Warning: Undefined array key "sirA3lam" in /home/islamarchive/public_html/templates_c/de60317a0aa5dfb9a79b14e903fd786c87183139_0.file.history.tpl.php on line 73
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchive/public_html/templates_c/de60317a0aa5dfb9a79b14e903fd786c87183139_0.file.history.tpl.php on line 73
Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchive/public_html/templates_c/de60317a0aa5dfb9a79b14e903fd786c87183139_0.file.history.tpl.php on line 73
قيل لزيد بن أرقم: " كم غزا النبي صلى الله عليه وسلم من غزوة؟ قال: تسع عشرة.
قيل: كم غزوت أنت معه؟ قال: سبع عشرة.
قيل: فأيهم كانت أول؟ قال: العسيرة، أو العشير.
وقعت غزوة العشيرة قبل وقعة بدر، سلك النبي صلى الله عليه وسلم على نقب بني دينار، ثم على فيفاء الخبار فنزل تحت شجرة ببطحاء ابن أزهر يقال لها: ذات الساق.
فصلى عندها.
.
.
وصنع له عندها طعام فأكل منه وأكل الناس معه.
.
.
واستقي له من ماء به يقال له: المشترب، ثم ارتحل رسول الله صلى الله عليه وسلم فترك الخلائق بيساره وسلك شعبة يقال لها: شعبة عبد الله.
.
.
ثم صب لليسار حتى هبط يليل فنزل بمجتمعه ومجتمع الضبوعة، واستقى من بئر بالضبوعة، ثم سلك الفرش فرش ملل حتى لقي الطريق بصحيرات بصخيرات اليمام، ثم اعتدل به الطريق حتى نزل العشيرة من بطن ينبع فأقام بها جمادى الأولى وليالي من جمادى الآخرة، وادع فيها بني مدلج وحلفاءهم من بني ضمرة ثم رجع إلى المدينة ولم يلق كيدا.
أصبح مشركو مكة بعد هزيمتهم في غزوة بدر، يبحثون عن طريق أخرى لتجارتهم للشام، فأشار بعضهم إلى طريق نجد العراق، وقد سلكوها بالفعل، وخرج منهم تجار، فيهم أبو سفيان بن حرب، وصفوان بن أمية، وحويطب بن عبد العزى، ومعهم فضة وبضائع كثيرة، بما قيمته مائة ألف درهم؛ فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم بواسطة سليط بن النعمان رضي الله عنه، فبعث زيد بن حارثة في مائة راكب لاعتراض القافلة، فلقيها زيد عند ماء يقال له: القردة، وهو ماء من مياه نجد، ففر رجالها مذعورين، وأصاب المسلمون العير وما عليها، وأسروا دليلها فرات بن حيان الذي أسلم بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم، وعادوا إلى المدينة، فخمسها رسول الله صلى الله عليه وسلم ووزع الباقي بين أفراد السرية.
بنو لحيان: هم الذين غدروا بخبيب بن عدي رضي الله عنه وأصحابه يوم الرجيع، ولما كانت ديارهم متوغلة في بلاد الحجاز إلى حدود مكة، ولوجود ثارات بين المسلمين من جهة، وقريش والأعراب من جهة أخرى، رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا يتوغل في البلاد القريبة من العدو الأكبر والرئيسي قريش، فلما تخاذلت الأحزاب، وانكسرت عزائمهم، رأى أن الوقت قد حان لغزو بني لحيان وأخذ الثأر لأصحاب الرجيع؛ فخرج إليهم الرسول صلى الله عليه وسلم طالبا بدماء أصحابه في مائتين من أصحابه، ومعهم عشرون فرسا، واستخلف على المدينة عبد الله بن أم مكتوم رضي الله عنه، وأظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه يريد الشام ليصيب بني لحيان غرة، ثم أسرع السير حتى انتهى إلى وادي غران بين أمج -موضع بين مكة والمدينة- وعسفان -قرية بين مكة والمدينة-، وهي منازل بني لحيان، وفيها كان مصاب أصحابه، فترحم عليهم ودعا لهم.
وسمعت به بنو لحيان، فهربوا واحتموا في رؤوس الجبال؛ فلم يقدر رسول الله صلى الله عليه وسلم على أحد منهم؛ فأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بأرضهم يوما أو يومين، وبعث السرايا في كل ناحية فلم يقدروا على أحد.
ثم سار رسول الله صلى الله عليه وسلم بأصحابه إلى عسفان لتسمع به قريش فيداخلهم الرعب، وليريهم من نفسه قوة؛ فبعث أبا بكر الصديق رضي الله عنه في عشرة فوارس إلى كراع الغميم -موضع بين مكة والمدينة-، ثم رجع أبو بكر الصديق رضي الله عنه ولم يلق أحدا.
بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة رضي الله عنه في سرية في سبعين ومئة راكب إلى العيص -اسم موضع قرب المدينة على ساحل البحر- بهدف اعتراض عير لقريش أقبلت من الشام بقيادة أبي العاص بن الربيع، فأدركوها، فأخذوها وما فيها، وأخذوا يومئذ فضة كثيرة لصفوان بن أمية، وأسروا ناسا ممن كان في العير، منهم: أبو العاص بن الربيع، وقدموا بهم إلى المدينة.
وكان أبو العاص من رجال مكة المعدودين تجارة ومالا وأمانة، وهو زوج زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأمه هالة بنت خويلد أخت خديجة رضي الله عنها.
فأتى أبو العاص زينب رضي الله عنها في الليل، وكانت زينب هاجرت قبله وتركته على شركه فاستجار بها فأجارته، وأجاز رسول الله صلى الله عليه وسلم جوارها.
بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية في ثلاثة آلاف مقاتل على الجيش زيد بن حارثة، فإن أصيب فجعفر بن أبي طالب، فإن أصيب فعبد الله بن رواحة، وشيعهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وودعهم، ثم انصرف ونهضوا، فلما بلغوا معان من أرض الشام، أتاهم الخبر: أن هرقل ملك الروم قد نزل أرض بني مآب، -أرض البلقاء- في مائة ألف من الروم، ومائة ألف أخرى من نصارى أهل الشام، فأقام المسلمون في معان ليلتين، يتشاورون في أمر اللقاء بعدوهم البالغ مائتي ألف فقالوا: نكتب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم نخبره بعدد عدونا، فيأمرنا بأمره أو يمدنا.
فقال عبد الله بن رواحة: يا قوم، إن الذي تكرهون للتي خرجتم تطلبون -يعني الشهادة- وما نقاتل الناس بعدد ولا قوة، وما نقاتلهم إلا بهذا الذي أكرمنا الله به، فانطلقوا فهي إحدى الحسنيين: إما ظهور، وإما شهادة.
فوافقه الجيش على هذا الرأي ونهضوا، حتى إذا كانوا بتخوم البلقاء لقوا بعض الجموع التي مع هرقل بالقرب من قرية يقال لها: مؤتة.
فاقتتلوا، فقتل زيد بن حارثة، فأخذ الراية جعفر بن أبي طالب، فقاتل حتى قطعت يمينه، فأخذ الراية بيسراه فقطعت، فاحتضنها فقتل كذلك، فأخذ عبد الله بن رواحة الراية، وتردد عن النزول بعض التردد، ثم صمم، فقاتل حتى قتل، فأخذ الراية ثابت بن أقرم، وقال: يا معشر المسلمين، اصطلحوا على رجل منكم.
فقالوا: أنت.
قال: لا.
فاصطلح الناس على خالد بن الوليد، فلما أخذ الراية دافع القوم وحاشى بهم، ثم انحاز وانحيز عنه، حتى انصرف بالناس، فتمكن من الانسحاب بمن معه من المسلمين، قال خالد بن الوليد: لقد انقطعت في يدي يوم مؤتة تسعة أسياف فما بقي في يدي إلا صفيحة يمانية».
وهذا يقتضي أنهم أثخنوا فيهم قتلا، ولو لم يكن كذلك لما قدروا على التخلص منهم، ولهذا السبب ولغيره ذهب بعض المحققين إلى أن المسلمين قد انتصروا في هذه المعركة ولم يهزموا.
عن أنس رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم، نعى زيدا، وجعفرا، وابن رواحة للناس، قبل أن يأتيهم خبرهم، فقال: «أخذ الراية زيد فأصيب، ثم أخذ جعفر فأصيب، ثم أخذ ابن رواحة فأصيب، وعيناه تذرفان حتى أخذ سيف من سيوف الله حتى فتح الله عليهم».
وقعت معركة "مرج الصفر" بين الروم بقيادة ماهان، والمسلمين بقيادة خالد بن سعيد، وذلك في بدايات فتح المسلمين لبلاد الشام، حيث أخذ خالد طريقه لمرج الصفر للهجوم على الروم مما أدى بقائدهم ماهان إلى أن ينحدر بجيشه حتى يستدرج جيوش المسلمين التي اتجهت إلى الجنوب ووصلت إلى مرج الصفر شرق بحيرة طبرية، واغتنم الروم على المسلمين الفرصة وأوقعوا بهم الهزيمة، وصادف ماهان سعيد بن خالد بن سعيد في كتيبة من العسكر فقتلهم وقتل سعيدا في مقدمتهم، وبلغ خالدا مقتل ابنه، ورأى نفسه قد أحيط به فخرج هاربا في كتيبة من أصحابه على ظهور الخيل والإبل، وقد نجح عكرمة بن أبي جهل في سحب بقية الجيش إلى حدود الشام، وانتهت المعركة بانتصار الروم.
لما افتتح سعد بن أبي وقاص المدائن بلغه أن أهل الموصل قد اجتمعوا بتكريت على رجل يقال له: الأنطاق, فكتب إلى عمر بن الخطاب بأمر جلولاء، واجتماع الفرس بها, وبأمر أهل الموصل, فكتب عمر في قضية أهل الموصل أن يعين جيشا لحربهم, ويؤمر عليه عبد الله بن المعتم, ففصل عبد الله بن المعتم في خمسة آلاف من المدائن, فسار في أربع حتى نزل بتكريت على الأنطاق، وقد اجتمع إليه جماعة من الروم, ومن نصارى العرب, من إياد, وتغلب, والنمر, وقد أحدقوا بتكريت, فحاصرهم عبد الله بن المعتم أربعين يوما, وزاحفوه في هذه المدة أربعة وعشرين مرة, ما من مرة إلا وينتصر عليهم, وراسل عبد الله بن المعتم من هنالك من الأعراب, فدعاهم إلى الدخول معه في النصرة, وفل جموعهم, فضعف جانبهم, وعزمت الروم على الذهاب في السفن بأموالهم إلى أهل البلد, فجاءت القصاد إليه عنهم بالإجابة إلى ذلك, فأرسل إليهم: إن كنتم صادقين فيما قلتم فاشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله, وأقروا بما جاء من عند الله.
فرجعت القصاد إليه بأنهم قد أسلموا, فبعث إليهم: إن كنتم صادقين، فإذا كبرنا وحملنا على البلد الليلة فأمسكوا علينا أبواب السفن, وامنعوهم أن يركبوا فيها, واقتلوا منهم من قدرتم على قتله, ثم شد عبد الله وأصحابه, وكبروا تكبيرة رجل واحد, وحملوا على البلد, فكبرت الأعراب من الناحية الأخرى, فحار أهل البلد, وأخذوا في الخروج من الأبواب التي تلي دجلة, فتلقتهم إياد والنمر وتغلب, فقتلوهم قتلا ذريعا, وجاء عبد الله بن المعتم بأصحابه من الأبواب الأخر, فقتل جميع أهل البلد عن بكرة أبيهم ولم يسلم إلا من أسلم من الأعراب من إياد وتغلب والنمر, وقد كان عمر عهد في كتابه إذا نصروا على تكريت أن يبعثوا ربعي بن الأفكل إلى الحصنين، وهي الموصل سريعا, فسار إليها كما أمر عمر، ومعه سرية كثيرة وجماعة من الأبطال, فسار إليها حتى فاجأها قبل وصول الأخبار إليها, فأجابوا إلى الصلح, فضربت عليهم الذمة عن يد وهم صاغرون, ثم قسمت الأموال التي تحصلت من تكريت, فبلغ سهم الفارس ثلاثة آلاف، وسهم الراجل ألف درهم، وبعثوا بالأخماس مع فرات بن حيان, وبالفتح مع الحارث بن حسان, وولي إمرة حرب الموصل ربعي بن الأفكل وولي الخراج بها عرفجة بن هرثمة.
بعد وقعة الزابوقة بين الزبير وطلحة مع من أرسلهم عثمان بن حنيف من أهل البصرة بقيادة حكيم بن جبلة سار علي من المدينة، وبعث ابنه الحسن، وعمار بن ياسر إلى الكوفة بين يديه يستنفران الناس، فخرج من الكوفة ستة آلاف، قدموا على علي بذي قار، فسار في نحو عشرة آلاف، ثم إنه وصل إلى البصرة، فالتقى هو وجيش طلحة والزبير، فاصطف الفريقان وليس لطلحة ولا لعلي رأسي الفريقين قصد في القتال؛ بل ليتكلموا في اجتماع الكلمة، أرسل علي المقداد بن الأسود والقعقاع بن عمر ليتكلما مع طلحة والزبير، واتفقوا على عدم القتال، فطلحة والزبير ومعهما عائشة أم المؤمنين يرون أنه لا يجوز ترك قتلة عثمان، وكان علي يرى أنه ليس من المصلحة تتبع قتلة عثمان الآن؛ بل حتى تستتب الأمور، فقتل قتلة عثمان متفق عليه من الطرفين، والاختلاف إنما هو في متى يكون تنفيذه، وبعد الاتفاق نام الجيشان بخير ليلة، وبات قتلة عثمان بشر ليلة حتى قرروا أن ينشبوا القتال بين الفريقين, فحمل القتلة على عسكر طلحة والزبير، فظن طلحة والزبير أن عليا حمل عليهم، فحملوا دفعا عن أنفسهم، فظن علي أنهم حملوا عليه، فحمل دفعا عن نفسه، فوقعت الفتنة بغير اختيارهم، وحاول قادة الجيشين وقف القتال لكن لم يفلحوا، فكان طلحة يقول: يا أيها الناس أنصتوا.
وهم لا ينصتون، فقال: أف أف فراش نار, وذبان طمع.
وعلي يحاول يمنعهم ولا يردون عليه, وعائشة راكبة جملها: لا قاتلت، ولا أمرت بالقتال, وقد أرسلت كعب بن سور بمصحف منشور بيده يناشد الناس أن لا يريقوا دماءهم، فأصابه سهم غرب فقتله، فترامى أوباش الطائفتين بالنبل، وشبت نار الحرب، وثارت النفوس، فالتحموا واشتد القتال أمام الجمل الذي عليه عائشة رضي الله عنها حتى عقر الجمل، وقتل طلحة والزبير، وحملت عائشة بهودجها إلى دار عبد الله بن خلف، ثم سيرها علي إلى مكة في صحبة من النساء، ثم ولي على البصرة عبد الله بن عباس بعد أيام من وقعة الجمل.
وكان سببها الأصلي هو المطالبة بقتل قتلة عثمان، وإقامة الحد عليهم، ولم يكن القتال أصلا في بال أحد من الفريقين، ولكن قدر الله وما شاء فعل، ومعلوم أن طلحة والزبير وعليا ممن شهد لهم النبي صلى الله عليه وسلم بالجنة، فرضي الله عنهم جميعا وأرضاهم.
أبو محمد طلحة بن عبيد الله بن عثمان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي، أمه: الصعبة بنت الحضرمي، أخت العلاء، أسلمت وأسلم طلحة قديما، هو أحد العشرة المبشرين بالجنة، من السابقين الأولين إلى الإسلام، دعاه أبو بكر الصديق إلى الإسلام، آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين طلحة وبين أبي أيوب الأنصاري، أبلى يوم أحد بلاءا عظيما، ووقى رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه فاتقى طلحة بيده عن وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم فأصاب خنصره فشلت، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (أوجب طلحة).
وفيه قال النبي صلى الله عليه وسلم: (هذا ممن قضى نحبه).
وقال أيضا: (من سره أن ينظر إلى رجل يمشي على الأرض قد قضى نحبه فلينظر إلى طلحة).
قتل يوم الجمل فلما وجده علي بعد المعركة في القتلى أجلسه ومسح التراب عن وجهه وقال: عزيز علي أن أراك مجدلا تحت نجوم السماء أبا محمد.
ثم بكى علي وقال: وددت أني مت قبل هذا بعشرين سنة.
هو أبو عبد الله الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب، أحد العشرة المبشرين بالجنة، أمه صفية بنت عبد المطلب عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان من أوائل الذين أسلموا، هاجر الهجرتين إلى الحبشة وإلى المدينة، آخى النبي صلى الله عليه وسلم بينه وبين سلمة بن سلامة بن وقش، قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: (إن لكل نبي حواريا، وحواري الزبير بن العوام).
أول من سل سيفا في سبيل الله عز وجل، شهد بدرا معتجرا بعمامة صفراء فنزلت الملائكة على سيماه، اشتهر الزبير ببسالته في القتال وشدته وإقدامه حتى كأنه جيش لوحده، ولم يتخلف عن غزاة غزاها رسول الله صلى الله عليه وسلم, وقد قتل رحمه الله وهو ابن سبع وستين، وقيل: ست وستين.
هو أحد الفقهاء السبعة في المدينة (ومنهم من يعد بدله سالم بن عبد الله بن عمر)، سيد التابعين، جمع بين الحديث والفقه والورع والزهد، روى مراسيل عن النبي صلى الله عليه وسلم كثيرة، كان الحسن البصري إذا أشكل عليه شيء كتب إليه يسأله، كان يحفظ أحكام عمر بن الخطاب وأقضيته، كان مهيبا عند الخلفاء، تعرض للأذى بسبب البيعة بولاية العهد للوليد بن عبد الملك، وضرب بسبب ذلك بالسياط، وتوفي في المدينة رحمه الله تعالى وجزاه عن المسلمين خيرا.
قام هشام بن عبد الملك بعزل خالد بن عبد الله القسري البجلي وولى بدلا منه يوسف بن عمر الثقفي، وقد اختلفت الروايات بشأن سبب عزله.
هو عبد الرحمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك بن مروان، صاحب الأندلس، سمي بالداخل؛ لأنه استطاع أن يهرب من العباسيين رغم كل المحاولات للإمساك به، واستطاع أن يدخل الأندلس، وأن يكون فيها دولة قويت يوما بعد يوم، وقيل: كان عمره حينئذ عشرين سنة، وأما موته فكان بقرطبة، وصلى عليه ابنه عبد الله، وكان عهد إلى ابنه هشام، وكان هشام بمدينة ماردة واليا عليها، وكان ابنه سليمان بن عبد الرحمن، وهو الأكبر، بطليطلة واليا عليها، فلم يحضرا موت أبيهم، وحضره عبد الله المعروف بالبلنسي، وأخذ البيعة لأخيه هشام، وكتب إليه بنعي أبيه ويهنئه بالإمارة، فسار هشام إلى قرطبة.
وكانت دولة عبد الرحمن ثلاثا وثلاثين سنة وأشهر.
سار المأمون بنفسه لغزو الروم؛ لأنه ربما شعر أن الناس قد ركنت للرفاهية وضعفت عندهم روح الجهاد، كما أن الفرقة بدأت تعصف بينهم بريحها المنتنة؛ مما شجع كثيرا من المتمردين على الخروج، فسار من بغداد على طريق الموصل، حتى صار إلى منبج، ثم إلى دابق، ثم إلى أنطاكية، ثم إلى المصيصة وطرسوس، ودخل منها إلى بلاد الروم، ودخل ابنه العباس من ملطية، فأقام المأمون على حصن قرة حتى افتتحه عنوة، وهدمه، وقيل: إن أهله طلبوا الأمان فأمنهم المأمون، وفتح قبله حصن ماجدة بالأمان، ووجه أشناس إلى حصن سندس، فأتاه برئيسه، ووجه عجيفا وجعفرا الخياط إلى صاحب حصن سناذ، فسمع وأطاع، ثم قفل راجعا إلى دمشق.
عاد المأمون إلى بلاد الروم في هذه السنة بعد أن كان سار إليهم أول السنة الماضية، وسبب ذلك أنه بلغه أن ملك الروم قتل ألفا وستمائة من أهل طرسوس والمصيصة، فسار حتى دخل أرض الروم، وقيل كان سبب دخوله إليها أن ملك الروم كتب إليه وبدأ بنفسه، فسار إليه، ولم يقرأ كتابه، فلما دخل أرض الروم أناخ على أنطيغو، فخرجوا على صلح، ثم سار إلى هرقلة، فخرج أهلها على صلح، ووجه أخاه أبا إسحاق المعتصم، فافتتح ثلاثين حصنا ومطمورة، ووجه يحيى بن أكثم من طوانة، فأغار وقتل وأحرق، فأصاب سبيا ورجع؛ ثم سار المأمون إلى كيسوم، فأقام بها يومين، ثم ارتحل إلى دمشق.
انتفض الوجه البحري بمصر بزعامة عبدوس الفهري وانضم الأقباط إليهم، وحشدوا وجمعوا فكثر عددهم وساروا نحو الديار المصرية، فتجهز عيسى بن منصور وجمع العساكر والجند لقتالهم، فضعف عن لقائهم وتقهقر بمن معه، فدخلت الأقباط وأهل الغربية مصر، وأخرجوا منها عيسى هذا على أقبح وجه؛ لسوء سيرته، وخرج معه أيضا متولي خراج مصر وخلعوا الطاعة، فقدم الأفشين حيدر بن كاوس من برقة وتهيأ لقتال القوم، وانضم إليه عيسى بن منصور ومن انضاف إليه، وتجمعوا وتجهزوا لقتال القوم وواقعوهم فظفروا بهم بعد أمور وحروب، وأسروا وقتلوا وسبوا، ثم مضى الأفشين إلى الحوف وقاتلهم أيضا لما بلغه عنهم، وبدد جمعهم وأسر منهم جماعة كبيرة بعد أن بضع فيهم وأبدع، ودامت الحروب في السنة المستمرة بمصر في كل قليل إلى أن قدمها أمير المؤمنين عبد الله المأمون لخمس خلون من المحرم سنة سبع عشرة ومائتين، فسخط على عيسى بن منصور وحل لواءه وعزله ونسب له كل ما وقع بمصر ولعماله؛ ثم جهز العساكر لقتال أهل الفساد، وأحضر بين يديه عبدوس الفهري فضربت عنقه ثم سار عسكره لقتال أسفل الأرض أهل الغربية والحوف، وأوقعوا بهم وسبوا القبط وقتلوا مقاتلتهم وأبادوهم، وقمعوا أهل الفساد من سائر أراضي مصر بعد أن قتلوا منهم مقتلة عظيمة، ثم رحل الخليفة المأمون من مصر.
كان المأمون استعمل علي بن هشام على أذربيجان وغيرها، فبلغه ظلمه، وأخذه الأموال، وقتله الرجال، فوجه إليه عجيف بن عنبسة، فثار به علي بن هشام، وأراد قتله واللحاق ببابك، فظفر به عجيف، وقدم به على المأمون، فقتله وقتل أخاه حبيبا، وطيف برأس علي في العراق وخراسان، والشام ومصر، ثم ألقي في البحر.
وجه المأمون ابنه العباس إلى أرض الروم وأمره بنزول الطوانة وبنائها، وكان قد وجه الفعلة والفروض، فابتدأ البناء وبناها ميلا في ميل، وجعل سورها على ثلاثة فراسخ، وجعل لها أربعة أبواب، وبنى على كل باب حصنا.
بعد وفاة أمير صقلية العباس بن الفضل، ولى الناس عليهم ابنه عبد الله بن العباس، وكتبوا إلى أمير بإفريقية بذلك، وأخرج عبد الله السرايا ففتح قلاعا متعددة منها: جبل أبي مالك، وقلعة الأرمنين، وقلعة المشارعة، فبقي كذلك خمسة أشهر، ووصل من إفريقية خفاجة بن سفيان أميرا على صقلية، فأول سرية أخرجها سرية فيها ولده محمود، فقصد سرقوسة فغنم، فخرج إليه أهلها فقاتلهم حتى ظفر بهم.
وعاد فاستأمن إليه أهل رغوس.
هو أبو عبدالله محمد بن أحمد بن الأغلب، صاحب إفريقية، المعروف بأبي الغرانيق؛ بسبب اهتمامه بصيد طيور الغرانيق، ولد عام 237هـ، وكانت ولايته عشر سنين وخمسة أشهر وستة عشر يوما من 250ه إلى 261هـ، كان عهده هادئا زاهرا, تم في عهده تشييد سلسلة من الحصون والمحارس الساحلية، غير أن الأغالبة منوا بهزائم في عهده بجزيرة صقلية, وكانت إفريقية في عهد أبي الغرانيق مزدهرة تعيش نهضة كاملة، وكانت خزائن الأمير عامرة، وقد كان أبو الغرانيق عادلا طيبا نحو رعاياه, فكان غاية في الجود، مسرفا في العطاء، حسن السيرة في الرعية، رفيقا بهم، غير أنه عاش حياة عبث ولهو, ولما حضره الموت عقد لابنه عقال العهد، واستخلف أخاه إبراهيم لئلا ينازعه، وأشهد عليه آل الأغلب ومشايخ القيروان، وأمره أن يتولى الأمر إلى أن يكبر ولده.