أرشيف المقالات

نعمة المطر

مدة قراءة المادة : 3 دقائق .
2نعمة المطر   من نِعم الله علينا كبشرٍ هذه الأمطارُ التي تنزل من السماء زخًّا، هي رحمات تتنزَّل من عند ربنا؛ لتسقي الأرضَ العطشى، ويستفيد منها الفلَّاحون والمزارعون؛ ليفلحوا أرضهم، ويبذروا بذورهم، ويُحصِّلوا الخير الذي كُتب لهم من عند الله.
إنَّ نِعمة المطر قد لا نلقي لها بالًا، ولا نستذكر أهميتها إلا حين تعطش الأرض فتجوع البهائم، ويتضرَّع الناس إلى المولى كي ينزع عنهم هذا الابتلاء، فتعاود زخَّات المطر النزول، فتنزل على قلوب الناس أولًا قبل أن تسقي الأرضَ البور.
ليتنا نعلم قيمةَ هذه النِّعمة؛ بأن نصلح أنفسنا، ونؤوب إلى رشدنا، ويتصالح المتخاصم مع أخيه، فمِن الأسباب الرئيسة لانحباس الماء عن النُّزول من السماء جفاءُ قلوبِ مَن في الأرض، ولو كانت القلوب صافيةً متحابَّة متعانقة، لاخْضَوْضَرَتِ البراري، ولم ينقصنا شيء من ثمار أشجارها.
يقول تعالى: ﴿ أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْمَاءَ إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعَامُهُمْ وَأَنْفُسُهُمْ أَفَلَا يُبْصِرُونَ ﴾ [السجدة: 27]، هذه الآية الكريمة توضح لنا أنَّه من الواجب تدبُّر هذه النِّعمة واستجلاب أسبابها.
في أوطاننا العربية مقدَّرات من أنواع شتَّى، وأهمها مقدراتها الفلاحية الهائلة؛ فتشييد السدود، وتوصيل الأنابيب، وسقي المزروعات: لن يتأتَّى إلَّا بماء يغذِّيها ويجعلها تؤدِّي دورها الذي أنشئت من أجله.
الخير إذا جاء وجب شكرُه وسُؤْلان مَن أَغدق به أن يجعله بقدرٍ يرضينا ويكفي نفوسنا، قطرة ماء زلال نَسقي بها ريقنا نُحسُّ بروعتها حين يصيبنا العطش وتنقطع بنا الحيَل في صحراء قاحلة، وبلداننا قد عانت من الجفاف في سنوات مضتْ فنُودي إلى الصلاة رغبة في نزول زخَّات من المطر؛ حتى هدأتِ النفوس وعاد إليها الأمل من جديد.   الأمطار حين تَنزل فهي تَغسل القلوب مِن الأدران، وتجعل الناس يُحسُّون أن خالقهم ينظر إليهم بعين الرأفة والرحمة، تجدهم يَضجُّون بالدعاء جلبًا لخيرات أخرى في دنياهم التي يحيونها.
التفكُّر في مِثل هذه النِّعم واجب علينا؛ لإدراك أنَّنا مجرد بشر ضعفاء، وأن مُسيِّرَ ومُدبِّرَ الكون هو مَن بيده ملَكوته، فعلينا دومًا استشعار واستجلاب نِعَمه؛ حتى لا تُمنع عنَّا، خاصة ونحن في بدايات الخريف؛ علَّه يكون فصلًا فيه خير عميم للبلاد والعباد على حد سواء.



شارك الخبر

مشكاة أسفل ١