أرشيف المقالات

حوض الكوثر

مدة قراءة المادة : 6 دقائق .
2حوض الكوثر

علينا الإيمان أن للرسول صلى الله عليه وسلم حوضَ الكوثر، مَن شرب منه لا يظمأ بعده أبدًا، وشفاعته للموحِّدين من أمَّتِه.
 
قال الإمام أحمد: حدثنا محمد بن فضيل، عن المختار بن فلفل، عن أنس بن مالك قال: أغفى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إغفاءةً، فرفع رأسه مبتسمًا، إما قال لهم وإما قالوا له: لم ضحكتَ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنه أنزلتْ علَيَّ آنفًا سورة، فقرأ: بسم الله الرحمن الرحيم ﴿ إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ * فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ * إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ ﴾ [الكوثر: 1 - 3] حتى ختَمها، قال: هل تدرون ما الكوثر؟))، قالوا: اللهُ ورسوله أعلم، قال: ((هو نهرٌ أعطانيه ربِّي - عز وجل - في الجنة، عليه خير كثير، ترِدُ عليه أمتي يوم القيامة، آنيته عدد الكواكب، يُختَلَج العبدُ منهم فأقول: يا ربِّ، إنه من أمتي، فيقال: إنك لا تدري ما أحدَثوا بعدك)).
 
ولفظ مسلم قال: بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أظهرنا في المسجد، إذ أغفى إغفاءة، ثم رفع رأسه مبتسمًا، قلنا: ما أضحكك يا رسول الله؟ قال: ((أنزلت عليَّ آنفًا سورة، فقرأ: بسم الله الرحمن الرحيم ﴿ إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ * فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ * إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ ﴾ [الكوثر: 1 - 3]))، ثم قال: ((أتدرون ما الكوثر؟))، قلنا: الله ورسوله أعلم، قال: ((فإنه نهر وعَدَنيه ربي - عز وجل - عليه خير كثير، هو حوض ترِدُ عليه أمتي يوم القيامة، آنيته عدد النجوم، فيُختَلَج العبد منهم، فأقول: ربِّ، إنه من أمتي، فيقول: إنك لا تدري ما أحدَثوا بعدك)).
 
وعن جابرٍ رضي الله عنه أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من قال حين يسمع النداءَ: اللهم ربَّ هذه الدعوة التامَّة، والصلاة القائمة، آتِ محمدًا الوسيلةَ والفضيلة، وابعَثْه مقامًا محمودًا كما وعدته - وفي رواية: الذي وعدته - حلَّت له شفاعتي يوم القيامة))؛ أخرجه البخاريُّ والترمذي وأبو داود والنسائي.
 
عن أبي هريرةَ رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله، مَن أسعدُ الناس بشفاعتك يوم القيامة؟ قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((لقد ظننتُ يا أبا هريرة ألا يسأَلَني عن هذا الحديث أحدٌ أول منك؛ لِما رأيتُ من حرصك على الحديث، أسعدُ الناس بشفاعتي يوم القيامة: مَن قال: لا إله إلا الله، خالصًا من قلبه أو نفسه))؛ رواه البخاريُّ.
 
وعن عُبادة بن الصامت رضي الله عنه عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: ((من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدًا عبده ورسوله، وأن عيسى عبدُ الله ورسولُه وكلمتُه ألقاها إلى مريمَ ورُوح منه، والجنة حقٌّ، والنار حقٌّ - أدخَله الله الجنة على ما كان من عمل))؛ رواه البخاريُّ ومسلم، واللفظ للبخاريِّ.
 
وعن معبد بن هلال العنزي قال: انطلَقْنا إلى أنس بن مالك، وتشفَّعْنا بثابت، فانتهينا إليه وهو يصلي الضحى، فاستأذن لنا ثابتٌ، فدخلنا عليه، وأجلس ثابتًا معه على سريره، فقال له: يا أبا حمزةَ، إن إخوانك من أهل البصرة يسألونك أن تحدِّثَهم حديث الشفاعة، فقال: حدثنا محمدٌ صلى الله عليه وسلم، قال: ((إذا كان يومُ القيامة ماج الناسُ بعضهم إلى بعض، فيأتون آدم، فيقولون: اشفَعْ لذريَّتِك، فيقول: لستُ لها، ولكن عليكم بإبراهيمَ؛ فإنه خليل الله، فيأتون إبراهيم، فيقول: لستُ لها، ولكن عليكم بموسى؛ فإنه كليم الله، فيؤتى موسى، فيقول: لستُ لها، ولكن عليكم بعيسى؛ فإنه رُوح الله وكلمتُه، فيؤتى عيسى، فيقول: لست لها، ولكن عليكم بمحمد، فأُوتَى فأقول: أنا لها، ثم أنطلِقُ فأستأذن على ربي، فيؤذَن لي، فأقوم بين يديه، فأحمده بمحامدَ لا أقدر عليها إلا أن يلهمَنيها، ثم أخِرُّ لربنا ساجدًا، فيقول: يا محمد، ارفع رأسك، وقُلْ يسمَعْ لك، وسَلْ تُعْطَهْ، واشفع تشفَّعْ، فأقول: يا رب، أمتي أمتي، فيقول: انطلِقْ، فمن كان في قلبه مثقالُ حبة من بُرَّة أو شَعيرة من إيمان، فأخرِجْه منها، فأنطلِق فأفعل، ثم أرجع إلى ربي فأحمده بتلك المحامد، ثم أخرُّ له ساجدًا، فيقال لي: يا محمد، ارفع رأسك، وقل يسمَعْ لك، وسَلْ تُعْطَهْ، واشفع تشفَّعْ، فأقول: يا رب، أمتي أمتي، فيقال لي: انطلِقْ، فأفعل، ثم أعود إلى ربي أحمده بتلك المحامد، ثم أخرُّ له ساجدًا، فيقال لي: يا محمد، ارفع رأسَك، وقُلْ يسمَعْ لك، وسَلْ تُعْطَهْ، واشفع تشفَّعْ، فأقول: يا رب، أمتي أمتي، فيقال لي: انطلق، فمن كان في قلبه أدنى أدنى أدنى من مثقال حبة من خردل من إيمان، فأخرِجْه من النار، فأنطلِقُ فأفعل))، هذا حديث أنس الذي أنبأنا به.

شارك الخبر

ساهم - قرآن ١