أرشيف المقالات

شبابنا والسيارات

مدة قراءة المادة : 3 دقائق .
2شبابنا والسيارات
 
لا تكادُ ترى شابًّا اليومَ إلَّا له سيارتُه الخاصَّة من بين السيارات التي يملكها وليُّه، وبعض الشبان اقتنوا سيارات متملكة بعد أن صاروا موظَّفِين، وصار الحصولُ على السيارة في وقتنا هذا أمرًا في غاية السهولة، خاصة أن أولئك الشبان ليست لديهم متطلَّبات حياتية تُجبِرُهم على الموازنة في المصاريف، أو التفكير في الادِّخار!
 
والسيارة اليوم صارت تمثِّل عبئًا اقتصاديًّا على ربِّ الأسرة، سواء كان شِراؤها بالدَّفْع الكامل، أو عن طريق الأقساط الشهرية، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار الوقود، وقِطع الغيار، وغيرها!
 
أضِفْ إلى هذا أن أغلب شبابنا لا يمكن أن يُفكِّر في كل هذا، أو أن يُخصِّصَ السيارة لقضاء حاجاته الضرورية، أو خدمة الأهل إلا فيما ندَر، حتى صارت وسيلة ضياع لدى كثير من الشباب، ولا أقصد بالضياع طَعْنًا في أخلاقهم، أو نيلًا من أشخاصهم؛ لكن الواقع يحكي أن هؤلاء الشبان يتفنَّنُون في قتل الأوقات الثمينة في هذه المرحلة العمريَّة المتَّقِدة التي يملؤها النشاط، والحيوية، والاندفاع، لكنهم أضاعوا أوقاتهم فيما يعرف بـ"الفرة" أو التجمُّع، وخصَّصُوا لذلك أماكنَ معينةً، وأزمنةً محددةً!
 
وبعضُهم صار يقطع المسافات الطويلة مستكشِفًا كلَّ يوم مكانًا جديدًا، وهذا جيد، فيما لو أخذ معه الشابُّ دفترًا صغيرًا، وبدأ يُدوِّن ملحوظاته حول المكان، ثم يتبعها ببعض الوصف، وسيجد مع الأيام أن ثقافته قد تغيَّرَتْ، وأن نظرته للشيء قد تبدَّلَتْ، فذائقة الجمال والنقد قد عَلَتْ، وزاوية الرؤية لديه قد اتَّسَعَتْ، وصار يرى ما لا يراه الآخرون في المكان نفسه، ولذا يقول جون ماكسويل: "عِشْ لتتعلَّم، بعدها ستكتشف أنك تعلَّمْتَ كيف تعيش !"
 
وألحَظ آخرين قد بالَغوا في الصيد، ومطاردة الحيوانات بالذَّهاب بسياراتهم إلى أماكن وعرة وخطرة جدًّا، من أجل التلذُّذ بقتل الحيوانات، غير آبهين بخطورة ذلك على الصحة العامة، أو التوازن البيئي، أو تعرُّضهم للعقوبة أحيانًا!
 
وهي دعوة لشبابنا بأن يجعلوا من السيارة وسيلةً نافعةً في هذه المرحلة العمرية المهمة، وأن يحافظوا عليها من أجلهم، وأن يحفظوا للآخرين حقوقَهم حين التنقُّل بها؛ ليثبتوا للجميع أنهم شبابُنا الحَقُّ الذين نُفاخِر بهم دائمًا، وهم أهْلٌ لذلك.

شارك الخبر

فهرس موضوعات القرآن