أرشيف المقالات

الإعلام والشباب دعوة للمنافسة

مدة قراءة المادة : 5 دقائق .
تلعب أجهزة الأعلام المرئية والسمعية والمقروءة في عصرنا دورا مؤثرا في صناعة الرأي العام، ورسم الانماط السلوكية للناس، والتأثير في صناعة القرار السياسي، بل التأثير في مختلف السياسات العامة للبلد، وذلك بفعل التطور المذهل والسريع في أجهزة الإعلام ووسائل الاتصال المختلفة، والذي مكن الإعلام من امتلاك إمكانيات وقدرات عالية التأثير لم يكن يمتلكها قبل مدة غير طويلة من الزمن، مما أعطى للإعلام سلطة وقدرة لا يمكن لأحد تجاهلها . ولكل إعلام أهدافه وأدواته ووسائله في التأثير والجذب والتغيير ومحاولة صنع رأي عام متناغم معه، فالإعلام في النهاية يؤلف لصالح سياسات معينة، وأهداف محددة، إذ لا يمكن أن نتصور أية وسيلة إعلامية من دون أن يكون لها أهداف معينة، واستراتيجية مرسومة، وإلا تحول إلى إعلام عدمي أو عبثي. وأكبر شريحة تتأثر بالأعلام ووسائل الاتصال الحديثة وهي شريحة الأطفال والشباب والمراهقين، فقلب الحدث كالأرض الخالية ما ألقي فيها من شيء إلا قبلته؛ ولذلك ليس من المستغرب أن نجد أن غالبية البرامج الإعلامية موجهة إلى الأطفال والمراهقين والشباب، لأن هذه الشرائح العمرية تتأثر بسرعة، والإعلام الحديث من أقوى الوسائل المؤثرة في الشباب، حيث الإخراج الجذاب، وثقافة الصورة المؤثرة، ووسائل الإغراء القوية. كل هذه العوامل تدفع بالشباب والمراهقين فضلا عن الأطفال إلى الانجذاب باهتمام شديد إلى أجهزة الإعلام المختلفة ومع التطور السريع في وسائل الاتصال والإعلام أصبح بإمكان أي واحد منا الاطلاع على كل ما يحدث في عالمنا الإنساني، بل أن وسائل الإعلام أصبحت تنقل إلينا الأحداث في نفس وقت الحدث وعلى الهواء مباشرة بفضل تقنية الأقمار الصناعية المتطورة، كما يمكن مشاهدة الأحداث السياسية والدينية وغيرها من خلال الشبكة العالمية الإنترنت. وتشهد تكنولوجيا الإعلام والاتصالات ثورة حقيقية ومذهلة مما سيزيد من تأثير وسائل الإعلام المختلفة على الناس والحياة وكل شيء، وهو ما يعني زيادة الفرص والإمكانات للحصول على المعرفة والعلم والترويح عن النفس، في الوقت نفسه زيادة التحديات التي يفرضها الإعلام الفاسد على القيم الدينية والاخلاقية والمعنوية وتزداد خطورة التحدي الإعلامي إذا علمنا أننا كمسلمين لا زلنا مستهلكين ولسنا منتجين، مستقبلين ولسنا مرسلين، متأثرين ولسنا مؤثرين ...
هذا هو حال إعلامنا في معظم الأحيان، وربما تختلف الصورة في قليل من الأحيان! لقد بات الإعلام الغربي وبفضل ما يمتلكه من وسائل تقنية متقدمة، وتكنولوجيا فائقة القدرة، وقدرات مالية ضخمة يؤثر في العالم، وبات غالبية شبابنا يتأثر بصورة ملحوظة بما يصدره الإعلام إلينا من أفكار وفلسفات وسلوكيات وأخلاقيات لا تمت إلى مجتمعنا وثقافتنا بشيء، ولا يمكن مواجهة ذلك التحدي الخطير، إلا بنفس الوسائل والأدوات، فلا يمكن مواجهة الإعلام الغربي إلا بإعلام إسلامي ملتزم وقوي ومؤثر، ولا سبيل لمواجهة ثقافة الصورة الشديدة التأثير في الرأي العام العالمي إلا بنفس الطريقة مع اختلاف المضمون والمحتوى. وهذا هو الطريق الصحيح لمواجهة تحديات الإعلام الغربي وبدلا من أن نتحدث دائما عن الغزو الإعلامي والثقافي الغربي، يجب علينا الاستفادة من الوسائل المتاحة لنا في تقوية إعلامنا بحيث يكون مؤثرا في مختلف شرائح المجتمع، وصوته مسموعا في أرجاء العالم. ومن المحزن حقا أن الإعلام العربي والإسلامي بصفة عامة يفتقد القدرة على مواجهة تحديات ومخاطر الإعلام الغربي، بل يفتقد الرسالة الإعلامية التي يجب أن يكون منطلقها الإسلام، وخصوصيات المجتمع المسلم، ولذلك نجد أن غالبية وسائل الإعلام العربية والإسلامية من قنوات فضائية وأرضية وإذاعات وصحف ومجلات يغلب على برامجها ورسالتها الإعلامية الانحدار والهبوط سواء في المضمون والمحتوى، أو في الأدوات ووسائل العرض، مما أدى إلى التأثير السلبي في ثقافة الأجيال المعاصرة، ونفور غالبية الناس - وخصوصا جيل الشباب - عن الإقبال على الإعلام العربي والإسلامي والتوجه إلى الإعلام الغربي والتأثر به! والمطلوب هو ان يقوم الإعلام بدوره في تثقيف الشباب وتنمية قدراتهم العلمية والثقافية، ونشر ثقافة الدين، وبناء الوعي السياسي والاقتصادي وتعميق الانتماء للدين والقيم والأخلاق والوطن ومحاربة الفساد والانحراف والانحطاط، وتنمية الثقة بالنفس، والاعتزاز بالهوية والمحافظة على القيم الروحية والمعنوية...
فهذه هي رسالة الأعلام الأساسية.

شارك الخبر

روائع الشيخ عبدالكريم خضير