أرشيف المقالات

نصائح للشباب المسلم

مدة قراءة المادة : 7 دقائق .
2نصائح للشباب المسلم
الناظر في أحوال الشباب اليوم يرى العجب العجاب، حيث انشغل الكثير منهم بالشهوات، وارتكبوا المنكرات، وأعرضوا عن عبادة رب الأرض والسموات، والسبب في هذا: طولُ الأمل، وهذا أمر قد شوهد بالعيان، ولا يحتاج إلى بيان.   • وصدق الحسن البصري رحمه الله حيث قال: "ما أطال عبدٌ الأمل إلا أساء العمل" (الزهد للحسن البصري: ص82). وصدق الحسن البصري..
فطول الأمل سبب لقلة الطاعة، والتكاسل عن العبادة، وقسوة القلب، وتأخير التوبة، واتباع الهوى، وكثرة المعصية، والحرص على الدنيا، والغفلة عن الموت، وما بعده من شدائد وأهوال، وربما الموت على المعصية، وهذا هو عين الشقاء.   • يقول الفضيل بن عياض رحمه الله: "إن من الشقاء طول الأمل، وإن من النعيم قصر الأمل" وقصر الأمل هو الاستعداد للرحيل في أي وقت وحين، فلا ترى صاحبه إلا متأهبًا لعلمه بقرب الرحيل، وسرعة انقضاء مدة الحياة، وهو من أنفع الأمور للقلب، فإنه يبعث على انتهاز فرصة الحياة التي تمر مرّ السحاب. • فاحذروا يا شباب طول الأمل، فالموت يأتي بغتة، ففي "صحيح البخاري" من حديث أنس رضي الله عنه قال: "خطَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم خطًّا، وقال: هذا الإنسان، وخطَّ إلى جنبه خطا، وقال: هذا أجله، وخط خطًا آخر بعيدًا عنه، فقال: وهذا الأمل، فبينما هو كذلك إذا جاءه الأقرب". فكم من مستقبل يومٍ لا يستكمله وكم من مؤملٍ لغدٍ لا يبلغه.   • وكان في مجلس ميمون بن مهران رحمه الله شيوخ وشباب، فقال رحمه الله: "يا معشر الشيوخ، ما ينتظر بالزرع إذا ابيض؟ قالوا: الحصاد، فنظر إلى الشباب، فقال: يا معشر الشباب، إن الزرع قد تدركه الآفة قبل أن يستحصد" أيا ابن آدم لا تغررك عافية عليك ضافية فالعمر معدودُ ما أنت إلا كزرع عند خضرته بكل شيء من الآفات مقصود فإن سلمت من الآفات أجمعها فأنت عند كمال الأمر محصود فيا أيها الشاب...
لا تغرك الصحة والقوة والشباب، فتسير في ركب الحياة لاهيًا ساهيًا، وتنسى فجأة الموت، فكم من صحيح سليم معافى سمعنا نعيه، وكم من مريض سقيم طال أجله، وكم في القبور من الشباب والأطفال والرضع.   • كتب حكيم إلى أخيه فقال: "اعلم أن الموت في الشباب كثير، وآية ذلك أن الشيوخ قليل" فإياكم يا شباب والتسويف وطول الأمل...
والقعود عن العمل، فهذا مآله الخسران والبوار. وقد قال الحبيب المختار صلى الله عليه وسلم: "أخسر الناس صفقة: رجل أخلق يديه في آماله، ولم تساعده الأيام على تحقيق أمنيته، فخرج من الدنيا بغير زاد، وقدم على الله بغير حجة" (أخرجه ابن النجار) فعلى الشباب أن يستدركوا ما مضى وفات، ويعدوا عملًا صالحًا لما بعد الممات.   قال تعالى: ﴿ وَأَنفِقُوا مِن مَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ الصَّالِحِينَ ﴾ [المنافقون:10] • قال ابن كثير رحمه الله في "تفسيره": "كل مفرط يندم عند الاحتضار ويسأل طول المدة ولو شيئًا يسيرا، ليستعتب ويستدرك ما فاته، وهيهات..
كان ما كان، وأتى ما هو آت".
اه   فاعلم أخي الشاب...
أن الدنيا مهما طالت فهي قصيرة، ومهما عظمت فهي حقيرة والليل مهما طال لابد من طلوع الفجر، والعمر مهما طال لابد من دخول القبر، فكم ممن راح في طلب الدنيا أو غدا، أصبح من سكان القبور غدًا.   وصدق القائل حيث قال: تزوَّد من التقوى فإنك لا تدري إذا جنَّ ليلٌ هل تعيش إلى الفجر؟ فكم من فتى يمسي ويصبح لاهيًا وقد نسجت أكفانه وهو لا يدري وكم من عروس زيَّنوها لزوجها وقد قبضت أرواحهم ليلة العرس وكم من صغار يُرتجى طول عمرهم وقد أدخلت أجسادهم ظلمة القبر وكم من صحيح مات من غير علة وكم من سقيم عاش حينًا من الدهر   • وقد كثر موت الفجأة، وهو علامة من علامات السَّاعة، فقد أخرج الطبراني عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن من أمارات الساعة أن يظهر موت الفجأة". وقد كثر موت الفجأة في الشباب، وأود أن أذكر بأن مَن عاش على شيء مات عليه، ومَن مات على شيء بُعث عليه.   مرحلة الشباب أعظم مرحلة سيسأل عنها الإنسان: فمرحلة الشباب قطعة من العمر، وهي أهم مرحلة سيسأل عنها الإنسان، ففي الحديث الذي أخرجه الترمذي من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تزول قدما عبدٍ يوم القيامة حتى يسأل عن خمس: عن عمره فيم أفناه، وعن شبابه فيما أبلاه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه، وعن علمه ماذا عمل فيه – وفي رواية: "وماذا عَمِلَ فيم عَلِمَ".   • ولعل قائل يقول: "لماذا ذكر النبي صلى الله عليه وسلم الشباب بعد العمر؟ والشباب قطعة من العمر؟ والجواب: أن هذا من باب ذكر الخاص بعد العام لبيان أهمية الخاص، أي أننا سنسأل عن العمر، وأهم مرحلة من العمر ستسأل عنها هي مرحلة الشباب. فاعلم أيها الشاب أنك ستسأل عن شبابك ماذا فعلت فيه؟ فأعد للسؤال جوابًا، وللجواب صوابًا. فإذا علمت هذا فعليك أيها الشباب أن تعمره من الآن بطاعة الرحمن.



شارك الخبر

ساهم - قرآن ١