أرشيف المقالات

حديث: ألا أعلمك سورتين من خير سورتين قرأ بهما الناس؟

مدة قراءة المادة : 9 دقائق .
2حديث: ألا أعلِّمُكَ سورتينِ من خير سورتين قرأ بهما الناس؟   عن عقبة بن عامر رضي الله عنه، قال: بينا أنا أقودُ برسول الله صلى الله عليه وسلم في نَقْبٍ من تلك النقاب، إذ قال لي: ((يا عُقْبُ، ألا تركب؟))، قال: فأجْلَلْتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أركبَ مَرْكَبَهُ، ثم قال: ((يا عُقْبُ، ألا تركب؟))، قال: فأشفقْتُ أن تكون مَعصية، قال: فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم وركبتُ هُنَيَّة، ثم ركب، ثم قال: ((يا عُقْبُ، ألا أعلِّمُكَ سورتين من خير سورتين قرأ بهما الناس؟))، قال: قلت: بلى يا رسول الله، قال: فأقرأني: قل أعوذ برب الفلق، وقل أعوذ برب الناس، ثم أقيمت الصلاة، فتقدَّم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأ بهما، ثم مَرَّ بي، قال: (( كيفَ رأيْتَ يا عُقْبُ؟ اقْرَأ بهما كلَّما نـِمْتَ، وكُلَّما قُمْتَ)) [1].   من فوائد الحديث: 1- كان عُقبة رضي الله عنه يخدم النبي صلى الله عليه وسلم، وهو صاحب بَغْلَتِه.

2- قوله: ((يا عُقْبُ، ألا أُعَلِّمُكَ سورتين من خير سورتين قرأ بهما الناس)) من حيث النفع العائد عليهم؛ كالحفظ من الشيطان، فلا ينافي أن ثواب قراءة غيرهما أكبر من قراءتهما؛ لأن الكلام ليس في الثواب[2].
3- قوله: "في نَقْب": النقب: الطريق بين الجبلين، وجمعه نِقَاب وأَنْقاب.

4- قوله: "فأجْلَلْتُ برسول الله صلى الله عليه وسلم أن أركب مركبه": معناه أنه استصغرَ نفسَه بالنسبة لمقام رسول الله صلى الله عليه وسلم وعُلُوِّ مَنْزِلَتِه أن يركبَ ورسول الله صلى الله عليه وسلم يمشي.

5- قوله: "ثم قال: ((يا عُقْبُ، ألا تركب؟))": أعاد عليه السؤال مرة ثانية؛ وذلك لمزيد شفقته ورحمته بأصحابه، وتواضُعه وكرم أخلاقه صلى الله عليه وسلم.   6- قوله: "فأشفقتُ أن تكون معصية": خشي عقبة مخالفة النبي صلى الله عليه وسلم في هذه المرة فيكون عاصيًا.

7- قوله: "وركبت هنيَّـة"؛ أي: زمنًا يسيرًا امتثالًا لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم[3].
8- سورتا الفلق والنَّاس تزيدان على غيرهما من السور في باب التعويذ، إذ لم توجد سورة كلها تعويذ إلا هاتين السورتين[4] .   9- قوله: "فَعرَف أَنِّي لم أفرح بهَا جدًّا"[5]: والمعنى أنه لم يحصل له سرُور كبير بهاتين السورتين؛ لأنه كان يَطْمح أن يقرأ عليه النبي صلى الله عليه وسلم سورتين غيرهما؛ حيث قال: "أقْرِئني سورة هود، أو سورة يوسف"[6].
10- قوله: "أقود برسول الله صلى الله عليه وسلم": فيه خدمة أهل الفضل والعلم.

11- قوله: "فأجْلَلْتُ..."؛ أي: أعْظَمْتُ، وفيه ما كان عليه الصحابة رضي الله عنهم من تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم، والتأدُّب معه غاية التأدُّب [7].
12- قوله: "فقرأ بهما، ثم مرَّ بي، قال: ((كيف رأيت يا عُقْبُ؟))؛ يعني: كيف حال هاتين السورتين عندك الآن بعد أن رأيتني صلَّيت بهما الصبح التي يُقرأ فيها بالطوال، وقال صلى الله عليه وسلم ذلك له ترغيبًا وتنبيهًا على فضلهما، وتأكيدًا لقوله: ((ألا أُعَلِّمُكَ سورتين من خير سورتين قرأ بهما الناس؟))[8].
13- قوله: "بَيْنا": كلمة وظيفيَّة، ظرف زمان يدل على المفاجأة مركَّب من (بَيْنَ)، و(الألف الاسميَّة) الدالَّة على وقت محذوف يحتاج إلى جواب، ويكثر ورود (إذ) أو (إذا) الدالتين على المفاجأة بعده[9].
14- العلم عِزٌّ ورِفْعة وشرف.

15- مكانة عقبة عند النبي صلى الله عليه وسلم فقد خصَّه دون سائر الصحابة رضي الله عنهم.
16- أفضلية تلقِّي الخبر بلا واسطة، فقد تلقَّى عقبة العلم مباشرة من النبي صلى الله عليه وسلم.   17- عِلْم عقبة وفهمه وفطنته رضي الله عنه.

18- أهميَّة الصلاة في حياة المسلم.

19- حِرْص عُقبة رضي الله عنه على العلم، وتَعَلُّم القرآن.

20- أشرف العلوم التفقُّه في كتاب الله.

21- حُسْنُ خُلُق النبي صلى الله عليه وسلم، ولِيْن جانبه، وبَساطَتُه في العَيْش.

22- تَلطُّفُ النبي صلى الله عليه وسلم مع عقبة رضي الله عنه بمناداته بالتصغير والترخيم، والحذف في اسمه.



[1] مسند الإمام أحمد 28/ 528، رقم 17296، وقال مُحقِّقُوه: إسناده صحيح، وسنن أبي داود 1/ 546، رقم 1464، وسنن النسائي الكبرى، وأصله في صحيح مسلم 1/ 558، رقم 814. [2] شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية 4/ 510. [3] من 3-7 مستفاد من الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني؛ للساعاتي 18/ 349. [4] الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني؛ للساعاتي 18/ 349. [5] هذه الرواية في مسند الإمام أحمد 28/ 576، رقم 17342، قال مُحقِّقُوه: "حديث صحيح، وهذا إسناد حسن"، والسنن الكبرى؛ للنسائي 7/ 197 رقم 7793. [6] ذخيرة العقبى في شرح المجتبى؛ لمحمد بن علي بن آدم بن موسى الأثيوبي 39/ 389، والحديث في صحيح ابن حبان بترتيب ابن بلبان 5/ 105، وقال شعيب الأرناؤوط: إسناده قوي، السنن الكبرى؛ للنسائي 7/ 196، رقم 7791.
المستدرك على الصحيحين 2/ 589 رقم 3988، وصححه ووافقه الذهبي، والمعجم الكبير؛ للطبراني 17/ 311، رقم 861. [7] من 11-12 مستفاد من ذخيرة العقبى في شرح المجتبى؛ لمحمد بن علي بن آدم بن موسى الأثيوبي 39/ 390. [8] المرجع السابق 39/ 389. [9] معجم اللغة العربية المعاصرة؛ د.
أحمد مختار عبدالحميد عمر ومجموعة 1/ 277 مادة (بَيْنا)، رقم 880.



شارك الخبر

ساهم - قرآن ٢