أرشيف المقالات

التحذير من تشبه الرجال بالنساء وتشبه النساء بالرجال

مدة قراءة المادة : 9 دقائق .
2التحذير من تشبه الرجال بالنساء وتشبه النساء بالرجال
من الظواهر الخطيرة التي أصبحت تتسرَّب إلى مجتمعاتنا الإسلامية المحافظة، بعد أن ذاع صيتُها في الدول الغربية التي اعتادتْ على استمراء العجائب، واستساغة الغرائب، والسبق إلى الخروج عن المألوف والسائد - ظاهرة "تشبه الرجال بالنساء، وتشبه النساء بالرجال"، التي حذر منها رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أزيد من أربعة عشر قرنًا؛ حيث روى عنه عبدالله بن عباس رضي الله عنهما، فقال: "لَعَنَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم الْمُتَشَبِّهِينَ مِنَ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ، وَالْمُتَشَبِّهَاتِ مِنَ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ"؛ البخاري.   إنها ظاهرة تمرُّد بعض الناس على أجسادهم، والسعي إلى تغيير خلق الله، تعبيرًا عن عدم رضاهم بجنسهم الذي خلقهم الله عليه، والرغبة في تحويله إلى الجنس الآخر؛ إما تعبيرًا عن حالات مرضية معينة، أو بناءً على ميولات نفسية معينة، أو تقليدًا أعمى لما يجري في الدول الغربية التي اشتَهر فيها ما يسمى بـ"التحول الجنسي"، وتسويغ "المثلية الجنسية"، أو ما صار يعرف بـ"الجنس الثالث"، عن طريق عمليات تسمى بـ"التجميلية"، بعد أن دشنها أحد الدانماركيين سنة 1930م، لِيُعترَف بها اليوم قانونيًّا في أكثر من 20 دولة أوروبية التي تكاثر في بعضها هذا الصنفُ من الناس، الذين صاروا يشكلون هناك قرى خاصة تسمى "قرى المثليين"، بل صارت نِسَبُهم في بعض مدن ودول الغرب تنبئ عن خطر عظيم، حيث تضم سان فرانسيسكو 15.4% من المثليين والمثليات، وازدواجيي الميول من عدد السكان الإجمالي، و7.8% من سكان البرازيل الذكور هم مثليون، و2.6% هم من مزدوجي الميول الجنسي؛ أي: ما مجموعه 10.4%.   وفي الأرجنتين، تم عام 2012م تدشين قانون الاعتراف بتغيير النوع الجنسي؛ حيث نص على تمكين كل من هو فوق سن 18 من اختيار هويته الجنسية، وتغيير نوعه الاجتماعي، وتعديل وثائقه الرسمية؛ من بطاقة تعريف، وجواز سفر، وبطاقة الانتخاب، ووثائق الجنسية وغيرها، دون أية موافقة قضائية أو طبية مسبقة، وبات بإمكان الناس للمرة الأولى تغيير الإشارة إلى جنسهم على وثائقهم ببساطة، عبر ملء الاستمارات المناسبة.   ويجري في تايلاند - التي تستقطب سنويَّا مليوني أجنبي لتلقِّي العلاج على أراضيها، خصوصًا من أجل عمليات تغيير الجنس - 1500 عملية تحويل جنسي كل عام، بل إن طبيبًا واحدًا هناك يجري ما معدله 200 عملية تحويل جنسي سنويًّا، قد يصل ثمن العملية الواحدة إلى 30 مليون سنتيم (30 ألف دولار)، تتحمل بعض الدول المعترفة بهذا التسيب الأخلاقي نصف تكاليفها، مع تسجيل زيادة طلب الرجال لهذا التحول ثلاثة أضعاف مقارنةً بالنساء!   مجتمعات حائرة، وحضارات بائرة، وتيه أخلاقي اخترق جميع الأعراف والعادات، فالزواج هناك في أغلبه علاقة شخصية معنوية بين رجل وامرأة، أو بين رجلين، أو بين امرأتين، ولا غضاضة عندهم في ذلك، فلا عجب أن نعلم أن دراسة بريطانية صادمة بيَّنت أن واحدًا من كل 50 أبًا بريطانيًّا، يربي - دون أن يدري - طفلَ رجلٍ آخرَ، وقد طالبت جماعات حقوق الآباء في أستراليا بعمل اختبار أُبوة بشكل إلزامي لجميع الأطفال عند الولادة، بعد استفحال تلك الظاهرة.   والشخص في ظاهره رجل له لحية وشارب وعضلات، وهو في حقيقة أمره امرأةٌ تلقَّت من العلاج الهرموني وزرع الأعضاء الذكورية ما جعلها تخرج من جلد النساء، وتلبس جسد الرجال، والشخص في ظاهره امرأة؛ في نظراتها، ومشيتها، وطلاء أظافرها، واستعمال مساحيقها، وتغنُّجها في كلامها، وتكسُّرها في حركاتها، تخالط النساء في نواديهنَّ، وتسوقهنَّ، ودخول حماماتهنَّ، وما هي في حقيقة أمرها سوى رجل أبى إلا أن يَمتثل للشيطان في تغيير خلق الله، والتلاعب بأعضاء جسمه، تحت مسمى الحرية الفردية، وأن الجسد ملك لصاحبه، وأن النصيحة في ترك ذلك تدخُّلٌ في حياة الناس، واقتحام لميولاتهم النفسية، ورغباتهم الجنسية، والله عز وجل يُخبرنا بالتزام ما قَدَّره على كل إنسان، والرضا بما اختاره لكل إنسان، فيقول: ﴿ وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا ﴾ [النساء: 32].   وقد ذهب أحد المعاصرين إلى القول: "المرأة أحيانًا تتمنى أن تكون رجلًا، فتتشبه بالرجال، والرجل أحيانًا يتمنى أن يكون أقرب إلى الجنس الثاني، فيتشبه بالنساء، فهذا نهي شديد عن ذلك؛ لأن لكل من المرأة والرجل مكانًا في الجنة إذا اتقى الله فيما أقامه".   ويعد من كبائر الذنوب عند علماء المسلمين أن يقصد أحد الجنسين إلى التشبه بالجنس الآخر فيما اختُصَّ به كلُّ واحد منهما؛ لأن كلمة "اللعن" التي وردت في الأحاديث، تقتضي الطرد والإبعاد من رحمة الله، وأن الذي لم يقبل خلق الله، فقد اتبع الشيطان الذي أقسم فقال: ﴿ وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا ﴾ [النساء: 119].   وقد أورد الإمام الذهبي رحمه الله هذا التشبه في كتابه "الكبائر"، فقال: "فإذا لبست المرأة زِيَّ الرجال، فقد شابهت الرجال في لُبسهم، فتلحقها لعنة الله ورسوله، ولزوجها إذا أمكنها من ذلك أو رضي به، ولم ينهها".   وقال الإمام الطبري رحمه الله: "لا يجوز للرجال التشبه بالنساء في اللباس والزينة التي تختص بالنساء ولا العكس".   وقال الشيخ أبو محمد بنُ أبي جمرة رحمه الله: "والحكمة في لعن مَن تشبه: إخراجُه الشيء عن الصفة التي وضعها عليه أحكمُ الحكماء، وقد أشار إلى ذلك في لعن الواصلات بقوله: (الْمُغَيِّرَاتِ خَلْقَ الله)".   من مظاهر هذا التشبه أمور: 1- لُبس الثياب الخاصة بالجنس الآخر؛ كالمرأة تلبس السراويل، والمعاطف والأقمصة الرجالية، والألبسة التي تصف حجم الجسد، وكذلك لبس ساعات الرجال، وأربطة أعناقهم، مع ترك الحجاب، وكلُبس الرجال لباس النساء؛ كالجلباب، والحجاب، والأحذية النسائية، فعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: "لَعَنَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم الرَّجُلَ يَلْبَسُ لِبْسَةَ الْمَرْأَةِ، وَالْمَرْأَةَ تَلْبَسُ لِبْسَةَ الرَّجُلِ"؛ صحيح سنن أبي داود، وقيل لعائشة رضي الله عنها: "إِنَّ امْرَأَةً تَلْبَسُ النَّعْلَ، فَقَالَتْ: "لَعَنَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم الرَّجُلَةَ مِنَ النِّسَاءِ"؛ صحيح سنن أبي داود؛ قال المناوي رحمه الله: "(الرَّجُلَةَ من النِّسَاءِ)؛ أي: المترجلة، وهي التي تتشبه بالرجال في زيِّهم، أو مشيهم، أو رفع صوتهم، أو غير ذلك".   2- كثرة خروج المرأة من البيت إلا لحاجة؛ لقوله تعالى: ﴿ وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ ﴾ [الأحزاب: 33]، وهو عام في نساء النبي صلى الله عليه وسلم، وفي غيرهن من نساء المؤمنين.   3- التشبه بالرجال في حركاتهم، وأصواتهم، وشدتهم، وخشونتهم، وهو ما قد ينافي السكينة والاستحياء اللذين يجب أن تتميز بهما المرأة؛ قال تعالى في أخص صفات النساء: ﴿ فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ ﴾ [القصص: 25]، وقال تعالى في أخص صفات الرجال: ﴿ قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ ﴾ [القصص: 26].   4- منافسة الزوج في قوامته ومسؤولياته داخل الأسرة؛ مما قد يفضي إلى تداخل الأدوار، والتنازع في تسيير أمور الأسرة، مع حب التميز والتفوق؛ مما قد يؤول إلى الخصام، والشنآن، والتنازع، والعصيان.   5- سفر المرأة إلى الأماكن البعيدة بغير مَحرم؛ مما قد يعرِّضها إلى الأذى، وهو أمر مشاهَد ملموس، وكذلك خلوتها مع غير محارمها؛ كأخ الزوج، وابن العمة، وابن العم، وابن الخالة، وابن الخال، بدعوى التقارب ورفع الحرج؛ يقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((لاَ تُسَافِرُ الْمَرْأَةُ إِلاَّ مَعَ ذِي مَحْرَمٍ، وَلاَ يَدْخُلُ عَلَيْهَا رَجُلٌ إِلاَّ وَمَعَهَا مَحْرَمٌ))؛ متفق عليه.   دعي عنكِ قومًا زاحمتْهم نساؤُهم فكانوا كما حفَّ الشرابَ ذبابُ تساوَوا فهذا بينهم مثلُ هذهِ وسِيَّانَ معنًى يافعٌ وكَعابُ وما عجَبي أنَّ النساءَ ترجَّلتْ ولكنَّ تأنيثَ الرجالِ عِجابُ



شارك الخبر

مشكاة أسفل ٢