Warning: Undefined array key "sirA3lam" in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f704007db74beca75b87a603e53b9db7fc676f54_0.file.history.tpl.php on line 73

Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f704007db74beca75b87a603e53b9db7fc676f54_0.file.history.tpl.php on line 73

Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f704007db74beca75b87a603e53b9db7fc676f54_0.file.history.tpl.php on line 73


لما ملك ألب أرسلان عصى عليه أمير ختلان بقلعته، ومنع الخراج، فقصده السلطان، فرأى الحصن منيعا على شاهق، فأقام عليه وقاتله، فلم يصل منه إلى مراده، ففي بعض الأيام باشر ألب أرسلان القتال بنفسه، وترجل، وصعد في الجبل، فتبعه الخلق، وتقدموا عليه في الموقف، وألحوا في الزحف والقتال، وكان صاحب القلعة على شرفة من سورها يحرض الناس على القتال، فأتته نشابة من العسكر فقتلته، وتسلم ألب أرسلان القلعة وصارت في جملة ممالكه، وكان عمه فخر الملك بيغو بن ميكائيل في هراة، فعصى أيضا عليه، وطمع في الملك لنفسه، فسار إليه ألب أرسلان في العساكر العظيمة، فحصره وضيق عليه، وأدام القتال ليلا ونهارا، فتسلم المدينة، وخرج عمه إليه، فأبقى عليه وأكرمه وأحسن صحبته، وسار من هناك إلى صغانيان، وأميرها اسمه موسى، وكان قد عصى عليه، فلما قاربه ألب أرسلان صعد موسى إلى قلعة على رأس جبل شاهق، ومعه من الرجال الكماة جماعة كثيرة، فوصل السلطان إليه، وباشر الحرب لوقته، فلم ينتصف النهار حتى صعد العسكر الجبل، وملكوا القلعة قهرا، وأخذ موسى أسيرا، فأمر بقتله، فبذل في نفسه أموالا كثيرة، فقال السلطان: ليس هذا أوان تجارة.

واستولى على تلك الولاية بأسرها، وعاد إلى مرو، ثم منها إلى نيسابور.


سار السلطان ألب أرسلان من الري إلى أذربيجان، فوصل إلى مرند عازما على قتال الروم وغزوهم، فلما فرغ من جمع العساكر والسفن سار إلى بلاد الكرج، وجعل مكانه في عسكره ولده ملكشاه، ونظام الملك وزيره، فسار ملكشاه ونظام الملك إلى قلعة فيها جمع كثير من الروم، فنزل أهلها منها، وتخطفوا من العسكر، وقتلوا منهم فئة كثيرة، فنزل نظام الملك وملكشاه، وقاتلوا من بالقلعة، وزحفوا إليهم، فقتل أمير القلعة وملكها المسلمون، وساروا منها إلى قلعة سرماري، وهي قلعة فيها من المياه الجارية والبساتين، فقاتلوها وملكوها، وأنزلوا منها أهلها، وكان بالقرب منها قلعة أخرى، ففتحها ملكشاه، وأراد تخريبها، فنهاه نظام الملك عن ذلك، وقال: هي ثغر للمسلمين، وشحنها بالرجال والذخائر والأموال والسلاح، وسلم هذه القلاع إلى أمير نقجوان، وسار ملكشاه ونظام الملك إلى مدينة مريم نشين، وهي مدينة حصينة، سورها من الأحجار الكبار الصلبة، المشدودة بالرصاص والحديد، وعندها نهر كبير، فأعد نظام الملك لقتالها ما يحتاج إليه من السفن وغيرها، وقاتلها، فضجر الكفار، وأخذهم الإعياء والكلال، فوصل المسلمون إلى سورها، ونصبوا عليه السلاليم، وصعدوا إلى أعلاه، فلما رأى أهلها المسلمين على السور فت ذلك في أعضادهم، وسقط في أيديهم، ودخل ملكشاه البلد، ونظام الملك، وأحرقوا البيع، وخربوها، وقتلوا كثيرا من أهلها، وأسلم كثير فنجوا من القتل، واستدعى ألب أرسلان إليه ابنه، ونظام الملك، وفرح بما يسره الله من الفتح على يد ولده.

وفتح ملكشاه في طريقه عدة من القلاع والحصون، وأسر من النصارى ما لا يحصون كثرة.

وساروا إلى سبيذ شهر، فجرى بين أهلها وبين المسلمين حروب شديدة استشهد فيها كثير من المسلمين، ثم إن الله تعالى يسر فتحها فملكها ألب أرسلان، وسار منها إلى مدينة أعآل لآل، وهي حصينة، عالية الأسوار، شاهقة البنيان، وهي من جهة الشرق والغرب على جبل عال، وعلى الجبل عدة من الحصون، ومن الجانبين الآخرين نهر كبير لا يخاض، فلما رآها المسلمون علموا عجزهم عن فتحها والاستيلاء عليها، وكان ملكها من الكرج، وعقد السلطان جسرا على النهر عريضا، واشتد القتال، وعظم الخطب، فخرج من المدينة رجلان يستغيثان، ويطلبان الأمان، والتمسا من السلطان أن يرسل معهما طائفة من العسكر، فسير جمعا صالحا، فلما جاوزوا الفصيل أحاط بهم الكرج من أهل المدينة وقاتلوهم فأكثروا القتل فيهم، ولم يتمكن المسلمون من الهزيمة لضيق المسلك، وخرج الكرج من البلد وقصدوا العسكر، واشتد القتال، وكبر المسلمون عليهم، فولوا منهزمين، فدخلوا البلد والمسلمون معهم، ودخلها السلطان وملكها، واعتصم جماعة من أهلها في برج من أبراج المدينة، فقاتلهم المسلمون، فأمر السلطان بإلقاء الحطب حول البرج وإحراقه، ففعل ذلك، وأحرق البرج ومن فيه، وعاد السلطان إلى خيامه، وغنم المسلمون من المدينة ما لا يحد ولا يحصى، ولما جن الليل عصفت ريح شديدة، وكان قد بقي من تلك النار التي أحرق بها البرج بقية كثيرة، فأطارتها الريح، فاحترقت المدينة بأسرها، وذلك في رجب، وملك السلطان قلعة حصينة كانت إلى جانب تلك المدينة، وأخذها، وسار منها إلى ناحية قرس، ومدينة آني وبالقرب منها ناحيتان يقال لهما: سيل ورده، ونورة، فخرج أهلهما مذعنين بالإسلام، وخربوا البيع، وبنوا المساجد، وسار منها إلى مدينة آني فوصل إليها فرآها مدينة حصينة، شديدة الامتناع، لا ترام، ثلاثة أرباعها على نهر أرس، والربع الآخر نهر عميق شديد الجرية، لو طرحت فيه الحجارة الكبار لدحاها وحملها، والطريق إليها على خندق عليه سور من الحجارة الصم، فحصرها وضيق عليها، إلا أن المسلمين قد أيسوا من فتحها لما رأوا من حصانتها، فعمل السلطان برجا من خشب، وشحنه بالمقاتلة، ورماه بالنشاب، ونصب عليه المنجنيق، فكشفوا الروم عن السور، وتقدم المسلمون إليه لينقبوه، فأتاهم من لطف الله ما لم يكن في حسابهم، فانهدمت قطعة كبيرة من السور بغير سبب، فدخلوا المدينة وقتلوا من أهلها ما لا يحصى بحيث إن كثيرا من المسلمين عجزوا عن دخول البلد من كثرة القتلى، وأسروا نحوا مما قتلوا، وسارت البشرى بهذه الفتوح في البلاد، فسر المسلمون، وقرئ كتاب الفتح ببغداد في دار الخلافة، ورتب فيها السلطان أميرا في عسكر جرار، وعاد عنها، وقد راسله ملك الكرج في الهدنة، فصالحه على أداء الجزية كل سنة، فقبل ذلك.


قام جيوم دي مونري النورماندي بقيادة حملة بحرية نزلت بساحل قطلونية ثم سارت إلى الشرق حتى وصلت إلى مدينة ببشتر وكانت من أعمال يوسف بن سليمان بن هود فحاصروها حتى استسلمت فدخلها وأمعن جنده في أهلها قتلا ونهبا وسبيا، ولم يبادر أحد من أمراء الطوائف بنجدته، ثم غادر النورمانديون المدينة بعد أن تركوا فيها حامية من خمسة آلاف رجل، حتى قام في السنة التالية أحمد بن سليمان بن هود باستنهاض همم المسلمين وخلص المدينة من الحامية وتلقب بعدها بالمقتدر بالله.


سمع ألب أرسلان أن شهاب الدولة قتلمش السلجوقي، قد عصى عليه، وجمع جموعا كثيرة، وقصد الري ليستولي عليها، فجهز ألب أرسلان جيشا عظيما وسيرهم على المفازة إلى الري، فسبقوا قتلمش إليها، وسار ألب أرسلان من نيسابور أول المحرم من هذه السنة، فلما وصل إلى دامغان أرسل إلى قتلمش ينكر عليه فعله، وينهاه عن ارتكاب هذا الحال، ويأمره بتركها، فإنه يرعى له القرابة والرحم، فأجاب قتلمش جواب مغتر بمن معه من الجموع، ونهب قرى الري، وأجرى الماء على وادي الملح، وهي سبخة، فتعذر سلوكها، وقرب السلطان من قتلمش، فلبس الملك السلاح، وعبأ الكتائب، واصطف العسكران فقصد قتلمش المحاجزة، وجعل السبخة بينه وبين ألب أرسلان ليمتنع من اللقاء, فسلك ألب أرسلان طريقا في الماء، وخاض غمرته، وتبعه العسكر، فطلع منه سالما هو وعسكره، فصاروا مع قتلمش واقتتلوا، فلم يثبت عسكر قتلمش لعسكر السلطان، وانهزموا لساعتهم، ومضى منهزما إلى قلعة كردكوه، وهي من جملة حصونه ومعاقله، وكثر القتل والأسر في عسكره، وأراد السلطان قتل الأسرى، فشفع فيهم نظام الملك فعفا عنهم وأطلقهم، ولما سكن الغبار، ونزل العسكر، وجد قتلمش ميتا ملقى على الأرض لا يدرى كيف كان موته، قيل: إنه مات من الخوف، والله أعلم، فبكى السلطان لموته، وقعد لعزائه، وعظم عليه فقده، فسلاه نظام الملك، ودخل ألب أرسلان إلى مدينة الري آخر المحرم من السنة.


هو الإمام الأوحد، البحر، ذو الفنون والمعارف، العلامة أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم بن غالب بن صالح بن خلف بن معد بن سفيان بن يزيد (مولى يزيد بن أبي سفيان) الأموي الفقيه الحافظ، المتكلم، الأديب، الوزير، الظاهري، صاحب التصانيف.

أصل جده يزيد من فارس، وهو أول من أسلم من أجداده، وجده خلف أول من دخل بلاد المغرب من آبائه زمن عبدالرحمن الداخل، وكانت بلدهم قرطبة، وولد ابن حزم بها في رمضان، سنة 384هـ، وكان والده من كبراء أهل قرطبة؛ عمل في الوزارة للدولة العامرية، فنشأ ابن حزم في تنعم ورفاهية، ورزق ذكاء مفرطا، وذهنا سيالا.

فقرأ القرآن واشتغل بالعلوم النافعة الشرعية، وبرز فيها وفاق أهل زمانه.

كان حافظا عالما بعلوم الحديث وفقهه، مستنبطا للأحكام من الكتاب والسنة بعد أن كان شافعي المذهب، انتقل إلى مذهب أهل الظاهر، وكان متفننا في علوم جمة، عاملا بعلمه، زاهدا في الدنيا بعد الرياسة التي كانت له ولأبيه من قبله في الوزارة وتدبير الممالك، متواضعا ذا فضائل جمة.

قال الذهبي: "كان قد مهر أولا في الأدب والأخبار والشعر، وفي المنطق وأجزاء الفلسفة، فأثرت فيه تأثيرا ليته سلم من ذلك، ولقد وقفت له على تأليف يحض فيه على الاعتناء بالمنطق، ويقدمه على العلوم، فتألمت له، فإنه رأس في علوم الإسلام، متبحر في النقل، عديم النظير على يبس فيه، وفرط ظاهرية في الفروع لا الأصول".

وله تصانيف وكتب مشهورة كثيرة أهمها ((المحلى))، و((الفصل في الملل والنحل)).

 ويقال: إنه صنف أربعمائة مجلد في قريب من ثمانين ألف ورقة.

وكان أديبا طبيبا شاعرا فصيحا، له في الطب والمنطق كتب، كان مصاحبا للشيخ أبي عمر بن عبد البر النمري، ومناوئا للشيخ أبي الوليد سليمان بن خلف الباجي، وقد جرت بينهما مناظرات كثيرة، وكان ابن حزم كثير الوقيعة في العلماء بلسانه وقلمه لا يكاد يسلم أحد من لسانه من العلماء المتقدمين والمتأخرين، حتى قيل: "كان لسان ابن حزم وسيف الحجاج بن يوسف شقيقين, لكثرة وقوعه في الأئمة" فنفرت عنه القلوب،، فتمالأ العلماء على بغضه وردوا قوله واجمعوا على تضليله وشنعوا عليه, وحذروا السلاطين من فتنته, ونهوا عوامهم عن الدنو إليه والأخذ منه, فأورثه ذلك حقدا في قلوب أهل زمانه، وما زالوا به حتى بغضوه إلى ملوكهم، فطردوه عن بلاده حتى تشرد في البادية ومع ذلك لم يرجع عن أقواله وأفعاله.

كان ظاهريا لا يقول بشيء من القياس لا الجلي ولا غيره، وهذا الذي وضعه عند العلماء، وأدخل عليه خطأ كبيرا في نظره وتصرفه وكان مع هذا من أشد الناس تأويلا في باب الأصول، وآيات الصفات وأحاديث الصفات، لأنه كان أولا قد تضلع من علم المنطق، أخذه عن محمد بن الحسن المذحجي الكناني القرطبي، ففسد بذلك حاله في باب الصفات، قال الذهبي: "قيل: إنه تفقه أولا للشافعي، ثم أداه اجتهاده إلى القول بنفي القياس كله جليه وخفيه، والأخذ بظاهر النص وعموم الكتاب والحديث، والقول بالبراءة الأصلية، واستصحاب الحال، وصنف في ذلك كتبا كثيرة، وناظر عليه، وبسط لسانه وقلمه، ولم يتأدب مع الأئمة في الخطاب، بل فجج العبارة، وسب وجدع، فكان جزاؤه من جنس فعله، بحيث إنه أعرض عن تصانيفه جماعة من الأئمة، وهجروها، ونفروا منها، وأحرقت في وقت، واعتنى بها آخرون من العلماء، وفتشوها انتقادا واستفادة، وأخذا ومؤاخذة، ورأوا فيها الدر الثمين ممزوجا في الرصف بالخرز المهين، فتارة يطربون، ومرة يعجبون، ومن تفرده يهزؤون.

وفي الجملة فالكمال عزيز، وكل أحد يؤخذ من قوله ويترك، إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم, وكان ينهض بعلوم جمة، ويجيد النقل، ويحسن النظم والنثر.

وفيه دين وخير، ومقاصده جميلة، ومصنفاته مفيدة، وقد زهد في الرئاسة، ولزم منزله مكبا على العلم، فلا نغلو فيه، ولا نجفو عنه، وقد أثنى عليه قبلنا الكبار.

قال أبو حامد الغزالي: "وجدت في أسماء الله تعالى كتابا ألفه ابن حزم يدل على عظم حفظه وسيلان ذهنه".

وقال الإمام أبو القاسم صاعد بن أحمد: "كان ابن حزم أجمع أهل الأندلس قاطبة لعلوم الإسلام، وأوسعهم معرفة مع توسعه في علم اللسان، ووفور حظه من البلاغة والشعر، والمعرفة بالسير والأخبار".

قال الحافظ أبو عبد الله محمد بن فتوح الحميدي: "ما رأينا مثله فيما اجتمع له من الذكاء وسرعة الحفظ وكرم النفس والتدين، وما رأيت من يقول الشعر على البديهة أسرع منه".

قال أبو القاسم صاعد: "كان أبوه من وزراء المنصور محمد بن أبي عامر، ثم وزر للمظفر، ووزر أبو محمد للمستظهر عبد الرحمن بن هشام، ثم نبذ هذه الطريقة، وأقبل على العلوم الشرعية، وعني بعلم المنطق وبرع فيه، ثم أعرض عنه".

قلت (الذهبي): "ما أعرض عنه حتى زرع في باطنه أمورا وانحرافا عن السنة".

وقد حط أبو بكر بن العربي على أبي محمد وعلى الظاهرية في كتاب القواصم والعواصم، فقال: "هي أمة سخيفة، تسورت على مرتبة ليست لها، وتكلمت بكلام لم نفهمه".

قلت (الذهبي): "لم ينصف القاضي أبو بكر شيخ أبيه في العلم، ولا تكلم فيه بالقسط، وبالغ في الاستخفاف به، وأبو بكر فعلى عظمته في العلم لا يبلغ رتبة أبي محمد، ولا يكاد، فرحمهما الله وغفر لهما".

ثم قال (الذهبي): "ولي أنا ميل إلى أبي محمد لمحبته في الحديث الصحيح، ومعرفته به، وإن كنت لا أوافقه في كثير مما يقوله في الرجال والعلل، والمسائل البشعة في الأصول والفروع، وأقطع بخطئه في غير ما مسألة، ولكن لا أكفره، ولا أضلله، وأرجو له العفو والمسامحة وللمسلمين.

وأخضع لفرط ذكائه وسعة علومه، ورأيته قد ذكر – أي ابن حزم- قول من يقول: أجل المصنفات (الموطأ).

فقال: بل أولى الكتب بالتعظيم (صحيحا) البخاري ومسلم" وكانت وفاته شريدا في البادية بعد أن أقصته الملوك وشردته عن بلاده حتى انتهى إلى بادية لبلة فتوفي بها آخر نهار الأحد لليلتين بقيتا من شعبان، وقيل: إنه توفي في منت ليشم، وهي قرية له، وقد جاوز التسعين.


الوزير عميد الملك، أبو نصر محمد بن منصور بن محمد الكندري، وزير السلطان طغرلبك.

كان أحد رجال الدهر شهامة وكتابة وكرما.

ولد سنة 415هـ بقرية كندر في نيسابور.

تفقه لأبي حنيفة، وتأدب، ثم صحب رئيسا بنيسابور، فاستخدمه في ضياعه، ثم استنابه عنه في خدمة السلطان طغرلبك، فطلبه منه، فوصل في خدمته، وصار صاحب خبرة.

ثم ولاه خوارزم، وعظم جاهه.

وعصى بخوارزم، ثم ظفر به السلطان، ونقم عليه أنه تزوج امرأة ملك خوارزم فخصاه, ثم رق له فداواه وعوفي, واستوزره وله إحدى وثلاثون سنة, فقدم بغداد، وأقام بها مدة، ولقبه الخليفة بسيد الوزراء, ونال من الجاه والحرمة ما لم ينله أحد.

قال الذهبي: "كان كريما جوادا، متعصبا لمذهبه، معتزليا، متكلما له النظم والنثر".

قال ابن الأثير: "كان شديد التعصب على الشافعية، كثير الوقيعة في الشافعي رضي الله عنه، بلغ من تعصبه أنه خاطب السلطان في لعن الرافضة على منابر خراسان، فأذن في ذلك، فأمر بلعنهم، وأضاف إليهم الأشعرية، فأنف من ذلك أئمة خراسان، منهم الإمام أبو القاسم القشيري، والإمام أبو المعالي الجويني، وغيرهما، ففارقوا خراسان، وأقام إمام الحرمين بمكة أربع سنين إلى أن انقضت دولته، فلما جاء الوزير نظام الملك، أحضر من انتزح منهم وأكرمهم، وأحسن إليهم, وقيل: إن الكندري تاب من الوقيعة في الشافعي، فإن صح فقد أفلح، وإلا فعلى نفسها براقش تجني" في هذه السنة قبض عليه ألب أرسلان، وسجنه ببيته ثم أرسل إليه من قتله.

قتل بمروالروذ في ذي الحجة.

وكان قد قطعت مذاكره ودفنت بخوارزم، فلما قتل حمل رأسه إلى نيسابور.

ولهذا قال ابن الأثير: "ومن العجب أن ذكره دفن بخوارزم لما خصي، ودمه مسفوح بمرو، وجسده مدفون بكندر، ورأسه مدفون بنيسابور، فاعتبروا يا أولي الأبصار".