أرشيف المقالات

منظومة الأمن في الإسلام

مدة قراءة المادة : 45 دقائق .
2منظومة الأمن في الإسلام
 
إن الأمن من أعظم النعم التي يتفضل الله تعالى بها على الإنسان، وهو مفهوم شامل لا يقتصر على المعيشة وجلب الرزق فقط ولا يقتصر على ديانة دون أخرى أو ثقافة دون أخرى في المجتمع الواحد فالجميع تحت هذه المظلة سواءٌ طالما لم تُخترق القيم والمبادئ المتعارف عليها دينياً واجتماعياً.
 
• إن الأمن به تُصان الممتلكات، وتُحترم الخصوصيات، وتُؤدى العبادات، وتُحصل الأرزاق، وتُحترم العهود، وتزداد البركة.
وبالأمن يعيش الإنسان حياة آمنة مُطمئنة في الحِلِّ والتَّرْحال.
 
• وبدون الأمن تحيط الإنسان كل الكربات والمنغصات فلا يهنأ له عيش ولا يستقر له بال فيكون دائماً مُتوجساً قلقاً مضطرباً على نفسه وأهله وماله وكل شيء.
 
• وبدون الأمن تضيق الأرزاق، وتهجر الديار، وتفارق الأوطان، وتشرد الأُسر، وتنقض العهود والمواثيق، وتنتهك الحرمات، وتصادر الحريات، وتبور التجارات، وتتبدل طباع الخلق فلا يصدقون إلا الإشاعات ولا يتحدثون إلا عن المَلمات.
 
• ومن أجل استتباب الأمن جاءت الشريعة الإسلامية بالعقوبات الصارمة لكي يرتدع كل من تسول له نفسه زعزعة أمن البلاد أو ترويع الأفراد.
 
• والدول لا تقل احتياجاً للأمن عن الأفراد فالدولة تحتاج إلى الأمن في نظامها الداخلي وفي سياستها الخارجية لكي تنهض بأبنائها وليكون لها قدراً بين مثيلاتها وإذا اضطرب الأمن عاشت الدولة وكأنها في جزيرة منعزلة عن بقية العالم فتبور تجارتها وينهار اقتصادها ولا يأمن فيها مُقيم ولا يقصدها قاصد.
 
• جاء في صدر دستور المدينة: "هذا كتاب من محمد النبي (رسول الله) بين المؤمنين والمسلمين من قريش وأهل يثرب ومن اتبعهم فلحق بهم وجاهد معهم.
 
• وجاء في نهايته: "....
وأنه لا يحول هذا الكتاب دون ظالم أو آثم، وأنه من خرج آمن ومن قعد آمن بالمدينة إلا من ظلم أو أثم، وأن الله جار لمن بر واتقى، ومحمد رسول الله ".
 
• وبين بداية هذا الدستور ونهايته لم يترك النبي صلى الله عليه وسلم شاردة ولا واردة إلا تحدث عنها ووضع لها ضوابطها التي تضمن التعايش السلمي بين المتعاهدين على هذا الدستور.
 
• إن منظومة الأمن بمفهومها الشامل قد تناولتها آيات القرآن الكريم وأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم واكتملت ملامحها في خطبة حجة الوداع حين قال النبي صلى الله عليه وسلم: " يا أَيُّها الناسُ! أَيُّ يومٍ أَحْرَمُ؟ أَيُّ يومٍ أَحْرَمُ؟ أَيُّ يومٍ أَحْرَمُ؟ قالوا: يومُ الحجِّ الأكبرِ، قال: فإن دماءَكم، وأموالَكم، وأعراضَكم عليكم حرامٌ، كحُرْمَةِ يومِكم هذا، في بلدِكم هذا، في شهرِكم هذا، أَلَا لا يَجْنِي جانٍ إلا على نفسِه، أَلَا ولا يَجْنِي والدٌ على ولدِه، ولا وَلَدٌ على والدِه، أَلَا إنَّ الشيطانَ قد أَيِسَ أن يُعْبَدَ في بلدِكم هذا أبدًا، ولكن ستكونُ له طاعةٌ في بعضِ ما تَحْتَقِرون من أعمالِكم، فيَرْضَى بها، أَلَا إنَّ المسلمَ أَخُو المسلمِ، فليس يَحِلُّ لمسلمٍ من أَخِيهِ شيءٌ إلا ما أَحَلَّ من نفسِه، أَلَا وإنَّ كلَّ رِبًا في الجاهليةِ موضوعٌ، لكم رؤوسُ أموالِكم لا تَظْلِمونَ ولا تُظْلَمُونَ، غيرَ رِبَا العباسِ بنِ عبدِ المُطَّلِبِ؛ فإنه موضوعٌ كُلُّه، وإنَّ كلَّ دمٍ كان في الجاهليةِ موضوعٌ، وأولُ دَمٍ أَضَعُ من دمِ الجاهليةِ دمُ الحارثِ بنِ عبدِ المُطَّلِبِ، أَلَا واستَوْصُوا بالنساءِ خيرًا، فإنما هُن عَوَانٌ عندكم، ليس تملكونَ منهن شيئًا غيرَ ذلك، إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَّةٍ مُبَيِّنَةٍ، فإن فَعَلْنَ فاهجُروهن في المَضاجِعِ، واضرِبوهن ضَرْبًا غيرَ مُبَرِّحٍ، فإن أَطَعْنَكم، فلا تَبْغُوا عليهِن سبيلًا، أَلَا وإنَّ لكم على نسائِكم حقًّا، ولنسائِكم عليكم حقًّا، فأمَّا حقُّكم على نسائِكم؛ فلا يُوطِئْنَ فُرُشَكم مَن تَكْرَهون، ولا يَأْذَنَّ في بيوتِكم لِمَن تَكْرَهون، أَلَا وإنَّ حَقَّهُنَّ عليكم أن تُحْسِنوا إليهِنَّ في كِسْوَتِهِنَّ وطعامِهِنَّ" (صحيح الجامع للألباني).
 
أولاً: تعريف الأمن وأهميته: جاء في لسان العرب لابن منظور رحمه الله: "هو ضدُّ الخوف ونقيضه، والأصلُ أن يُسْتَعْمَلَ في سُكُون القلب".
 
• جاء في التحرير والتنوير لابن عاشور رحمه الله قال: "الأمن: حالة اطمئنان النفس، وراحة البال، وانتفاء الخوف من كل ما يخاف منه، وهو يجمع جميع الأحوال الصالحة للإنسان من الصحة والرزق ونحو ذلك.
ولذلك قالوا في دعوة إبراهيم عليه السلام: ﴿ وَإذْ قَالَ إبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا ﴾ [إبراهيم 35] إنه جمع في هذه الجملة جميع ما يطلب لخير البلد".
 
• وجاء في التعريفات للجرجاني رحمه الله: "الأمن عدم توقُّع مكروه في الزمان الآتي".
• وعرفه الدكتور عبدالقادر الخطيب في كتابه أثر تعليم القرآن الكريم في حفظ الأمن فقال: "الأمن هو شعور المجتمع وأفراده بالطُّمأنينة، والعيش بحياة طيبة، من خلال إجراءات كافية يمكن أن تزال عنهم الأخطار، أيًّا كان شكلها وحجمها، حال ظهورها، ومن خلال اتِّخاذ تدابير واقية".
 
• أما عن أهمية الأمن فنذكر ما جاء في تفسير الرازي رحمه الله حيث قال: "....
وسئل بعض العلماء الأمن أفضل أم الصحة؟ فقال: الأمن أفضل، والدليل عليه أن شاة لو انكسرت رجلها فإنها تصح بعد زمان، ثم إنها تقبل على الرعي والأكل ولو أنها ربطت في موضع وربط بالقرب منها ذئب فإنها تمسك عن العلف ولا تتناوله إلى أن تموت وذلك يدل على أن الضرر الحاصل من الخوف أشد من الضرر الحاصل من ألم الجسد ".
 
• ولأهمية الأمن فهو يُعَدُّ مقصدًا من مقاصد الشريعة الإسلامية.
فلقد جاءت الشريعة الإسلامية لحفظ الدين والنفس والنسل والعقل والمال، وأنى لنا أن نحفظ هذه المقاصد دون مجتمع يسوده الأمن والطمأنينة والاستقرار؟
 
ثانياً: منظومة الأمن في القرآن الكريم: إن آيات الذكر الحكيم لم تترك صغيرة ولا كبيرة في هذا الجانب إلا تحدثت عنها وأرست دعائمها وفصلتها تفصيلاً وذلك لكي يقيم الله تعالى الحُجَّة على عباده ولكي يكون هناك المناخ المناسب لقيام الاستخلاف في الأرض.
 
1- من أهم صفات الوطن أن يكون آمناً لتتحقق فيه باقي صفات الخير وأن أفضل دعوة يدعوها الإنسان لوطنه أن يحقق الله تعالى له الأمن والأمان: قال تعالى: ﴿ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَـذَا الْبَلَدَ آمِناً وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ ﴾ [إبراهيم 35].
 
• قال تعالى: ﴿ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَـَذَا بَلَداً آمِناً وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُم بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ قَالَ وَمَن كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ﴾ [البقرة 126].
 
2 - لقد أعطى الله تعالى الأمان لكل من هو داخل بيته الحرام: قال تعالى: ﴿ إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ * فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ ﴾ [آل عمران: 96، 97].
 
• قال تعالى: ﴿ وَقَالُوا إِن نَّتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا أَوَلَمْ نُمَكِّن لَّهُمْ حَرَماً آمِناً يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقاً مِن لَّدُنَّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [القصص 57].
 
• قال تعالى: ﴿ أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَماً آمِناً وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَكْفُرُونَ ﴾ [العنكبوت 67].
 
• قال تعالى: ﴿ لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِن شَاء اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِن دُونِ ذَلِكَ فَتْحاً قَرِيباً ﴾ [الفتح 27].
 
• قال تعالى: ﴿ وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ * وَطُورِ سِينِينَ * وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ * لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ﴾ [التين 1 - 4].
 
• قال قتادة: في قوله تعالى: ﴿ جَعَلَ ٱللَّهُ ٱلْكَعْبَةَ ٱلْبَيْتَ ٱلْحَرَامَ قِيَامًا لّلنَّاسِ وَٱلشَّهْرَ ٱلْحَرَامَ وَٱلْهَدْىَ وَٱلْقَلَـٰئِدَ ﴾ [المائدة 97] "حواجز أبقاها الله في الجاهلية بين الناسِ، فكان الرجل لو جرّ كلَّ جريرة ثم لجأ إلى الحرم لم يتناول ولم يقرب، وكان الرجل لو لقي قاتلَ أبيه في الشهر الحرام لم يعرض له ولم يقربه، وكان الرجل لو لقي الهدي مُقلَّدا وهو يأكل العصب من الجوع لم يعرض له ولم يقربه، وكان الرجل إذا أراد البيت تقلّد قلادة من شعر فأحمته ومنعته من الناسِ، وكان إذا نفر تقلّد قلادة من الإذخر أو من السمر فمنعته من الناس حتى يأتي أهله، حواجز أبقاها الله بين الناس في الجاهلية " (رواه الطبراني).
 
3 - جعل الله تعالى أفضل جزاء على الإيمان والعمل الصالح والصبر على تكاليف الدين هو الأمن: قال تعالى: ﴿ وَاذْكُرُواْ إِذْ أَنتُمْ قَلِيلٌ مُّسْتَضْعَفُونَ فِي الأَرْضِ تَخَافُونَ أَن يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُم بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ [الأنفال 26].
 
• قال تعالى: ﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾ [النور 55].
 
4- يجعل الله تعالى الخوف سوطاً من سياطه يهذب به الخلق: قال تعالى: ﴿ وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ ﴾ [البقرة 155 - 156].
 
• قال تعالى: ﴿ سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُواْ الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُواْ بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ ﴾ [آل عمران 151].
 
• قال تعالى: ﴿ وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللّهِ فَأَذَاقَهَا اللّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ ﴾ [النحل 112].
 
5- جعل الله تعالى خشيته والخوف منه سبحانه وتعالى من صفات (المؤمنين - المتقين...
الخ)
ووعدهم بـ (المغفرة - الأجر الكبير - الهداية - السبق): قال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الحِسَابِ ﴾ [الرعد 21].
 
• قال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ وَضِيَاء وَذِكْراً لِّلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِالْغَيْبِ وَهُم مِّنَ السَّاعَةِ مُشْفِقُونَ ﴾ [الأنبياء 49].
 
• قال تعالى: ﴿ الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيباً ﴾ [الأحزاب 39].
 
• قال تعالى: ﴿ اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُّتَشَابِهاً مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَن يُضْلِلْ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ ﴾ [الزمر 23].
 
• قال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِالْغَيْبِ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ ﴾ [الملك 12].
 
• قال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ هُم مِّنْ خَشْيَةِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ * وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ * وَالَّذِينَ هُم بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ *‏ وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ * أُوْلَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ ﴾ [المؤمنون 57 - 61].
 
• قال تعالى: ﴿ أَلاَ تُقَاتِلُونَ قَوْماً نَّكَثُواْ أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّواْ بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُم بَدَؤُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَوْهُ إِن كُنتُم مُّؤُمِنِينَ ﴾  [التوبة 13].
 
6 - يكافئ الله تعالى أولياءه بالأمن فتهدأ قلوبهم وتستقر فلا يهابون ظالماً ولا يجزعون: قال تعالى: ﴿ وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلاَ تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُم بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَاناً فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالأَمْنِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ * الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَـئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ ﴾ [الأنعام 81 - 82].
 
• قال تعالى: ﴿ وَأَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِراً وَلَمْ يُعَقِّبْ يَا مُوسَى أَقْبِلْ وَلَا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ ﴾ [القصص 31].
 
7 - جعل الله تعالى الخوف والهلع صفة من صفات ضعاف الإيمان والمنافقين: قال تعالى: ﴿ قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنكُمْ وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا وَلَا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلَّا قَلِيلاً * أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ فَإِذَا جَاء الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُم بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ أُوْلَئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا فَأَحْبَطَ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً ﴾ [الأحزاب 18 - 19].
 
• قال تعالى: ﴿ سَتَجِدُونَ آخَرِينَ يُرِيدُونَ أَن يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُواْ قَوْمَهُمْ كُلَّ مَا رُدُّوَاْ إِلَى الْفِتْنِةِ أُرْكِسُواْ فِيِهَا فَإِن لَّمْ يَعْتَزِلُوكُمْ وَيُلْقُواْ إِلَيْكُمُ السَّلَمَ وَيَكُفُّوَاْ أَيْدِيَهُمْ فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثِقِفْتُمُوهُمْ وَأُوْلَـئِكُمْ جَعَلْنَا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطَاناً مُّبِيناً ﴾ [النساء 91].
 
8 - الأمن هبة من الله تعالى لعباده ينزعها ممن يكفرون بأنعمه ويجحدونها: قال تعالى: ﴿ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّاماً آمِنِينَ ﴾ [سبأ: 18].
 
• قال تعالى: ﴿ وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللّهِ فَأَذَاقَهَا اللّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ ﴾ [النحل 112].
 
• قال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحَابُ الحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ * وَآتَيْنَاهُمْ آيَاتِنَا فَكَانُواْ عَنْهَا مُعْرِضِينَ * وَكَانُواْ يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتاً آمِنِينَ ﴾ [الحجر 82].
 
• قال تعالى: ﴿ وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ * أَتُتْرَكُونَ فِي مَا هَاهُنَا آمِنِينَ * فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * وَزُرُوعٍ وَنَخْلٍ طَلْعُهَا هَضِيمٌ * وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتاً فَارِهِينَ * فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ ﴾ [الشعراء 145 - 150].
 
• قال تعالى:  ﴿ لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ * إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ * فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ * الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ ﴾ [قريش: 1 - 4].
 
9 - حذر الله تعالى عباده من أن يأمنوا مكره ربهم وعذابه لهم لكي يظلوا ملازمين بابه ومتعلقين بحباله: قال تعالى: ﴿ أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَن يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتاً وَهُمْ نَآئِمُونَ * أَوَ أَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَن يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ * أَفَأَمِنُواْ مَكْرَ اللّهِ فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ ﴾ [الأعراف 97 - 99].
 
• قال تعالى: ﴿ أَأَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاء أَن يَخْسِفَ بِكُمُ الأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ * أَمْ أَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاء أَن يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِباً فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ ﴾ [الملك: 17].
 
10 - أكد الله تعالى أنه لا أمن ولا أمان مع الكفار المحاربين الذين يظهرون عداوتهم وكيدهم للإسلام وينكلون بالمسلمين، وذلك على غير المعاهد أو المسالم الذي يؤمن جانبه: قال تعالى: ﴿ إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِندَ اللّهِ الَّذِينَ كَفَرُواْ فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ عَاهَدتَّ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لاَ يَتَّقُونَ * فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِم مَّنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ * وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِن قَوْمٍ خِيَانَةً فَانبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاء إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الخَائِنِينَ * وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ سَبَقُواْ إِنَّهُمْ لاَ يُعْجِزُونَ * وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ * وَإِن جَنَحُواْ لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴾ [الأنفال 55 - 61].
 
• قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ قَاتِلُواْ الَّذِينَ يَلُونَكُم مِّنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُواْ فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ ﴾ [التوبة 123].
 
• قال تعالى: ﴿ مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ....
[الفتح 29].
 
11 - جعل الله تعالى الأمن من النعم التي يثبت الله تعالى بها أفئدة عباده في الشدائد: قال تعالى: ﴿ ثُمَّ أَنزَلَ عَلَيْكُم مِّن بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُّعَاساً يَغْشَى طَآئِفَةً مِّنكُمْ وَطَآئِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَل لَّنَا مِنَ الأَمْرِ مِن شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ ﴾ [آل عمران 154].
 
• قال تعالى: ﴿ إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِّنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّن السَّمَاء مَاء لِّيُطَهِّرَكُم بِهِ وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الأَقْدَامَ ﴾11 [الأنفال 11].
 
• أمنة منه: أمنا من الله و تقوية لكم.
• جاء في زاد المعاد لابن القيم رحمه الله: "وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ فِي غَزَاةِ بَدْرٍ وَأُحُدٍ، وَالنُّعَاسُ فِي الْحَرْبِ وَعِنْدَ الْخَوْفِ دَلِيلٌ عَلَى الْأَمْنِ، وَهُوَ مِنَ اللهِ..".
 
12 - لضبط الحدود والعقوبات شرع الله تعالى ضوابط محددة للقصاص حتى لا يسود الثأر وينتفي الأمن وتعم الفوضى: قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنثَى بِالأُنثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاء إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ * وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة 178 - 179].
 
• قال تعالى: ﴿ إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ * إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ مِن قَبْلِ أَن تَقْدِرُواْ عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴾ [المائدة 33 - 34].
 
• قال تعالى: ﴿ وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالأَنفَ بِالأَنفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَن تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَّهُ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾ [المائدة 45].
 
• قال تعالى: ﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلاَّ خَطَئاً وَمَن قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَئاً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلاَّ أَن يَصَّدَّقُواْ فَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ عَدُوٍّ لَّكُمْ وَهُوَ مْؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِّيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةً فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِّنَ اللّهِ وَكَانَ اللّهُ عَلِيماً حَكِيماً * وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً ﴾ [النساء 92 - 93].
 
13 - وعد الله تعالى المؤمنين بالأمن يوم القيامة يوم الفزع الأكبر: قال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا لَا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا أَفَمَن يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَم مَّن يَأْتِي آمِناً يَوْمَ الْقِيَامَةِ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴾ [فصلت 40].
 
• قال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُم مِّنَّا الْحُسْنَى أُوْلَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ *‏ لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنفُسُهُمْ خَالِدُونَ * لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ ﴾ [الأنبياء 103].
 
• قال تعالى: ﴿ مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِّنْهَا وَهُم مِّن فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ ﴾ [النمل 89].
 
14- جعل الله تعالى الأمن من نعيم أهل الجنة: قال تعالى: ﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * ادْخُلُوهَا بِسَلاَمٍ آمِنِينَ ﴾ [الحجر 45 - 46].
 
• قال تعالى: ﴿ كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ * يَدْعُونَ فِيهَا بِكُلِّ فَاكِهَةٍ آمِنِينَ ﴾ [الدخان 54 - 55].
 
• قال تعالى: ﴿.....
إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ لَهُمْ جَزَاء الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ ﴾ [سبأ 37].
 
• هذه بعض الآيات من كتاب الله تعالى في هذا الجانب وكما نلاحظ أنها لم تترك صغيرة ولا كبيرة إلا ذكرتها وركزت عليها حتى يقيم الله تعالى بها الحجة على عباده وحتى يسود الأمن على كل الأصعدة والمستويات فيكون المجتمع آمناً مطمئناً وحينها تؤتي الدعوة ثمارها ويكون المجتمع متحاباً متآلفا متماسكاً منتجاً ومتحضراً.
 
ثالثاً: منظومة الأمن في السنة النبوية المطهرة: لقد بدأت منظومة الأمن في حياة النبي صلى الله عليه وسلم في مرحلة مبكرة حيث بدأت قبل النبوة والرسالة حين اشترك النبي صلى الله عليه وسلم في حلف الفضول الذي شهد له النبي صلى الله عليه وسلم وأثنى عليه بعد البعثة.
 
• عن عبدالرحمن بن أبي بكر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لقد شهدت في دار عبد الله بن جدعان حِلفا، لو دعيت به في الإسلام لأجبت، تحالفوا أن يردوا الفضول على أهلها، وأن لا يعد ظالم مظلوماً" (رواه ابن الملقن).
 
• ولقد شهدت حياة النبي صلى الله عليه وسلم العديد من المواقف والأحداث التي كان من أهم مقاصدها نشر السلام وتحقيق الأمن للصحابة الكرام وللمجتمع الإسلامي بصفة عامة لكي يكون هناك المناخ المناسب والتربة الخصبة لإرساء دعائم الدين الجديد وأسس الدولة الجديدة.
ومن بين هذه المواقف والأحداث الهجرة إلى الحبشة - دستور المدينة - صلح الحديبية - فتح مكة - خطبة حجة الوداع......
الخ.
 
• ونسوق هنا بعض الأحاديث التي وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم لإرساء أسس الأمن في المجتمع في شتى المجالات وعلى كل المستويات.
 
1- عن عبدالله بن محصن رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَن أصبحَ منكم آمنًا في سربِهِ، مُعافًى في جسدِهِ عندَهُ قوتُ يومِهِ، فَكَأنَّما حيزت لَهُ الدُّنيا" (رواه الترمذي).
 
2- عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فيما يَروي عن ربِّه جلَّ وعلا أنَّه قال: "وعِزَّتِي لا أجمعُ على عَبدي خَوفيْنِ وأَمنيْنِ، إذا خافَني في الدُّنيا أمَّنْتُه يومَ القيامةِ، وإذا أمِنَني في الدُّنيا أَخَفْتُه في الآخِرةِ" (حسنه الألباني).
 
3 - عن يزبد بن أبي حبيب قال: "كتب رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّمَ إلى كسرَى أبرويزَ ملكُ فارسٍ يقولُ: بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ.
من محمَّدٍ رسولِ اللهِ إلى كسرَى عظيمُ فارسٍ.
سلامٌ علَى مَن اتَّبع الهُدى، وآمَن باللهِ ورسولِه، وشهِد أن لا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَه لا شريكَ لهُ، وأن محمَّدًا عبدُه ورسولُه.
أدعوك بدعايةِ اللهِ، فإنِّي أنا رسولُ اللهِ إلى النَّاسِ كافَّةً لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيًّا، وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ.
أسلمْ تسلم، فإن أبيتَ فعليك إثمُ المجوسِ" (حسنه الألباني).
 
4 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "واللهِ لا يؤمنُ، والله لا يؤمنُ، والله لا يؤمنُ قيل: من يا رسولَ اللهِ؟ قال: الذي لا يأمنُ جارُه بوائقَه قالوا يا رسولَ اللهِ وما بوائقُه؟ قال: شرُّه" (صححه الألباني).
 
5 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "المسلِمُ مَن سلِمَ المسلمونَ من لسانِهِ ويدِهِ، والمؤمِنُ من أمِنَه النَّاسُ على دمائِهم وأموالِهم" (رواه الترمذي).
 
6 - عن عبدالرحمن بن أبي ليلى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يحلُّ لمسلمٍ أن يروِّعَ مسلمًا" (رواه أبو داود).
 
7 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "....
كنا مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يومَ الفتحِ.
فجعل خالدَ بنَ الوليدِ على المجنبةِ اليمنى.
وجعل الزبيرَ على المجنبةِ اليسرى.
وجعل أبا عبيدةَ على البياذقةِ وبطنِ الوادي.
فقال (يا أبا هريرةَ! ادعُ ليَ الأنصارَ) فدعوتهم.
فجاءوا يُهرولون.
فقال (يا معشرَ الأنصارِ، هل ترون أوباشَ قريشٍ؟) قالوا: نعم.
قال (انظروا.
إذا لقيتموهم غدًا أن تحصدوهم حصدًا)
وأخفى بيدِه.
ووضع يمينَه على شمالِه.
وقال (موعدكم الصفا) قال: فما أشرفَ يومئذٍ لهم أحدٌ إلا أناموهُ.
قال: وصعد رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ الصفا.
وجاءت الأنصارُ.
فأطافوا بالصفا.
فجاء أبو سفيانَ فقال: يا رسولَ اللهِ! أُبيدت خضراءُ قريشٍ.
لا قريشَ بعد اليومِ.
قال أبو سفيانَ: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ (من دخل دارَ أبي سفيانَ فهو آمنٌ.
ومن ألقى السلاحَ فهو آمنٌ.
ومن أغلق بابَه فهو آمنٌ)
فقالت الأنصارُ: أما الرجلُ فقد أخذتْه رأفةٌ بعشيرتِه.
ورغبةٌ في قريتِه.
ونزل الوحيُ على رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ.
قال (قلتم: أما الرجلُ فقد أخذتْه رأفةٌ بعشيرتِه ورغبةٌ في قريتِه.
ألا فما اسمي إذا! (ثلاثُ مراتٍ) أنا محمدٌ عبدُ اللهِ ورسولُه.
هاجرتُ إلى اللهِ وإليكم.
فالمحيا محياكم والمماتُ مماتكم)
.
قالوا: واللهِ! ما قلنا إلا ضنَّا باللهِ ورسولِه.
قال (فإنَّ اللهَ ورسولَه يُصدِّقانكم ويعذرانكم)" (رواه مسلم).
* البياذقة: الجنود المشاة.
 
8 - عن طلحة بن عبيدالله رضي الله عنه، أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ كانَ إذا رَأى الهلالَ قالَ: " اللَّهمَّ أهلِلهُ علَينا باليُمنِ والإيمانِ والسَّلامَةِ والإسلامِ ربِّي وربُّكَ اللَّهُ " (رواه الترمذي).
 
9 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يتقاربُ الزَّمانُ، ويُقبَضُ العِلمُ، وتظهَرُ الفتنُ ويُلقَى الشُّحُّ ويكثرُ الهَرْجُ قالوا وما الهَرْجُ قالَ القتلُ.
وفي روايةٍ قالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ: " يَتقاربُ الزَّمانُ ويُقبَضُ العِلمُ " ثمَّ ذكرَ مثلَهُ.
وفي روايةٍ يتقاربُ الزَّمانُ وينقصُ العِلمُ وفي روايةٍ: لم يذكُروا ويُلقَى الشُّحُّ.
(رواه مسلم).
 
10 - عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لو أنَّ أَهلَ السَّماءِ وأَهلَ الأرضِ اشترَكوا في دمِ مؤمنٍ لأَكبَّهمُ اللَّهُ في النَّارِ " (رواه الترمذي).
 
11 - عن عبدالله بن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أُمِرتُ أن أُقاتِلَ الناسَ حتى يشهدوا أن لا إلهَ إلا اللهُ وأن محمدًا رسولُ اللهِ، ويقيموا الصلاةَ، ويؤتوا الزكاةَ، فإذا فعلوا ذلك عَصَموا مني دماءَهم وأموالَهم إلا بحقِّ الإسلامِ، وحسابُهم على اللهِ " (رواه البخاري).
 
12 - عن جابر بن عبدالله رضي الله عنه قال: " لمَّا رجعت إلى رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ مُهاجرةُ البحرِ قالَ: " ألا تحدِّثوني بأعاجيبِ ما رأيتُمْ بأرضِ الحبشَةِ؟ " قالَ فِتيةٌ منهم بلَى يا رسولَ اللَّهِ بينا نحنُ جلوسٌ مرَّت بنا عجوزٌ من عجائزِ رَهابينِهِم تحملُ علَى رأسِها قُلَّةً من ماءٍ فمرَّت بفتًى منهم فجعلَ إحدى يدَيهِ بينَ كتفيها ثمَّ دفعَها فخرَّت علَى رُكْبتَيها فانكسَرت قُلَّتُها فلمَّا ارتفَعتِ التفتَتَ إليهِ فقالَت سوفَ تعلَمُ يا غُدَرُ إذا وضعَ اللَّهُ الكرسيَّ وجمعَ الأوَّلينَ والآخِرينَ وتَكَلَّمتِ الأيدي والأرجلُ بما كانوا يَكْسِبونَ فسوفَ تعلَمُ كيفَ أمري وأمرُكَ عندَهُ غدًا قالَ يقولُ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ: " صدَقَتْ صدَقَتْ كيفَ يقدِّسُ اللَّهُ أمَّةً لا يؤخَذُ لضَعيفِهِم من شديدِهِم " (رواه بن ماجة).
 
13 - عن عبدالله بن عمر رضي الله عنه قال: " لم يكن رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم يدعُ هؤلاءِ الدعواتِ حين يُمسي وحين يُصبحُ اللهمَّ إني أسألُك العفوَ والعافيةَ في الدنيا والآخرةِ اللهمَّ إني أسألُك العفوَ والعافيةَ في دِيني ودنيايَ وأهلي ومالي اللهمَّ استُرْ عوراتي وآمِنْ روعاتي واحفظني من بين يدي ومن خلفي وعن يميني وعن شمالي ومن فوقي وأعوذُ بك أن أُغْتَالَ من تحتي " (رواه بن ماجه).
 
14 - عن عبدالله بن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " عَينانِ لا تمَسَّهما النَّارُ: عينٌ بكت من خشيةِ اللهِ، وعينٌ باتت تحرسُ في سبيل اللهِ " (رواه الترمذي).
 
15 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من أشار إلى أخيه بحديدةٍ، فإنَّ الملائكةَ تلعَنُه.
حتَّى وإن كان أخاه لأبيه وأمِّه " (رواه مسلم).
 
16 - عن جابر بن عبدالله رضي الله عنه قال: " نَهى رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ أن يُتعاطى السَّيفُ مسلولًا " (رواه الترمذي).
 
17 - عن أم هانئ بنت أبي طالب رضي الله عنها قالت: " ذهبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفتح، فوجدته يغتسل وفاطمة ابنته تستره، فسلمت عليه، فقال: (من هذه).
فقلت: أنا أم هانئ بنت أبي طالب، فقال: (مرحبا بأم هانئ).
فلما فرغ من غسله قام فصلى ثماني ركعات، ملتحفا في ثوب واحد، فلنا انصرف قلت: يا رسول الله، زعم ابن أمي أنه قاتل رجلا قد أجرته، فلان بن هبيرة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (قد أجرنا من أجرت يا أم هانئ).
قالت أم هانئ: وذاك ضحى " (رواه البخاري).
وفي رواية لأبي داود والترمذي أنها قالت‏:‏ " أجرت رجلين من أحمائي ـ أي‏:‏ من أقارب زوجي ـ فقال ـ صلي الله عليه وسلم ـ قد أمنا من أمنت‏ ".‏
 
18 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " المدينةُ حرمٌ.
فمن أحدث فيها حدثًا أو آوى محدثًا فعليه لعنةُ اللهِ والملائكةِ والناسِ أجمعين.
لا يقبلُ منه يومَ القيامةِ عدلٌ ولا صرفٌ.
وفي روايةٍ: مثله.
ولم يقلْ: يومَ القيامةِ وزاد: وذمةُ المسلمين واحدةٌ.
يسعى بها أدناهم.
فمن أخفر مسلمًا فعليه لعنةُ اللهِ والملائكةِ والناسِ أجمعين.
لا يقبلُ منه يومَ القيامةِ عدلٌ ولا صرفٌ " (رواه مسلم).
 
• أَخْفَرَ مسلماً: نقضَ عهدَهُ وغَدَر به.
• لا يقبلُ منه يومَ القيامةِ عدلٌ ولا صرفٌ: قيل في معنى الصرف بأنه التوبة، والعدل الفدية.
وقيل: الصرف النافلة، والعدل الفريضة، وجماعها حرمانه من الخير.
والله أعلم.
 
19 - عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من صلَّى صلاتنا، واستقبل قبلتنا، وأكل ذبيحتنا، فذلك المسلم الذي له ذمة الله وذمة رسوله، فلا تخفروا الله في ذمته " (رواه البخاري).
 
20 - عن نعيم بن مسعود الأشجعي رضي الله عنه قال: " كنتُ عند النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حين جاءه رسولا مُسَيْلِمَةَ بكتابِه، ورسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقولُ لهما: " وأنتما تقولان مثلَ ما يقولُ؟ ".
فقالا: نعم، فقال: " أما واللهِ لولا أنَّ الرُّسلَ لا تقتلُ لضربتُ أعناقَكما: (رواه البخاري).
 
21 - عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: " قُلْنا يومَ الخَنْدَقِ يا رسولَ اللهِ هل مِن شيءٍ نقولُ قد بلَغَتِ القلوبُ الحناجِرَ قال: " نَعَمْ، اللهمَّ استُرْ عَوْراتِنا وآمِنْ رَوْعاتِنا ".
قال فضرَب اللهُ عَزَّ وجَلَّ وجوهَ أعدائِنا بالرِّيحِ هزَمهم اللهُ عَزَّ وجَلَّ بالرِّيحِ " (رواه الهيثمي وقال رجاله ثقات).
 
22 - عن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " كان إذا انصرف من صلاتِهِ استغفرَ ثلاثًا، ثُمَّ قال: اللهمَّ أنتَ السلامُ، ومنكَ السلامُ، تبارَكْتَ ياذا الجلالُ والإكرامُ " (صحيح الجامع).
 
23 - عن عروة بن الزبير رضي الله عنه قال: " لما سارَ النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عامَ الفتحِ، فبلغَ ذلك قُريشًا، خرج أبو سُفيانَ بْنُ حَرْبٍ، وحَكيمُ بْنُ حِزامٍ، وبُدَيْلُ بْنُ ورْقاءَ، يَلْتَمِسونَ الخبرَ عن رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فأقبلوا يسيرونَ حتى أتوامَرَّ الظَّهْرانِ، فإذا هم بِنيرانٍ كأنها نيرانُ عرفةَ، فقال أبو سفيان: ماهذه، لكأنها نيرانُ عرفَةَ؟ فقال بُدَيْلُ بنُ وَرْقاءَ: نيرانُ بني عَمْرٍو، فقال أبو سفيان: عَمرٌو أقُل من ذلك، فَرآهم ناسٌ مِن حَرَسِ رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فأدْرَكوهم فأخَذوهم، فأتَوْا بهم رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فأسْلَمَ أبو سفيانَ، فلما سارَ قال للعباس: (احْبِسْ أبا سُفيانَ عِندَ حَطْمِ الخَيْلِ، حتى يَنْظُرَ إلى المُسْلِمِينَ).
فحبسهُ العباسُ، فجعلت القبائلُ تَمُرُّ معَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، تَمُرُّ كَتِيبَةً كَتِيبَةً على أبي سُفيانَ، فمرَّتْ كَتِيبَةٌ، قال: يا عباسُ مَن هذه؟ قال: هذه غِفَارُ، قال: مالي ولِغِفَارَ، ثم مرت جُهَيْنَةُ، قال مثل ذلك، ثم مرت سَعْدُ بْنُ هُذَيْمٍ، فقال مثل ذلك، ومرت سُلَيْمُ،، فقال مثلَ ذلكَ، حتى أقبلت كَتِيبَةٌ لَمْ يَرَ مِثْلَهَا، قال: مَن هذِهِ؟ قال: هؤلاء الأنصار، عليهم سَعْدُ بْنُ عُبادَةَ معَهُ الرَّايةُ، فقال سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ: يا أبا سفيان، اليومَ يومُ المَلْحَمَةِ، اليومَ تُسْتَحَلُّ الكَعْبَةُ.
فقال أبو سفيان: يا عباس حبذا يومُ الدّمارِ.
ثم جاءت كَتِيبَة وهيَ أقَلُّ الكَتَائِبِ، فيهم رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وأصحابه، ورايةُ النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مع الزُّبَيْرِ بْنِ العَوَّامِ، فلما مر رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بأبي سُفيانَ قال: ألم تعلم ما قال سَعْدُ بْنُ عُبادَةَ؟ قال: (ما قال).
قال: كذا وكذا، فقال: (كذب سعدٌ، ولكن هذا يومٌ يُعَظِّمُ اللَّهُ فيه الكَعْبَةَ، ويَوْمٌ تُكْسَى فيه الكَعْبَةُ).
قال: وأمر رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أن تُرْكَزَ رايَتُهُ بالحَجونِ.قال عُرْوَةُ: وأخبرني نافعُ بنُ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ قال: سمعت العباس يقول لِلزُّبَيْرِ بْنِ العَوَّامِ: يا أبا عبدِ اللهِ، ها هنا أمرك رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنْ تَرْكُزَ الرَّايَةَ؟ قال: وأمر رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يومَئذ خالد بن الوليد أن يدخل من أعلى مكة من كَداءٍ، ودخلَ النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِن كُدَا، فَقُتِلَ من خَيْلِ الوليد رضي الله عنه يومَئذ رجُلانِ: حُبَيْشُ بْنُ الأَشْعَرِ، وكُرْزُ بْنُ جابِرٍ الفِهْرِيُّ " (رواه البخاري).
 
24 - عن عقبة بن عمرو بن ثعلبة أبو مسعود قال: " أتى النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ رجلٌ، فَكَلَّمَهُ، فجَعلَ ترعدُ فرائصُهُ، فقالَ لَهُ: هوِّن عليكَ، فإنِّي لستُ بملِكٍ، إنَّما أَنا ابنُ امرأةٍ تأكُلُ القَديدَ " (رواه بن ماجه).
 
25 - عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنه قال: " رأيتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يطوفُ بالكعبةِ ويقولُ ما أطيبَك وما أطيبَ ريحَك ما أعظمَك وما أعظمَ حُرمتَك والَّذي نفسُ محمَّدٍ بيدِه لحُرمةُ المؤمنِ عند اللهِ أعظمُ من حُرمتِك مالُه ودمُه " (رواه المنذري وقال: إسناده صحيح أو حسن أو ما قاربهما).
 
• بهذه الأحاديث وغيرها في هذا الجانب تركنا النبي صلى الله عليه وسلم على المحجة البيضاء ليلها كنهارها ولا يزيغ عنها إلا هالك.
(المَحَجَّة: المنهج، الطريق مستقيم).
 
26 - روي أَنَّ عَائِذَ بنَ عَمْرٍو، وكان مِنْ أصحابِ رسولِ الله صلَّى الله عليه وسَلَّم دخل على عُبَيْدِ الله بْنِ زيادٍ، فقال: " أَيْ بُنَيَّ، إنِّي سَمِعْتُ رسولَ الله صَلَّى الله عليه وسَلَّم يقولُ: " إن شرّ الرعاءِ الحُطمةُ ".
فإياكَ أن تكونَ منهُم، فقال له: اجلسْ.
فإنما أنتَ من نخالة أصحابِ محمدٍ صلى الله عليه وسلم.
فقال: وهل كانت لَهُم نخالةٌ؟ إنما النخالةُ بعدهم، وفي غيرهم " (رواه مسلم).
• الحطمة: هو الشديد الحَطْم كثير الاستبداد.
 
27 - عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " اللهُمَّ مَنْ ولِي من أمْرِ أُمَّتِي شيئًا فَشَقَّ عليهم فاشْقُقْ علَيهِ، ومَنْ ولِيَ من أمرِ أُمَّتِي شيئًا فَرَفَقَ بِهمْ فارْفُقْ بِهِ " (صحيح الجامع).
 
رابعاً: بعض المواقف من حياة الصحابة والتابعين في منظومة الأمن: من المعروف أن الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين هم أصدق الناس إيماناً بالله تعالى وأكثر الناس حباً واتباعاً للنبي صلى الله عليه وسلم ولذلك تشربوا ما جاء في القرآن الكريم وفي سنة النبي صلى الله عليه وسلم وترجموهما ترجمة عملية مازلنا نشم شذاها وعبقها إلى يومنا هذا.
 
1 - جاء في تاريخ الطبري: " فهذا أبو بكر الصديق رضي الله عنه وهو خليفة الرسول صلى الله عليه وسلم وقف في جيش أسامة خطيبًا فقال: " أيها الناس، أوصيكم بعشر فاحفظوها عني: لا تخونوا، ولا تغلوا، ولا تغدروا، ولا تمثلوا، ولا تقتلوا طفلًا صغيرًا ولا شيخًا كبيرًا ولا امرأة، ولا تعقروا نخلًا ولا تحرقوه ولا تقطعوا شجرة مثمرة، ولا تذبحوا شاة ولا بقرة ولا بعيرًا إلا لمأكلة، وسوف تمرون بأقوام قد فرغوا أنفسهم في الصوامع، فدعوهم وما فرغوا أنفسهم له وسوف تقدمون على قوم يأتونكم بآنية فيها ألوان الطعام، فإذا أكلتم شيئًا بعد الشيء فاذكروا اسم الله عليه، وتلقون أقوامًا قد فحصوا أوساط رؤوسهم وتركوا حولها مثل العصائب فاخفقوهم بالسيف خفقًا..
اندفعوا باسم الله ".
 
2- عن أبي فراس قال: " خطب عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال: " يا أيها الناس ألا إنا إنما كنا نعرفكم إذ بين ظهرينا النبي صلى الله عليه وسلم وإذ ينزل الوحي وإذ ينبئنا الله من أخباركم ألا وإن النبي صلى الله عليه وسلم قد انطلق وقد انقطع الوحي وإنما نعرفكم بما نقول لكم من أظهر منكم خيراً ظننا به خيراً وأحببناه عليه ومن أظهر منكم لنا شراً ظننا به شراً وأبغضناه عليه سرائركم بينكم وبين ربكم ألا إنه قد أتى علي حين وأنا أحسب أن من قرأ القرآن يريد الله وما عنده فقد خيل إلي بآخرة ألا إن رجالاً قد قرءوه يريدون به ما عند الناس فأريدوا الله بقراءتكم وأريدوه بأعمالكم ألا إني والله ما أرسل عمالي إليكم ليضربوا أبشاركم ولا ليأخذوا أموالكم ولكن أرسلهم إليكم ليعلموكم دينكم وسنتكم فمن فُعِل به شيء سوى ذلك فليرفعه إلي فوالذي نفسي بيده إذن لأقصنه منه فوثب عمرو بن العاص فقال يا أمير المؤمنين أورأيت إن كان رجل من المسلمين على رعية فأدب بعض رعيته أئنك لمقتصه منه قال إي والذي نفس عمر بيده إذن لأقصنه منه وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقص من نفسه ألا لا تضربوا المسلمين فتذلوهم ولا تجمروهم فتفتنوهم ولا تمنعوهم حقوقهم فتكفروهم ولا تنزلوهم الغياض فتضيعوهم ".
 
• جَمَّرَ الأَميرُ الجَيْشَ: جمعهم في الثُّغورِ وحبَسَهُمْ عن العَودِ إلى أَهليهم.
• الغياض: المواضعُ التي يكثر فيها الشجرُ والماء.
 
3 - يذكر المؤرخون أن حمامة باضت في فسطاط عمرو بن العاص، والي مصر آنذاك، فلما عزم على الرحيل، أمر عماله أن يخلعوا الفسطاط، فلفت أنظارهم عش حمامة فيه بيض لم يفرخ بعد، فلم يزعجوا الحمامة، وعرضوا الأمر على عمرو فقال: " لا تزعجوا طائراً نزل بجوارنا، وحل آمناً في رحالنا، أجّلوا العمل حتى تفرخ وتطير ".
• هذه مجرد نماذج للمثال لا للحصر لنرى منا أثر التربية على مائدة القرآن في مدرسة النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
 
وختاماً: إن الإنسان إذا كان قريباً من ربه، ينهل من معين كتابه ويقتدي برسوله صلى الله عليه وسلم عاش سعيداً آمناً مُطمئناً ولو تناوشته وحوش الأرض وسباعها.
وإذا عاش بعيداً عن هذا المعين الرقراق الصافي عاش هائماً على وجهه قلقاً مُضطرباً تتناوشه الهموم ويقض مضجعه الأرق وإن حوته القصور وحصنته الجيوش.
 
يقول الشاعر محمد إقبال رحمه الله:






إذا الإيمان ضاع فلا أمانٌ
ولا دنيا لمن لم يحيِ دينا


ومن رضيَ الحياة بغير دينٍ
فقد جعل الفناءَ لها قرينا






 
اللهم ألبسنا حُلة الإيمان وزينها بالأمن والأمان حتى نكون في كنفك وأمنك في الدنيا وفي جنتك ونعيمك ومستقر رحمتك في الآخرة.

شارك الخبر

روائع الشيخ عبدالكريم خضير