أرشيف المقالات

الفاتحة وتوحيد الأسماء والصفات

مدة قراءة المادة : 3 دقائق .
2الفاتحة وتوحيد الأسماء والصفات


من أعظم مقامات التوحيد في صورة الفاتحة: تقرير توحيد الأسماء والصفات في قول الله - جَلَّ وَعَلَا -: ﴿ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴾ [الفاتحة:3]، فعقيدة أهل السُنَّة والجماعة إثبات ما أثبتهُ الله لنفسهِ في كتابهِ، وما جاء صحيحًا في سُنة النبي - صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من الأسماءِ والصفات بلا تمثيلٍ ولا تعطيلٍ، أو تحريفٍ وتكييف.
 
ويلزم من ذلك: السكوتُ عما لم يأتِ فيهِ نص صريحٌ بإثبات الأسماء والصفات، فإثبات الأسماء والصفات أمرٌ توقيفي فلا اجتهاد فيهِ.
 
نقرأ في الفاتحة قول الله - جَلَّ وَعَلَا -: ﴿ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴾ [الفاتحة:3]، اسمان رقيقان أحدهما أرق من الآخر، جاءت بعد وصف الله - تَبَارَكَ وَتَعَالَى - نفسهُ بـ﴿ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الفاتحة:2]، فيستشعر السامع بالرهبة أمام عظمة الله وجلال الله وكبرياء الله.
 
ثم قرن الله - جَلَّ وَعَلَا - هذه الآية بقولهِ - جَلَّ وَعَلَا -: ﴿ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴾؛ ليجمع ما بين الرهبة منه والرغبة إليهِ، فيكون أعون على طاعتهِ وأمنع، ﴿ نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الأَلِيمُ ﴾ [الحجر:49-50].
 
وبهذا يشهد العبد آثار أسماء الله تعالى، فيزداد بذلك إيمانًا ويقينًا، ومحبةً وإجلالًا وتعظيمًا، بل يقوى في قلب العبد عبودية الرجاء والتعلق برحمة الله - جَلَّ وَعَلَا - وعدم اليأس، فتسري في نفس أهل الإيمان الآمال وانتظار الفرج بعد الشدة ومغفرة الذنوب.
 
إنَّ للأسماء والصفات أثرٌ في منهج والرسل - عَلَيْهِم اَلصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وأخلاق العظماء من الأئمة الأعلام وأهل الصلاحِ والفضل، فهذا نبينا - صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُدِح بنبي الرحمة، ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ﴾ [الأنبياء:107]، ومُدِح الصحابة - رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُم - بأنهم رحماء بينهم، وخُصَّ أبا بكرٍ بالكمال البشري في الرحمة بعد الرسل - عَلَيْهِم اَلصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ.
 
ورغَب النبي - صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالتراحم بيننا، وأنَّ رحمة الله تنال الرحماء.
 
وبهذا يتخلق المسلم بخلق الرحمة بعيدًا عن الأنانية والبطش والانتقام، أرأيتم أيها الموحدون أثر هذه السورة في سيرنا إلى الله - جَلَّ وَعَلَا - وآثار هذه المعاني لمَنْ استلهم هدايات القرآن ونور القرآن، وذلك بصلاحهِ وصلاحِ غيرهِ.
 
فاللهم اجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا ونور صدورنا برحمتك يا أرحم الراحمين.

شارك الخبر

روائع الشيخ عبدالكريم خضير