أنتشي بكركراتِ طفولتكِ وهي تتكدّسُ على عُشْبِ عُمري الذابلِ، بالكريستالِ الذي يتكسَّرُ، يا امرأةً من ذَهَبٍ وقَيمرٍ ودموعٍ.. |
أحاولُ لملمةَ هذا البحرَ الذي ينسلُّ من بين أصابعي، وأعني: شَعركِ الطويلَ مذرذراً زَبَدَهُ وياسمينَهُ على الشوارعِ.. أينما تذهبين، تفضحكِ رائحةُ البحرِ وسِرْبُ الفَراشاتِ المحلّقة.. والمراكبُ |
أنتشي بنُعاس عينيكِ على النافذة |
أنتشي باسمك،ِ نافورة موسيقى.. |
أنتشي بقمحِ أنوثتك |
بالأُغنية التي أردّدها دائماً: |
"أنا العُصفورُ |
وأنتَ الطفل |
إذا لم تستطعْ أنْ تُطلِقَني |
فاتركْ لي - على الأقلِّ - خيطاً أطّولَ.." |
خيطاً من الدموعِ |
خيطاً من الذكرياتِ |
خيطاً من الأحلامِ |
أَتَعْرِفين كمْ يُعذِّبُني هذا الخيطُ المُلتاعُ |
الخيطُ النحيلُ - كالآهِ - الذي يَفْصِلُني عن الغاباتِ ومصابيحِ الشوارعِ، وصخبِ الأصدقاء،... |
ما لكِ تُمسِكين الخيطَ بهدوءٍ ودُرْبَةٍ |
كأن ليس في نهايتِهِ، يَرْتَعِشُ عُصفورٌ أحمقٌ مُبلَّلٌ؛ هو قلبي |
ما لكِ تذهبين إلى سريرِ نومكِ؛ وتنسين عَبقَ جسدكِ في دمي، فلا أنام |
ما لكِ تخوضين في الموجِ إلى ركبتيكِ، وتنسين شَبَقَ الرملِ في شفتيَّ |
ما لكِ تغارين من القصائدِ، وهي مراياكِ وقناني العِطْرِ والكرسيُّ الخجولُ |
هكذا أنتِ، لاهية بكلِّ شيءٍ - كطفلِ الأُغنيةِ – |
ومتدفّقة بالحنينِ كجسرِ الصرّافيَّة |
وحزينة كقوسِ قزحٍ يتبدَّدُ... |
وأنا لفرطِ بهائكِ |
للجنونِ الذي يتسكّعُ معي في شوارعِ حبّكِ |
أحاولُ تدجينَ هذا القلب ليكون أقلَّ شراسةً وجنوناً |
كي لا يخدشَ نعومتكِ |
أعلّمه "أتكيت" الجلوس في حضرةِ جمالكِ الآسرِ |
كي لا يَمُدَّ أصابعَهُ إلى شَعرِكِ ويَسْرِق نجمةً أو برتقالةً |
أحذّره من ترديدِ اسمكِ - على الأقلِّ - بين الأشجارِ والنساءِ والصحفِ، كي لا نكون - أنتِ وأنا - فضيحةَ العصرِ على الألسنِ... |
لكنْ هذا القلبَ العاقَّ الغريرَ |
رغم الوصايا |
يقعُ في الحماقاتِ نفسها |
ماذا أفعلُ؟ |
إذا كان هذا القلبُ |
لا يريدُ أنْ يَكْبَرَ |
* * * |