أرشيف المقالات

أين مصحفك؟

مدة قراءة المادة : 4 دقائق .
2أين مصحفك؟
 
من بركات الله تعالى علينا نحن الأمة المسلمة أنه أنزل على رسولنا الكريم كتابًا مباركًا، وأقامه لنا كمشعل ونِبْراس لمعالم طريق حياتنا في الدنيا وإلى الآخرة، وهو كتاب لما استمع إليه نَفَرٌ من الجن قالوا: إنا سمعنا قرآنًا عجبًا، يهدي إلى الرشد، وأسرعوا إلى الإيمان به، ودعوة قومهم إلى هدايته، كما سجَّله القرآن نفسه في آياته.
 
ويقول الرسول الكريم الذي نزل عليه القرآن: ((إنَّ اللهَ يرفَعُ بهذا الكتابِ أقوامًا، ويَضَعُ بهِ آخرين))، فمعنى قوله عليه الصلاة والسلام: أن الأمة إن تُرِد العزة والمجد في هذه الدنيا فعليهم أن يتمسَّكُوا بالقرآن حقَّ التمسُّكِ.
 
وقد أثبت السلف الصالح من هذه الأمة أن القرآن الكريم قادَهم إلى رأس القمة والمجد والرفعة، ورسم لهم ولأمتهم خارطةً واسعةً لا تغرب شمسُها على العالم، وكان المصحف في قلوبهم وبأيديهم، وكان القرآن أمامهم هاديًا ومرشدًا، فكان القرآن لهم جليسًا وأنيسًا، كانوا معتكفين على تلاوته وتعليمه ونشره، والدعوة إليه، والعمل به في السِّرِّ والعَلَنِ.
 
قال أحد السلف- وهو أبو الزناد-: كنت أخرج من السَّحَر إلى مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا أمر ببيتٍ إلا وفيه قارئ يقرأ القرآن.
 
ومع الأسف الشديد، نرى الأمة التي كانت معتكفةً على تدبُّر آيات القرآن تبتعد عن نور القرآن وهدايته يومًا فيومًا، حتى الناس المتميزون- ومعذرة لهذا القول- الذين لهم شرف الانتساب إلى العلم ومراكزه لا يعتكفون، ولا يحرصون على تلاوة القرآن، والتدبُّر في آياته كما كان السلف الصالح يفعل.
 
فالسؤال الذي أريد أن أطرحه على نفسي وعلى أحبَّتي هو: أين مصحفُك يا أخي؟ وأين أنت من مصحفك؟ متى كانت آخر مرة عانقت فيها آية من آيات مصحفك، وانغمست في قعر كلمة من كلماتها، واستخرجت نورًا وهداية منها؟ هل عثرت على آية كريمة تُحبُّها من المصحف أكثر؟ ما هي الآية التي تجعلك تطمئن وأنت في أمواج المشاكل في حياتك؟ أسئلة قد تطول قائمتُها؛ ولكن أريد أن أقول باختصار: ما حالك مع مصحفك مع الكتاب العزيز الذين أنزله الله تعالى من اللوح المحفوظ لأجلك؟ نزل به الروح الأمين على قلبك لتكون من المنذرين.
 
قال الله تعالى في القرآن: ﴿ يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ ﴾ [الذاريات: 9]، يقول بعض العارفين: أي: يصرف عن القرآن مَن صرفه الله عقوبةً له بسبب ذنوبه، وإعراضه عن الله تعالى، آية يجب أن تسوقنا إلى رحاب القرآن من جديد، وأن نعتكف على تدبُّره بنشاط ورغبة.
 
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: ما رأيت شيئًا يُغذِّي العقل والروح، ويحفظ الجسم، ويضمن السعادة أكثر من إدامة النظر في كتاب الله تعالى.
 
تعلَّقْ بالقرآن تجِد البركة، قال الله تعالى: ﴿ كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ ﴾ [ص: 29]، وقال بعض المفسرين: اشتغلنا بالقرآن، فغمَرَتْنا البركاتُ والخيراتُ في الدنيا.
 
ليكن القرآن والمصحف أنيسَنا، ومرآةَ حياتِنا لكل لحظة من لحظات حياتنا!

شارك الخبر

ساهم - قرآن ٢