لا يَصرفَنَّك ،عن قَصْفٍ وإصْباء
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
لا يَصرفَنَّك ،عن قَصْفٍ وإصْباء | مَجْموعُ رَأي . ولا تَشْتيتُ أهْواءِ |
وَاشرَبْ سُلافاً كَعَين الدّيك، صافية ً، | منْ كَفّ ساقِيَة ٍكالرِّيم . حَوْراءُ |
صَفرَاءُ ما تُركتْ، زَرْقاءُ إنْ مُزجتْ، | تسْمو بِحَظَّين من حُسْنٍ ، ولألاءِ |
تَنْزو فَواقِعُها منها ،إذا مُزِجَتْ ، | نَزْوَ الجَنادِبِ منْ مَرجِ وأفْياءِ |
لها ذيولٌ من العقيان تَتْبَعُها | في الشّرْق والغرْب في نورٍ وظَلماءِ |
لَيسَتْ إلى النّخل وَالأعناب نِسبَتُها | لكنْ إلى العَسَلِ الماذِيِّ والماءِ |
نِتاجُ نَحْلِ خلايا غيرِ مقْرِفَة ِ . | خُصّتْ بأطْيَب مُصْطافٍ ومَشتاءِ |
تَرْعى أزاهيرَ غِيطانِ وَأوْديَة ٍ، | و تَشْرَبُ الصَّفْوَ منْ غُدْرٍ وأحساءِ |
فُطْسُ الأنوفِ ، مَقاريفٌ ،مُشَمِّرَة ٌ ، | خُوصُ العيونِ ، بَريئاتٌ منَ الدَّاءِ |
مِنْ مُقربٍ عُشَرَاءٍ، ذاتِ زَمزَمة ٍ، | وَعائِذٍ مُتّبَعٍ منها، وَعَذراءِ |
تَغدو، وَتَرْجعُ لَيلاً عَن مَساربِها، | إلى مُلوكٍ ذَوي عِزٍّ وَأحْباءِ |
كلٌّ بِمَعْقِلِهِ يُمضي حُكومَتَه ، | مِنْ بُرْج لَهوٍ، إلى آفاق سَرّاءِ |
لمْ تَرْعَ بالسّهْل أنْواعَ الثّمار، ولاَ | ما أيْنَعَ الزّهْرَ مِنْ قَطْرٍ وَأنْداءِ |
زَالَتْ وَزلْنَ بطاعات الجِماع، فَما | يَنِينَ في خُدُرٍ مِنها وَأرْجاءِ |
حتّى إذا اصطَكَّ منْ بُنْيانِها قُرَصٌ | أرْوَيْنها عسَلا من بعدِ إصْداءِ |
وآنَ مِنْ شُهْدها وَقْتُ الشيّار، فلم | تَلبَثْ بأنْ شُيّرَتْ في يَوْم أضْواءِ |
و صفّقوها بِماءِ النِّيلِ ،إذْ برَزَتْ | في قِدر قَسٍّ كجوْف الْجُبّ رَوْحاءِ |
حتّى إذا نَزَعَ الرُّوَّادُ رَغْوَتَها، | و أقْصَتِ النّارُ عنها كلَّ ضَرّاءِ |
اسْتَوْدَعوها رواقيداً مُزَفَّتَة ً، | مِنْ أغْبَرٍ قاتِمٍ مِنها وغَبْرَاءِ |
و كُمّ أفْواهُها دَهْرا على وَرَقٍ | منْ حرِّ طينة أرضٍ ،غيرَ مَيثاءِ |
حتّى إذا سكَنَتْ في دَنّها، وَهَدَتْ | منْ بعدِ دمْدَمَة ِ منها وضَوضاءِ |
جاءَت كَشَمسِ ضُحىً في يَومِ أَسعُدِها | مِن بُرجِ لَهوٍ إِلى آفاقِ سَرّاءِ |
كأنّها ولِسانُ الماءِ يَقْرَعُها، | نَارٌ تأجّجُ في آجام قَصْباءِ |
لَها مِنَ المَزْج في كاساتِها حَدَقٌ، | تَرْنُو إلى شَرْبِها مِنْ بَعد إغْضاءِ |
كَأَنَّ مازِجَها بِالماءِ طَوَّقَها | مَنزوعَ جِلدَةَ ثُعبانٍ وَأَفعاءِ |
فَاِشرَب هُديتَ وَغَنِّ القَومَ مُبتَدِأً | عَلى مُساعَدَةَ العيدانِ وَالناءِ |
لو كان زهدك في الدنيا كزهدك في | وصْلِ مشَيْتِ بلا شكٍّ على الماءِ |