسْتَتِرُ لَيْلَتَيْنِ إِنْ كَانَ الشَّهْرُ ثلاثين، وإن كان الشهر تِسْعًا وَعِشْرِينَ فَلَيْلَةٌ وَاحِدَةٌ، فَيَكُونُ انقضاء الشهر بنزول تِلْكَ الْمَنَازِلُ وَيَكُونُ مَقَامُ الشَّمْسِ فِي كُلِّ مَنْزِلَةٍ ثَلَاثَةَ عَشَرَ يوما وثلث يوم، فيكون انقضاء السنة من انْقِضَائِهَا.
قَوْلُهُ تَعَالَى: لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ، أَيْ: قَدْرَ الْمَنَازِلِ.
لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ دُخُولَهَا وَانْقِضَاءَهَا، وَالْحِسابَ، يَعْنِي: حِسَابَ الشُّهُورِ وَالْأَيَّامِ وَالسَّاعَاتِ.
مَا خَلَقَ اللَّهُ ذلِكَ، رَدَّهُ إلى الخلق والتقدير ولولا رَدَّهُ إِلَى الْأَعْيَانِ الْمَذْكُورَةِ لَقَالَ تِلْكَ، إِلَّا بِالْحَقِّ، أَيْ: لَمْ يَخْلُقْهُ بَاطِلًا بَلْ إِظْهَارًا لِصُنْعِهِ وَدَلَالَةً عَلَى قُدْرَتِهِ.
يُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ، قَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ وأبو عمرو وأبو جعفر وَحَفْصٌ وَيَعْقُوبُ: يُفَصِّلُ بِالْيَاءِ، لِقَوْلِهِ: مَا خَلَقَ، وَقَرَأَ الْبَاقُونَ: «نُفَصِّلُ» بِالنُّونِ عَلَى التَّعْظِيمِ.
تفسير القرآن الكريم