أرشيف المقالات

أفق يا عزيزي المتقاعد من صدمة التقاعد ووهم نهاية المعنى واستقبال العدم

مدة قراءة المادة : دقيقتان .
2أفِقْ يا عزيزي المتقاعد
من صدمة التقاعد ووهم نهاية المعنى واستقبال العدم
 
التقاعُد ليس نهايةً كئيبةً أبدًا؛ إن التقاعُد - في نظر الناجحين - بدايةُ حياةٍ جديدةٍ، وفَصْلٌ قادِمٌ من فصول قصَّةِ سعادةٍ متجدِّدةٍ.
 
لا تَعترفْ باليأس، ولا تقِفْ، ولا تتجمَّدْ، ولا تتقَوْقَعْ في ماضٍ ولَّى، وقيد قد طُوِيَ.
والسِّرُّ في نجاح النقلة لحياة التقاعُد أن يُوقِنَ المتقاعِد يقينًا راسِخًا بأن رصيده من السعادة لم يَنْتَهِ، ولم يَنْضُبْ، بل هو لم يزَل في عزِّه وكماله، وأوْجِه وتمامِه، وكيف لا يكون كذلك وأكثر من ذلك وكَرَمُ الله ولُطفه بعبده قائمٌ مستمرٌّ، ولا يقوى على مَنْعِه أو حَجْبِه أحَدٌ؟! فخزائنه سبحانه مَلْأى، ولا ينقُصُها سؤالُ السائلين إلا كما يأخُذ ذلك المخيطُ الضئيلُ الهزيلُ من البحر العظيم حين يُغْمَسُ فيه!
 
وما أنفاس المتقاعُد المتصاعدة، ونبضات قلبه المتتابعة، إلا دليلٌ تِلْوَ دليلٍ على استمرار حياته؛ دليلٌ يُذكِّره بأنه حيٌّ وموجود، وأن لوجوده حكمةً أوْدَعَها خالقُه، وأن مُهمَّتَه الكُبْرى على هذه الأرض لم تَنْتَهِ بعدُ!
 
وعلى المتقاعد أن يستمرَّ ويواصل رحلةَ اكتشاف قُدْراتِه ومواهبه، وتجديد تعريفه لنفسه.
إن هَدَفَ المتقاعِد في عمله الدؤوب على تجديد تعريفه لذاته وكَيْنُونَتِه بعد تقاعُدِه - هو أن يُعْطِي حياته ووجُودَهُ معنًى جديدًا ومُتجدِّدًا، ودافِعًا قويًّا ومُحفِّزًا، فلا تستقيم حياتُنا في كل مراحلها إلا بوجود معنًى وأملٍ، والعمل على تحقيقه، ولا تحلو الحياة وتصفُو إلا بسُموِّ معناها.
 
وطريق المتقاعد في إيجاد هذا المعنى المتجدد لحياته بعد التقاعد يكمن في استمراره في إعمال قدراته ومواهبه - بأصالة تنطلق من داخله، وبلا تكلف ممل، أو تقليد ثقيل ومنفصم - فيما يناسبه ويستهويه من قنوات العطاء والعمل المتنوع والتي لا تنتهي ولن تنتهي.

شارك الخبر

ساهم - قرآن ١